استقبلت عدداً كبيراً من المكالمات والرسائل من مواطني الولاية الشمالية، محليات مروي والقرير والدبة؛ يشكون من انقطاع التيار الكهربائي بصورة (مزعجة) للغاية، رغم (إقامة وسكن) السد بمروي، وقالوا إن سد مروري استفادت منه بقية ولايات السودان المختلفة عدا الولاية الشمالية التي ما زالت تقبع في الظلام، فإذا انقطع التيار الكهربائي هناك فحتماً لن يعود إلا بعد مرور (24) ساعة على الانقطاع، ولا يدرون ما هي الأسباب لثبوت ال24 ساعة، وأضافوا أن في حالة هطول الأمطار أو ارتفاع درجات الحرارة أو حتى إذا هبت نسمة أو تصاعدت الرياح؛ فإن التيار حتماً سيختفي ليعود بعد يوم كامل، ليجد كل شيء قد انتهى.. فما بداخل الثلاجات يكون قد أصابته (بكتيريا التعفن) ليرمي أهلنا هناك كل ما بداخلها بعد أن كانت (الثلاجة) هي الوحيدة التي تسهم في الاقتصاد المنزلي وتخفف على الكثيرين أعباء المعيشة لكونها تحفظ ما بداخلها (بواقي الأكل) التي كان يُرمى بها في السلة، وذلك قبيل أن تحتفل الولاية الشمالية بالكهرباء وتحتضن أكبر سد في أفريقيا والشرق الأوسط. حقاً (باب النجار مخلع).. فهل يعقل مثلاً أن ينعم بكهرباء مروي كل السودان ما عدا الشمالية التي أفردت له صدرها الحنون وتركت جيرانها وأهلها وعشيرتها و(تذكار الزمان الفات) ليتم ترحيلهم طوعاً لا كرهاً بعد أن اقتنعوا بأهمية السد الذي سيغير مسيرة حياتهم وتتحول منازلهم بعد الإضاءة إلى واحة من نور وهم يودعون نور (الفوانيس) و(الرتاين) و(اللمبات) بمختلف أشكالها وأنواعها؟ نعم تغنوا مع الشاعر حاتم حسن الدابي وهو الذي قال في حق السد والكهرباء: خلاص راحلين لديارنا وبتبحر بكرة السفينة ووداعاً سكن البنادر خلاص يا هم بيك رضينا إلى أن يقول: نضوق نعمك يا الكهارب لا (لمبة) ولا (رتينة) فبعد الحال الذي اشتكى منه معظم مواطني الولاية الشمالية، فلا أظنهم «سيضوقون» نعم الكهارب، بل إن معظمهم بات يبحث عن اللمبة والرتينة القديمة لتتربع على عرشها ولسان حالهم يقول من (نسى قديمو تاه). فيا وزارة الكهرباء والسدود، هذا هو لسان حال أهلنا في الشمالية الذين ما زالوا يعانون، خاصة أن الشمالية تعتبر من أكثر الولايات بالسودان التي لم تنل حظها من التنمية، ورغم ذلك ظل أهلها صامتين وفي انتظار (بكرة أحلى) ولكن رغم السد فإنهم لم يتذوقوا طعم (الحلاوة) فانقطاع التيار وإصراره على الانقطاع جردهم من كل شيء حتى حاسة (الذوق).. فالحلاوة لم يعد طعمها حلواً بعد أن تبددت حلاوتها وسالت كالمياه مع انقطاع التيار.. فالأطفال الذين يعشقون الشيكولاتة والحلوى تركوها لأنها بحاجة إلى كهرباء حتى تحتفظ بقوتها. إذن من المسؤول عن استمرار انقطاع التيار في ولاية حولت معظم أراضيها إلى مرفق إستراتيجي يستفيد منه كل أهل السودان؟ فهل يعقل أن يكون هذا هو الجزاء؟ فالإحسان يكون جزاؤه الإحسان.. ما دام أهل الشمال قدموا الحسنة والسبت وهم يتنازلون عن أراضيهم ومنازلهم ومشاريعهم في مشهد تاريخي. رحلت وكان ثمن أرضك وطن خيراتو ما بتتعد ورحلت (عشان أدروب وعشان إسحاق وعشان أحمد)، نعم رحلوا من أجل أهل السودان كلهم، كما جسدها الشاعر خالد شقوري في ملحمة السد (ويبقى السد حكاية جيل رفع عزة بلادو علم). فمن هنا نناشد وزارة الكهرباء بضرورة حل هذه الإشكالية ولا أظن أن هناك مبرراً لاستمرار انقطاع التيار في حالة نسمة أو (هبوب) عابرة، (فيا دوبك) الشمالية تغيرت ملامح الحياة فيها فكيف، تُعاد للمربع الأول مرة ثانية، وهل هم لا يستحقون أن ينعموا (بالكهرباء)؟.. حتماً لا وألف لا، فالشمال هو شمال الكرم حتى وإن تحولت (الثلاجات) هناك إلى دواليب، فإنهم سباقون للكرم. الشمال معروف بالكرم بدليبو الدق ورزم اسمع الطنبور ترنم والبنات حافظات للقيم في جمالن حار الفهم الرسول عدو جروحي كم إلى أن يقول: شوف جنائنا العامري تب وشوف فواكهنا الفي العلب وشوف محمد وعاشة ورجب وداك قمري يلقط الحب.