{ يبلغ الهلع حدَّه الآن في قلب الفريق أول «سلفاكير ميارديت».. حتى أنَّه يرتجف من مقالنا «أمس» و«أمس الأول» فيُصدر قراراً إلى سلطاته الأمنيّة والعسكريّة (الجيش الشعبي) بحظر دخول (الأهرام اليوم) إلى جنوب السودان..!! { الآن يضع «سلفاكير ميارديت» قُبّعة الرئيس الأوغندي «يوري موسفيني» ويتمثل شخصيته العسكريّة (الدمويّة) فيطغى على شعب الجنوب.. بل على جميع أفراد شعب السودان.. ثم يخشى على نفسه من (الاغتيال)..!! كما قال في تصريحاته المهزوزة قبل أيام..!! { ماذا تفعل حاشية الرئاسة من أعضاء وفد نائب الرئيس في جوبا وحكومة الجنوب تمنع (الصحف) من دخول الجنوب.. أثناء وجودهم العامر في قصر «سلفاكير ميارديت»..؟!! { والصحف في «مصر».. الدولة الراسخة.. والباذخة بهيبة الرئاسة والمترعة بطقوس الحكم وتُراتبية السلطات.. الصحف في مصر تكيل (الشتائم) للرئيس «مبارك» وابنه «جمال» كل صباح، فلا يغلق باب صحيفة.. ولا تُصادر نسخة واحدة.. ولا يُعتقل صحفي مهما بلغ حد الشتائم..!! والدولة - رغم ذلك - باقية.. والرئيس «مبارك» (82 عاماً) باقٍ.. والدولة لا يرمش لها جفن..!! { الأسبوع الماضي، كنت بالقاهرة، فطالعت مقالات بصحف مثل «الدستور»، و«المصري اليوم» لو أن بعضها نُشر في الخرطوم لقامت الدنيا.. ولم تقعد..!! { وصحفي شاب اسمه «أحمد فكري» يكتب في «الدستور» مقالاً يقول فيه «إن حسني مبارك لم يكن يحلم بأن يصبح سفيراً لمصر في عهد السادات، دعك من أن يحلم بالرئاسة.. وأنه كان ضعيفاً ولم يكن أهلاً للقيادة.. وأنه.. وأنه..»..!! { و«إبراهيم عيسى» رئيس تحرير «الدستور» السابق قال في الرئيس «مبارك» ونجله.. ما لم يقله «الحُطيئة» في قصائد الهجاء الجاهليّة.. و«الحُطيئة» هجا كل الناس.. حتى «أُمَّه» لم تسلم من هجائه..!! { ولو أعدنا نشر مقال الكاتب الشاب «فكري» عن الرئيس «مبارك» في (الأهرام اليوم) السودانيَّة.. لأغلقوها بالضبة والمفتاح قبل أو بعد تدخُّل السفارة المصرية..!! لكنه نُشر في القاهرة.. ويُنشر أسوأ منه كل يوم.. وكأنَّ شيئاً لم يكن..!! { ورؤساء التحرير في مصر - (لا أقصد رئيس تحرير «الأهرام» فإنه دولة أخرى) - يهاتفهم رئيس الوزراء «أحمد نظيف».. ويطلب مقابلتهم لتوضيح بعض الأمور.. وقد يرفضون مقابلته.. أو الأخذ برأيه كما ذكر «مجدي الجلاد» رئيس تحرير «المصري اليوم» في إحدى مقابلاته مع قناة «دريم»، وبالمناسبة فإن توزيع هذه الصحف المصرية لا يزيد عن توزيع «الأهرام اليوم» أو «آخر لحظة» أو «الانتباهة».. مثلاً. أما (الأهرام) فوضعها مختلف.. فتلك صحيفة الدولة.. ولذا فإن حجمها بحجم الدولة المصرية.. وهي لا تدفع الضرائب.. ولا الجمارك.. ولا رسوم الكهرباء.. ولا المياه.. ولا العوائد.. ولا النفايات.. ولا.. ولا.. كما هو الحال في صحف السودان.. ورغم ذلك تتحدث حكومتنا عن رغبتها في أن تتطور صحفنا.. وتكبر.. وتصبح مؤسسات ضخمة رغم كل هذه القيود وسلاسل التكبيل الاقتصادي والسياسي والقانوني..!! { أما «سلفاكير ميارديت» فلا علاقة له بكل هذه القصة.. فلا هو سياسي حتى يدافع عن حرية التعبير.. ولا هو ناشط سابق في مؤسسات المجتمع المدني ليعرف معنى إيقاف (صحيفة) ومصادرة (عدد)..!! { «سلفاكير» يُكذَّب الآن كل ادعاءات «باقان أموم».. ويمسح بقطعة بالية كل الكلمات الجوفاء والعبارات الكذوبة عن الحريات وحقوق الإنسان التي ظل يزعجنا بها «ياسر سعيد عرمان».. أين اختفى هذا (النمر) الورقي المزيف؟! لماذا لا يخرج علينا اليوم بتبريراته العرجاء لقرار الطغمة العسكرية الباغية في «جوبا»؟! لماذا لا يبحث في معجم مصطلحاته المرتبكة عن سياق يسوِّغ به فعلة «سلفاكير» وجيشه البربري الذي صادر عدد «الأهرام اليوم» ليوم أمس الأربعاء..؟ ومن يدفع خسارتنا للمطبعة ولشركات الطيران التي لم تعمل بقرار الرئاسة بنقل الصحف مجاناً إلى الجنوب..؟ هل سيدفعها الذين سرقوا (6) مليارات دولار من أموال شعب الجنوب البائس الفقير؟! { إن حكومة الجنوب بهذا السلوك القمعي.. والإجرامي.. إنما تؤكد أنها (غير مؤهلة) للإشراف على إقامة (استفتاء) حر.. ونزيه.. فإذا كانت تمنع الصحف من التداول فإنها بالتأكيد ستمنع المواطن الجنوبي من الإدلاء بصوته بحرية كاملة دون التدخل في خياره. { إجراء الاستفتاء في وجود هذا الحكم في الجنوب جريمة كبرى في حق الوطن.. وخيانة عظمى للشعب السوداني. { اتفاقية السلام تقول بضرورة توفُّر (ظروف مناسبة) لإجراء الاستفتاء.. وهذه الظروف غير متوفرة الآن.. { فأعلنها يا «نافع علي نافع» اليوم قبل الغد.. (لا استفتاء.. إلاّ برجوع قوات الجيش الشعبي إلى مواقع انتشارها حسب بروتوكول الترتيبات الأمنية.. لا استفتاء إلاّ بإخلاء «جوبا»و«ملكال» و«واو» من عساكر الجيش الشعبي). { اتفاقية السلام قالت بوجود (قوات مدمجة) في جوبا ولم تقل بهذا الاجتياح (الأرعن).. { عن أيّة اتفاقية يتحدثون؟ أليست ورقاً بين أيدينا.. أم أنهم يتحدثون عن اتفاقية أخرى؟! { إنها حرب عصابات جديدة..