بعد أن فاز والي ولاية شمال كردفان الأستاذ معتصم ميرغني حسين زاكي الدين في الانتخابات الأخيرة منذ أكثر من ستة أشهر ما زال الرجل يتلمس خطاه بوضع أرجله في المواضع الصحيحة حيث لم تتضح للعيان ملامح سياسته وخططه التي وعد بها جماهير الولاية مما جعل الشارع الكردفاني يحلل وبذكاء مدلولات الفترة. ولم تخف هذه التحليلات السخط من بعض المضامين التي برزت من السمات العامة لخارطة الطريق التي يرسمها الوالي الجديد. ومعروف أن الاستاذ ميرغني قبل ولايته الولاية رجل نظيف الوجه واليد واللسان وهو عفيف ومترفع عن بعض الصغائر ولا يتعامل بردود الأفعال منذ أن كان في التعليم وبعد أن دخل المعترك السياسي ودخوله للمجلس التشريعي وإسهامه في قيادة المؤتمر الوطني بالولاية في تفعيل برامجه. كما هو معروف عنه ذلك الصبر السياسي الذي يمتاز به في امتصاص كافة الصدمات التي يتعرض لها إلا أن الوضع مختلف بعد ولايته للولاية، لأنه أصبح الآن المسؤول الأول والأخير عن كافة الولاية وفي كافة المجالات، ونجاح أي مرفق أو فشله يعني نجاحه شخصياً في هذه المرحلة من مراحل التكوين الجنيني لسياسة الولاية. ومعروف أيضاً أن ولاية شمال كردفان ولاية ذات خصوصية جعلت من انسانها ناقداً فطناً لا تفوت عليه فائتة وقارئاً جيداً لمجريات الأمور والأحداث ومحللا لبيبا للأوضاع والتصرفات فإذا مات الشاذلي فإن ألف شاذلي آخر موجود على قارعة الطريق. ومن العجيب أن الوالي قد جاء في زمن تجاوزت فيه الولاية بعض أزماتها المتجذرة مثل الكهرباء والماء وهي أكثر المعضلات التي كانت تعصف بالولاية وتؤرق مضاجعها كما أن الخريف مبشر بخير وفير وزراعة ناجحة حتى الآن إلا أن الوالي يجد من أقرب الأقربين إليه في قيادة دفة الحكم النقد العلني والمستور بل ذهب البعض إلى أكثر من ذلك حيث وردت تقارير عن ضعف الوالي وعدم قدرته في اتخاذ القرارات وإمساكه بكافة النواحي والمعينات لطرح البرامج والخطط مما حدا بتلك الفئة أن تعمل على تعطيل العديد من الأهداف والمرامي التي أكدها السيد رئيس الجمهورية لولاية شمال كردفان ضمن البرنامج الانتخابي العام وإن نفس الفئة نست أو تناست كما قلنا في أول هذا المقال أن الفترة في بداية البداية ولكنها في ذات الوقت استفادت من تأخر إعلان الوالي لسياسته لشعب الولاية لأنها حتى الآن لم تر ما كانت تراه في الولاة السابقين من تفاعل وحراك سياسي وحركي وتفاكري واجتماعي ومؤسسي مدروس وموضوع في برنامج يتمرحل ويتنوع بتنوع التخصصات. إن الولاية لا تمتلك مكتبا صحفيا متخصصا يعكس ما يدور وما يجري ولا يخفى أن أهمية الإعلام اصبحت ضمن السياسات الناجحة التي تنتهجها أي جهة لها أفكار وبرامج تود تمليكها للناس على الوجه الصحيح وأن غياب المكتب الصحفي المتخصص يعني حضور الجانب المضاد وتزييف الحقائق وتوجيهها حسب المرمى والهدف وذلك ما يحدث في ولاية شمال كردفان وهي ولاية تؤثر وتتأثر بما يدور في العالم أجمع والذي اصبح من الصعب جداً إخفاء أي خبر أو حدث أو حديث مما يؤكد أهمية الإعلام ودوره. إن النجاح في ولاية شمال كرفان مرهون بالإنسان الكردفاني نفسه وهو إنسان مبدع وخلاق ووطني وفاعل ومتفاعل نحو الابتكار والتجديد وقد ذاق الأمرين في الحقب الزمنية الماضية والمتعاقبة حتى صنف من المغضوب عليهم وذلك ما على الوالي أن يوليه جل اهتمامه لأنه جاء بأصوات هذا الشعب الذي لا يرجو غير العيش الكريم في ولاية من أغني الولايات وأكثرها حظوظاً في توفير مناخ الأمن والسلم والتعايش السلمي، بالاضافة إلى أنها الولاية الوحيدة في السودان التي ظلت خارج صندوق دعم الولايات وهو دليل على قدرتها على الاعتماد على مواردها الذاتية. ان ولاية شمال كردفان بكل ارثها التاريخي والنضالي لا تعرف الخبث السياسي ولا الحقد الشخصي في المناصب بل أكدت هذا التاريخ مواقف خالدة ومشرفة مازالت تتناقلها الألسن فاذا كان الخلاف في المؤتمر الوطني وهو خلاف بلا شك في الآراء والأفكار يجب أن يكون بعيداً عن مصالح الولاية لأن المركز أيضاً يقيم كل تقرير يأتي إليه ويبني عليه سياساته، وبالتالي فان أي تقرير غير دقيق بلا شك لا يجعله يحترم مقدمه بل العكس فإن احتقاره أقرب إلى أن يضر بصاحبه قبل أن يضر غيره. إن الولاية تذخر أيها الوالي بالعديد من الحادبين على مصلحة الولاية وإن كانوا خارج الحسبة السياسية وهم أهلك وأصدقاؤك ومعارفك فقط هم في حاجة إلى الوضوح ولا شيء غير الوضوح كما أنك تتمتع داخل الأمانة بزمرة من الكفاءات الإدارية، حاول أن تتجانس بدفء وبمودة حتى تخرج بالولاية من الزجاجة التي ضاقت لحد الاختناق، ولعمري ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق إن وجدت الإهمال والاستهتار والتعالي والظلم. إن ذاكرة أهل كردفان دونت تلك الوعود الانتخابية وبدأت منذ اليوم الأول برصد كل كبيرة وصغيرة لتقدمها في كشف حساب في الانتخابات القادمة لأن عجلة الزمن متسارعة والأربعة أعوام تمضي كما يمضي السحاب وسيكون هذا الرصيد هو الوحيد القادر على استمرارية الحكومة إذا أضفنا إليه ما استفادت منه الأحزاب الأخرى من التجربة وأخطائها التي جاءت بك والياً راعياً لا سادياً متسلطاً على معايش الناس وأرزاقهم وحياتهم.