خلّفت الانتخابات التي جرت في السودان 11 أبريل 2010م صراعات دموية في الجنوب على خلفية إعلان المستقلين رفضهم نتيجة الانتخابات وتمسكهم بحقهم في النِّسب التي قالوا إنها تؤهلهم للفوز بمناصب الحكام، واتهموا الحركة الشعبية بالتلاعب بالنتائج، وعلى خلفية ذلك أعلن الفريق «جورج أطور» تمرده على الجيش الشعبي وتحصّن في منطقة «خور فلوس»، ثم لحق به الجنرال «ديفيد ياو ياو» قائد مجموعة «الكوبرا» بمنطقة على ضفة نهر «البيبور»، فيما تحصن العقيد «قلواك قاي» والعميد «مايكل ماقور» في أدغال ولاية الوحدة الغنية بالنفط، واندلع القتال، فجرت الوساطات هنا وهناك، ومع اقتراب موعد الاستفتاء على حق تقرير المصير لشعب الجنوب وحالة الترقب والحذر من اندلاع العنف ليشمل مناطق أخرى، دخلت حكومة الجنوب في مفاوضات مباشرة مع الفصائل المنشقة، بل قدمت تنازلات من أجل إنهاء الوضع المتوتر في الجنوب، وإن كان ديفيد «ياو ياو» مازال يحذر من خطورة الوضع في حالة الانفصال، بل أبدى خشيته من تكرار تجربة رواندا في الجنوب. { حكومة الجنوب أعلنت العفو عنكم؟ ونحن من جانبنا أعلنا وقف إطلاق النار. { إذن ستدخلون المفاوضات؟ نحن نطالب بضمانات لدخول المفاوضات، بل ضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه؛ لأننا نخشى أن تتم تصفية قضيتنا وقادتنا، وإلى الآن لم نجد تأكيداً من قبل حكومة الجنوب بحرصها على التفاوض. { ولكنها بدأت الآن بالحوار الجنوبي الجنوبي؟ صحيح أن هنالك حواراً الآن على صعيد الأحزاب السياسية في جنوب السودان والفصائل المنشقة بل هنالك تفاوض مع الفريق جورج أطور كقائد لهذه الفصائل، ولكن الذي يجعلنا نتخوف من نوايا حكومة الجنوب أنهم مازالوا يهاجمون قواتنا رغم إعلان وقف إطلاق النار، وأمس الأول «الأحد» تعرضت قواتنا لهجوم في البيبور من قبل الجيش الشعبي وقُتل أحد ضباطنا. { الحركة الشعبية ترغب في توقيع اتفاق معكم؟ الحركة تريد ذلك حتى تستطيع إجراء الاستفتاء في مواعيده وتضمن النتيجة التي تريدها. { عن أيّة نتيجة تتحدث؟ الأمور الآن تتجه نحو الانفصال. { ولكن إذا حدث؟ لا أعتقد أن الأمور ستكون جيدة؛ فالذين يعملون الآن من أجل الانفصال هم مجموعة لديها مصالح ولا أتوقع أن يستفيد المواطن الجنوبي منه أكثر من المسؤولين، وسترتفع نسبة الفساد في الجنوب. لذا أقول إن الذين يطالبون بالانفصال هم فاشلون في تحقيق مشروع الحركة الشعبية. { إذن الواقع قد يكون أسوأ؟ نعم، أتوقع صراعات قبلية وأخشى أن تتكرر أحداث رواندا التي شهدت صراعات عنيفة. عموماً أستطيع القول إن هنالك جماعات ستستفيد من انفصال الجنوب، بل تطمع في ثرواته. { مثل من؟ بالطبع سيكونون «الخواجات» وهم شغالين نهب في الجنوب. { هل زالت أسباب تمردكم الآن؟ دعني أقول لك إننا عندما أعلنا الحرب وانشققنا عن الجيش الشعبي كانت هنالك أسباب دفعتنا لذلك وأعتقد أن هذه الأسباب إذا لم تعالج معالجة جذرية فحتماً ستتفجر الأوضاع مجدداً. { قلت إن لديكم أسباباً؟ نعم، أنتم لا تدرون حقيقة الوضع هنا، إن ما يجري لقبيلة المورلي هو استهداف وتهميش، هجمات وغارات قبلية لنهب أبقارهم وتهميشهم في السلطة. أتدري يا أخي أن هذه القبيلة لم يكن لديها وزير واحد في حكومة الجنوب ولا في حكومة الولاية، بل حتى في الجيش الشعبي لم تجد من أبنائها من وصل إلى درجة قيادية «كرتبة اللواء»، على سبيل المثال، وهذا أمر محزن أن أقول هذا ولكن هي الحقيقة وظللنا نقولها دائماً في حكومة الجنوب ودفعنا بمذكرة تحوي مطالبنا لهم. { ماهي مطالبكم؟ نحن طالبنا في المذكرة، التي دفعنا بها إلى حكومة الجنوب، بالاعترف بقبيلة «المورلي» وإيقاف كافة الهجمات القبلية ضدها أو أي هجوم من طرف الجيش الشعبي، إضافةً إلى تمتعهم بحقوقهم كمواطنين في جنوب السودان وفق اتفاقية السلام؛ فمنذ عام 2005م وحتى الآن لم تكن هنالك تنمية في «البيبور». { قيل إنكم كنتم تتجهون إلى توقيع اتفاق مع الجيش الشعبي في وقت سابق؟ صحيح كانت هنالك مفاوضات بيننا وحكومة جونقلي بواسطة مجلس الكنائس وهي مفاوضات جاءت عقب عملية الخطف المتبادلة لأُسر بيننا والجيش الشعبي ولكنها فشلت، ثم أجرت قيادة الجيش الشعبي «هيئة العمليات» بعد ذلك اتصالاً بنا ولكنهم قالوا لنا إما أن تسلموا السلاح أو ستواجهون حرباً مع اقتراب شهر ديسمبر. { ماذا عن إقالة السلطان «كوني»؟ هذا أمر مؤسف أن تتخذ السلطات من الجنوب مثل هذا القرار، فنحن بالنسبة لنا، بل بالنسبة ل«المورلي» فإن السلطان «إسماعيل كوني» هو المسؤول الأوحد عن «المورلي» وهذا الأمر لن يكون محل مجاملة فهو جزء من كيان مجتمع المورلي. { عن أيّة ضمانات تتحدثون؟ كما قلت لك نحن نخشى عدم التزام حكومة الجنوب بما نتفق عليه، لذا لابد من طرف ثالث. { تعني الأممالمتحدة؟ نحن لا نمانع في وجود الأممالمتحدة وسيطاً أو ضامناً، رغم أنها لم تكن محايدة طيلة فترة الحرب بيننا والجيش الشعبي، بل استغلت طائراتها لنقل وتوزيع أكثر من (600) قطعة سلاح لشباب الحركة الشعبية وهي مجموعة تم تسليحها ضدنا، أضف إلى ذلك أنها أخلت (26) جريحاً من قوات الجيش الشعبي في معارك بيننا والجيش الشعبي، ولكن رغم ذلك نقبل أن تكون الأممالمتحدة ضامناً لتنفيذ ما نتفق عليه.