الأستاذ عصام الترابي ظل على الدوام لا يعرف ترطيب المواقف وتدليس أفكاره وقناعاته وتغليف الإشارات والمعاني فقد اختار أن يكون مصادماً غليظاً ومحارباً شرساً. وسواء اختلفنا أم اتفقنا معه في أسلوبه ومنهجه، فهو يستخدم المقص كحالة نموذجية ثابتة ومسلك دائم ارتبط بشخصيته وهو ينازل خصومه والذين يتعارك معهم في الضفة الأخرى وقد ارتسمت صورته على جاذبية كبيرة كمقاتل صعب المراس شديد الاندفاع يعرف كيف يحارب أعداءه يمشي ويتخيل أن هنالك شيئاً معادياً يتدفق وراءه ويحاول التربص به!! وفي أغلب الأحايين قد لا يكون عصام الترابي مخطئاً أو البادئ بالمبارزة لكنه سريع الفوران تتغير ملامحه كأنه شمشون، يكون قلقاً على أخذ الثأر واسترداد كرامته من منظوره وقد يقابل الحوار والتفاهم من الزاوية المعاكسة!! والأستاذ عصام الترابي كانت له حكاية مثيرة مع الشهيد الأستاذ محمد طه محمد أحمد وهو صاحب مواقف عنيفة حيال الذين اختلفوا مع والده الدكتور حسن الترابي. ولم يحتمل خلال الأيام الفائتة قيام بعض الأشخاص بإعادة نشر حوار صحفي كان قد أُجري مع شقيقته أمامة والذي ذكرت فيه بأنها لا تمانع في الزواج من كتابي، يهودي أو مسيحي، وفقاً لفتاوى والدها، فقد اعتبر عصام تلك الخطوة بأنها مسيئة للعائلة فكان له موقف غليظ وصل حد التشابك بالأيادي!! وفي السياق يرى المتعاطفون مع عصام الترابي بأنه رجل شجاع نظيف الوجدان لكنه شديد الحساسية والعاطفة نحو والده لا يقبل أن تصوب إليه الضغائن والسهام خصوصاً بعد المفاصلة. ويرى هؤلاء بأن تركيبة عصام النفسية والمزاجية تجعله متحفزاً للدفاع عن نفسه وأهل بيته كما يفعل النسر. ويؤكد هؤلاء بأن عصام شخص صاحب خصال نبيلة. أما معارضوه فهم يرون عصام الترابي رجلا متغطرسا وشرسا يوظف كل قدراته وإمكانياته في أعمال الخشونة وفتح المعارك ولا يتساهل مع خصومه وأنه جريء إلى أقصى حد ممكن ويستطيع تحطيم الأشياء مثل البلدوزر. الأستاذ عصام الترابي حفيد الإمام محمد أحمد المهدي من ناحية والدته السيدة وصال الصديق قد لا يكون له التزام سياسي ساطع وربما يكون متعاطفاً مع حزب والده وهو يبتعد كثيراً عن الأضواء وقد يكون عصام أقرب في الطباع والمزاج إلى ابن خاله بشرى الإمام الصادق وربما يكون كلاهما وجهين لعملة واحدة. وفي الإطار يقول عصام الترابي عن نفسه بأن الغضب الشديد أحد عيوبي لكنني لا أحمل حقداً على أي شخص ويكون غضبي عند الإساءة المقصودة للوالد والأسرة. ويضيف قائلاً هنالك من يحاول اغتيال شخصيتي ويعمل على ضربي تحت الحزام وأن الأقلام التي اتهمتني باللصوصية غضت الطرف عن اللصوص الحقيقيين، وليست لي علاقة إطلاقاً بما يشاع حول تصاديق السكر والسلاح والدولارات بل أن الأقلام التي تنهشني تربت في بيتي وتعرف أخلاقي. «جريدة الأضواء بتاريخ نوفمبر 2003». والمحصلة المنطقية تؤطر إلى وجود بون شاسع بين الدكتور الترابي وابنه عصام في الطباع وطرائق التعامل مع الأحداث السياسية كأنما إكسير الأبوة لا ينتج نسخا كربونية في بعض الأحيان! وبقدر ما يكون الدكتور الترابي هائماً على بساط التمهل والأناة والقدرة على المناورة الطويلة فإن نجله عصام يكون متعجلاً في حسم أموره بالوسائل العملية الخشنة دون الالتفات للظلال والمخرجات. لقد أذهل الدكتور الترابي الكثيرين وهو يدخل الفضاءات البعيدة والأعماق السحيقة وهو يستخدم لسانه الزرب وعلمه الغزير في تقديم الفتاوى والآراء الفقهية عن التجديد في الإسلام من السند والمتن دون أن يجد من يقهر أفكاره وآراءه فكان النصير الأول للمرأة من وحي الشريعة الإسلامية. وفي المقابل يحاول عصام الترابي إطلاق الإعصار على أطروحات والده دون أن يقصد!! ومن الأشياء الثابتة أن الدكتور حسن الترابي عندما جاءت قرارات رمضان التي أعاقت زحفه الكاسح على مستوى البرلمان والتنظيم قرر على جناح السرعة تأجيل المعركة الصدامية مع القصر يومذاك من منطلق امتصاص الفتنة الدموية التي كانت واقعة لا محالة بحسب شهادة الدكتور حسن مكي، وهو موقف ربما يعاكس الأسلوب الذي يتخذه عصام الترابي في تصرفاته. والحكمة الانسانية تصدح قائلة «يفعل اللين ما لا تفعله الشدة»!! والكلمة المؤثرة التي تلامس الوجدانيات أقوى من طلقات البنادق والمدافع!!