{ على الرغم من اختلاف الآراء منذ الأزل وتباينها حول الفارق العمري الأنسب بين الزوجين؛ فإنه لا توجد حتى الآن قاعدة ثابتة للفارق المثالي اللازم بينهما، غير أن العديد من المجتمعات لا تزال لديها تحفظات حول تقدم الزوجة على زوجها عمرياً مهما تضاءل هذا الفارق، رغم أنهم في كثير من الأحيان يقبلون أن يكون الفارق كبيراً بين الزوجين طالما كانت السنوات الفاصلة في رصيد الزوج. { وتبقى ثمة حسابات كثيرة يأخذها الناس بعين الاعتبار في ما يتعلق بعمر الزوج والزوجة، فمنهم من لا يعير الأمر اهتماماً إذ أن الكثيرين أصبحوا يتزوجون من هم أكبر منهم سناً ضاربين بكل استنكارات الآخرين عرض الحائط ربما لقناعة مطلقة بهذا الشريك والسعادة القادمة معه أو لأسباب أخرى ومآرب في نفس يعقوب. وبالمقابل هناك آخرون لا يمانعون في أن يكون الفارق ضئيلاً ولكن يبقى المهم بالنسبة إليهم أن يكون العريس أكبر سناً من العروس ولو بأيام. { ولا يخفى على أحد أن تقدم سن العريس على العروس له اعتبارات كثيرة، يأتي في طليعتها كون ملامح التقدم في السن تبدو على المرأة في وقت أبكر مما تبدو عليه على الرجل وهذا لن يكون في صالحها بأي حال من الأحوال، إضافة إلى أنه ومن الاعتبارات الأساسية أن الأمر يتعلق بقدرة المرأة على الإنجاب ومعدل خصوبتها الذي يتوقف عند سن محددة عكس الرجل، الذي يبقى على قدرته على الإنجاب وإن جاوز التسعين وكان في تمام عافيته. { عموماً، تختلف وجهات النظر، ولكن الأغلبية يرون أن الفارق المثالي يمكن حصره ما بين ثلاث إلى عشر سنوات، على أن يكون الزوج أكبر بهذا الفارق، فما دون ثلاث سنوات يجعل المرأة تبدو أنضج من زوجها وما فوق العشر يعتبر فارقاً بين جيلين بكل اختلافاتهما المزاجية والثقافية ورؤيتهما للحياة وهذا قد يشكل حاجزاً بين الطرفين في التفاهم والاتفاق على تفاصيل حياتهما الزوجية وما يجب أن تكون عليه، إضافة إلى الاختلاف في الاهتمامات والخطط المستقبلية. { والملاحظ دائماً أن الرجل الشرقي يبحث عن زوجة تصغره سناً بفطرته الشرقية، والبعض لا يكترث كثيراً لدرجة التوافق الفكري والثقافي ولا يبحث عن التقارب والانسجام بقدر بحثه عن صبية فتية تضج بالأنوثة والحياة، وهذا أول الأخطاء في مشوار هذه الزيجة حتى وإن بدا فارق السن ملائماً حسب نظرة المجتمع. كما أن الفارق الصغير بين الزوجين يؤدي إلى حدوث الكثير من الخلافات التافهة، لأنهما يتعاملان نداً لند وكثيراً ما تبدو قدرة المرأة على الاحتمال ورجاحة العقل أكثر من زوجها الذي تصدر منه العديد من الحماقات فتبدأ الزوجة في استنكار اهتماماته وتصرفاته التي تراها سطحية ولا تتوافق مع مسؤولياته كزوج، وربما لهذا تجدني غير متحمسة للعلاقات الجامعية حتى وإن كانت جادة لأن الحب أعمى كما يُقال، والانجذاب تجاه زميل الدراسة الذي يقاربني في السن يختلف كثيراً عن الحياة العملية مع رجل أبدو في كثير من الأحيان أكبر منه بحسابات النضج أو كما نعرف فإن الفتيات يكبرن أسرع من الشباب من حيث العقل والجسد. { إذن، الفروقات الضئيلة غير مستحبة، والفروقات الكبيرة مستنكرة، فالزوجة التي تفوق زوجها بسنوات كثيرة تعاني الأمرين من نظرة المجتمع وقلقها من تفكير زوجها في أخرى وعدم توافقها مع تطلعاته ورغباته وأفكاره تجاه الحياة. كذلك الزوج الذي يكبر زوجته بسنوات طويلة يعاني غالباً من الغيرة والشك وعدم التكافؤ في الوضعين الصحي والفكري، حيث تكون الزوجة مقبلة على الحياة بقوة، بينما يتراجع نشاط الزوج الاجتماعي ويبدأ في ممارسة حياته بوقار واتزان. { عموماً، إن الفارق في السن بين الزوجين يشكل قضية غير محسومة تماماً في الكثير من المجتمعات، وبدأت ضروريات الحياة تفرض مبررات أخرى لاختيار شريك الحياة ومواصفاته، وفي كثير من الأحيان مهما بدا الفارق غير ملائم فإن الأمر متروك لذكاء الطرفين وقدرتهما على الاحتواء والتعايش وكيف يجعلان حياتهما الزوجية تنعم بالحب والاحترام لتستمر بأمان. والخلاصة أن مستوى النضج والتوافق الفكري ومفهوم الزواج لدى الطرفين هو الذي يحدد العلاقة المثالية بين الزوجين ودرجة إحساس كل واحد بالأمان، وهو أهم وأجمل إحساس يمنحه الزواج. { تلويح: لا زلت تسألني عن يوم ميلادي؟ سجّل لديك إذن ما أنت تجهله «تاريخ حبّك لي.. تاريخ ميلادي». ربّ أجعل هذا بلداً آمنا وأرزق أهله من الثمرات