الأستاذة أم وضاح، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أولاً اسمحي لي أن أتقدّم لك بإشادة خاصة بزاويتك المقروءة وبقلمك الجريء، مما شجعني على الكتابة لك من غير تردُّد لمعرفتي التامة بإيمانك بحرية الرأي والرأي الآخر. أكتب إليك اليوم والبلاد تمر بأحرج منعطف في تاريخها، حيث لم تبق إلا أيام معدودات على موعد الاستفتاء الذي بعده سيحدد أن يظل السودان واحداً أو ظهور دولة جديدة ! ولا أظن أن هناك حديثاً الآن غير التجاذب والجدل الدائر بين مؤيدي الوحدة والانفصال في هذا الوقت الحساس الذي يتطلب منا جميعاً أن نعمل لضمان إجراء هذا الاستفتاء في ظروف طبيعية تؤدي إلى سلام دائم ومستدام، ولا أظن أن بإمكاننا الوصول إلى هذا ما لم يحدد كل طرف ما له وما عليه. لا أريد أن أبدو متشائماً، ولكن كل الدلائل تؤكد أن انفصال الجنوب ليس إلا مسألة وقت، لذلك يجب علينا التوقف عن التباكي والنظر فقط تحت أقدامنا وتبادل الاتهامات التي لا تفيد أحداً من الطرفين، بل النظر إلى الجوانب المشرقة من الانفصال إن حدث، فبالتأكيد لن يكون نهاية العالم أو زوال دولة الشمال، كما ظل يردد البعض، فالسودان قادر بقوة أهله وخيراته أن ينهض لبناء أمة قوية قادرة على تجاوز كل المطبات باستثمار المساحات الواسعة ونعمة المياه، وكلنا نشاهد الأزمات التي تواجه العالم لإيجاد كفايته من الحبوب. وليس بعيداً عن هذا الموضوع كثيراً ما ينتابني من شعور بالغضب والإهانة وأنا أشاهد مسؤولي الحركة الشعبية يكيلون الاتهامات لشعب السودان واتهامه بالعنصرية والتعالي على مواطني الجنوب، وهو أمر لم يحدث في تاريخ السودان، وكل الدلائل تؤكد هذا، وما الوجود الكثير لمواطني الجنوب في ولايات الشمال إلا دلالة على هذا، فلا يستقيم أن يقيم السجين مع سجّانه، وعلى قادة الحركة الشعبية ألا يخلطوا الكيمان! فمحاولة الحصول على تعاطف العالم الخارجي لا تعني بأي حال من الأحوال توجيه مثل هذه الاتهامات إلى شعب شمال السودان، فإذا كان الجنوبي يعامل كمواطن من الدرجة الثانية فلماذا كل هذا التباكي على البقاء في الخرطوم والمطالبة بمنح الجنسية المزدوجة وإقامة الحريات الأربع؟ هذه الدعوة التي لا أظن أنها ستجد أي أذن صاغية، ليس لمخالفتها القوانين التي تحكم السودان فقط، وإنما ستكون وقوداً لإشعال حرب قادمة. والسؤال الأكبر هنا إذا كان الحركة تريد بقاء مواطنيها شمالاً واحتفاظهم بوظائف يجب أن تذهب لمواطني السودان الشمالي، فلماذا الإصرار على الاستفتاء؟ أم أن كل ما يهم الحركة هو الاستحواذ على نفط الجنوب؟ عموماً نحن نطمئن قادة الحركة بأننا لن نسمح بأن يُعامل مواطنو الجنوب كدرجة ثانية، وسنحرص على توفير كل السبل لإعادتهم إلى أرضهم لينعموا بمعاملة الدرجة الأولى فيها. ومن هنا أناشد كل المسؤولين بالمؤتمر الوطني، بما أنه الحزب المسيطر على الحكم في السودان، الذي تصدى لهذه المهمة بكل ما تحمله من صعوبة، أنه لامساس بجنسية السودان أو التهاون أو التلاعب فيها، لأنها ستكون الغلطة التي لن يغفرها شعب الشمال. وفي الختام أتمنى من كل أبناء السودان الشمالي التوحد والعمل معاً لإقامة دولة قوية متحدة قادرة على بسط السلام في دارفور وكل ربوع السودان. كما لا أنسى أن أكرر شكري للأستاذة أم وضاح على إتاحة هذه الفرصة لأطل على قرائها من خلال زاويتها، سائلاً الله أن يوفقنا ويوفق ولاة أمرنا لما فيه خير البلاد والعباد نادر عبد الحميد طالب جامعي { كلمة عزيزة شكراً الأخ نادر عبد الحميد على الحديث الموضوعي الذي هو من المنطق والواقعية، ما يجعلني أؤكد عليه لسبب واحد يبدو أنه قد فات على فطنة الإخوة في الحركة الشعبية الذين استبدَّ بهم الغرور إلى الدرجة التي يعتقدون فيها أن المنادين بالوحدة من أبناء الشمال هم مجرد طامعين متباكين على بترول الجنوب، ناسين أننا حديثو عهد بهذه الثروة، والسودان الشمالي بتاريخه الممتد ظلت بيوته مفتوحة وكريمة وبازخة العطاء دون أن يكون البترول مجرد عظم في السلسة الفقرية لظهر بلادنا الاقتصادي، وبالتالي فإن حرصنا أن يظل الجنوب قطعة من السودان الواحد فهذا حديث تتحكم فيه عاطفة التاريخ المشترك وعاطفة النسيج الاجتماعي الذي لا نريد له «ينفتق» ويتحول إلى إشلاء، إما إن كانت الحكاية بترولاً فليطمئن قادة الحركة وهم خير العارفين أن الشمال لن يجوع وبه مشروع الجزيرة، والشمال لن يجوع وبه أراضي خصبة ممتدة بفولها وعدسها وبصلها، والسودان الشمالي قادر على حماية كل شبر في أراضيه، والحركة برجالها هي أدرى الناس بإخوان فاطمة، ولو استدعى الأمر أن تستنفر فاطمة لن تتأخر واحدة، لذلك فإن الحديث الاستعلائي لبعض قادة الحركة حول قضية الانفصال هو حديث يغالط المنطق والواقع وحقيقة الاشياء، ولو أن قادة الحركة نزعوا النظارة الأمريكية عن عيونهم لأدركوا أنهم الخاسرون! { كلمة اعز جميل جداً أن تقوم عربات دوريات الشرطة المرورية بتوعية المواطن بإرشادات مهمة، إن كان راكباً أو راجلاً، لكن بعض هذه الإرشادات فيها ما هو مخالف للواقع، إذ أنني استمعت لمايكرفون العربة المرابطة في تقاطع المؤسسة بحري وهي ترشد الراجلين بضرورة استخدام المناطق المخصصة للمشاة، فتلفتُّ يميناً ويساراً وعلى امتداد بصري فلم أشاهد الخطوط البيضاء، اللهم إلا إن كانت خطوطاً وهمية كخط غرينتش أو خط الاستواء!!