أجراه: مزمل عبدالغفار سلمى معروف على إثر الهجوم العسكري الذي شهدته ولاية سنار من قبل قوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية وأبعاد هذه الحادثة ومدى تأثيرها على عملية السلام ودواعي التهيئة المطلوبة في هذا الظرف الدقيق والحساس من عمر البلاد .. أجرت «الأهرام اليوم» حواراً خاطفاً أمس مع والي ولاية سنار الأستاذ أحمد عباس حيث تناول الحوار عددا من القضايا والموضوعات السياسية الأخرى والتي تعج بها الساحة من استفتاء ومشورة شعبية ومستقبل البلاد بعد 9 يناير 2011م ولكن لما كان الحدث العاجل وحديث الساعة هو الهجوم على ولاية سنار بدأنا حوارنا معه بالسؤال : { الأحوال بولاية سنار بعد مهاجمة بعض عناصر الجيش الشعبي للولاية؟ حقيقة ما دار من أحداث شهدتها الولاية مؤخراً له مسوغات، فإخواننا في محلية الرنك بمحافظة الرنك جاءوا ليأخذوا رسوم المحاصيل، وعندما تم منعهم من جباية هذه الرسوم على المحاصيل قاموا بمهاجمة المواطنين هناك، وكانت حججهم أنهم غير معترفين بالحدود الحالية، وهذه الحدود ليست مسألة جديدة، بل هي حدود قديمة ولم يحدث عبر التاريخ القريب والبعيد خلاف بيننا وبينهم يفضي إلى القيام بمثل هذه الأعمال. فهم الآن شعروا بأن بعض المناطق بها محصول كبير لذلك طمعوا في ثروات هذه المناطق، والآن نستطيع القول بأن الأحداث التي جرت تم احتواؤها تماماً بعد مجيء القوات المشتركة التي أبعدت مجموعات قوات الحركة الشعبية بعيداً عن مناطق الولاية، والآن الولاية تخطت هذا الحادث المعزول. { ماذا يعني هذا الهجوم بالتحديد في هذا الظرف؟ هل القصد منه توجيه رسالة للمجتمع الدولي أو للخرطوم؟ لا أبداً .. لا هذا ولا ذاك .. الهدف من كل ذلك هو الطمع في المال فقط ليس إلا. { أنت تنفي أي بعد سياسي عن العملية؟ نعم ليس هناك أي هدف أو بعد سياسي من هجوم الجيش الشعبي على الولاية. { هل يمكن أن تقود هذه الحادثة الى التأثير السالب على العلاقات بين أجهزة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على الأقل في المستوى الولائي والمحلي؟ حقيقة بعد هذا الهجوم مباشرة اتصل بي حاكم المقاطعة، ولكن للأسف المحافظ من جانب الحركة الشعبية كان مصراً على أن هذه المناطق التي استهدفوها تابعة لهم من حيث الرسوم والموارد لكن بعد ذلك التقى محافظ الدالي والمزموم بمحافظ الرنك في الحدود، وأوضح له علامات الحدود، التي يعود تاريخها لسنوات طويلة سبقت استقلال السودان نفسه، وكانت رسالتنا، كحكومة ولاية، واضحة لمحافظ الرنك بضرورة التزامه بهذه الحدود، فالذي يقول لا يعترف بالحدود فهذا من شأنه أن يفتح باباً للفوضى. { ما هي طبيعة المحاصيل في المنطقة التي تم استهدافها؟ هذه المنطقة تمتاز بزراعة السمسم بكميات كبيرة. { هل الهجوم كان كبيراً؟ وما هي نوعية المعدات والآليات العسكرية التي تحركت لتنفيذ العملية من جانب الجيش الشعبي؟ بالتأكيد هو هجوم كبير، استخدمت فيه عدد ست عربات محملة بالدوشكات والمدافع الرباعية والأسلحة الخفيفة، فهم قصفوا مناطق ولايتنا ونحن تعاملنا مع القصف فقط بالرد ولم يكن هناك التحام، فهم من بعد خمسة كيلو من مناطقهم قصفوا بالمدافع الرباعية مناطقنا، وهذا الاشتباك استمر لمدة ساعتين. { نخرج من هذا الموضوع العاجل إلى موضوع عاجل آخر ما هي ترتيباتكم في الولاية لاستقبال الاستفتاء؟ بالنسبة لنا في ولاية سنار فنحن من جانبنا معنيون بأبناء الجنوب بالولاية الذين حسب المعلوم أن عدديتهم ليست بالكبيرة، فهم في حدود ال15 الى 20 ألف مواطن جنوبي، وبالتالي نحن في تقديرنا أن ترتيباتنا له عادية، ولكن مشكلتنا الحالية الآن هي الشماليون في كنانة الموجودون في الرنك والذين هم من العرب الرعاة الرحل وهم ممنوعون من الخروج نهائياً، لأنهم يفرضون عليهم في حالة المغادرة ترك قطعانهم مع العلم بأنهم يأخذون منهم جبايات باهظة للغاية، وهؤلاء يعانون بشدة من هذا الواقع الموجود في الرنك. { أنتم كولاية تجاور ولاية النيل الأزرق ما هو دوركم في المشورة الشعبية؟ نحن لسنا مجاورين فقط لولاية النيل الأزرق بل نعد امتداداً طبيعاً لها، لذلك نعتقد أن المشورة الشعبية المعنية بها ولاية النيل الأزرق هي أيضاً تخصنا نحن لأن الولايتين تتأثران ببعضهما البعض في أي شيء، ولذلك فنحن كحكومة وكشعب ومواطنين كلنا جزء بل ومشاركون في عملية المشورة الشعبية، وبالفعل نعمل ونسعى جاهدين في هذه الناحية من خلال الالتقاء بكافة المجموعات ومن حقنا أن نفعل ذلك ونقوم بهذا الجهد وهذا الدور، فولاية النيل الأزرق هي جزء لا يتجزأ من ولاية سنار وأي شيء يحدث هناك نتأثر به سلباً أو إيجاباً. { بالتأكيد لقد جددت الولاية في شخصكم الثقة بحيث أعادتكم والياً مرة أخرى وهذه المرة عبر الانتخاب وأنت الآن في قيادة المؤتمر الوطني بالولاية ماذا تقول لمنتقديكم ومنتقدي المؤتمر الوطني من حيث الأداء الديمقراطي؟ من البديهي وجود الرأي والرأي الآخر في مسيرة الأمم والشعوب والأحزاب، ونحن هنا لسنا بمعزل وأي حزب كبير يؤمن بوجود الرأي والرأي الآخر بل وفيه تيارات. { هل يعجبك بالتحديد الآن حال المؤتمر الوطني سواء أكان على المستوى القومي أو الولائي؟ بالتأكيد يعجبني الحال هنا وأنا من المؤمنين بوجود التيار الناقد داخل أجهزة المؤتمر الوطني بل ومن أنصاره، فوجود التيار الناقد هو عنصر مهم لأنه يجعل الموجودين على كراسي السلطة يتحسسون مواقعهم وأقدامهم، وبالتالي أقول إن عدم وجود التيار الناقد في أي حزب هو شيء مدمر، وإذا كانت المعارضة بالنسبة لنا الآن ضعيفة فالتيار الناقد في المؤتمر الوطني بالنسبة لنا هو المعارضة الأساسية فهو يقود للتصحيح في المسار والطريق. { السيد الوالي هناك من لا يزال يصفك بالتعنت والتشدد في إدارة دفة الحكم والعمل السياسي بالولاية فما الحكاية هنا؟ ومن هو الصحيح؟ ومن هو المخطئ؟ أنا أتقبل بالطبع الرأي الآخر ولكن هناك أشياء تستوجب أخذ القرار بمنطق قويم قاطع ومحدد للأشياء، وبالتالي الهلامية في التعامل مع الأشياء غير واردة في بعض الأحيان. { ألا ترى أن هناك تناقضاً يمكن أن يحدث بين قبولك للرأي الآخر من خلال مناصرتك وتشجيعك لمبدأ وجود التيار الناقد وبين الحد والصرامة في حسم القضايا والموضوعات إن وجدت؟ لا تناقض هنا على الإطلاق، فالتيار الناقد هو من زاوية وجود النقد المستمر بغرض التصحيح وسلامة المسار أما القطع في الأشياء فهو بهدف التنفيذ. { هل يمكننا أن نطلق عليك الوصف بأنك من الولاة المتشددين؟ أنا لست من المتشددين ولكن أميل للرأي القاطع والقول الفصل. { ما هو تعليقك على تجديد العقوبات الأمريكية على السودان؟ هذه من الأشياء البديهية، فأمريكا ليست ضد السودان كبلد ولا كشعب بل هي ضد السودان كفكر وكمنهج فهي ضد الإسلام. { كيف ترى يوم 9 يناير بعيونك وعيون كل الإسلاميين؟ 9 يناير 2011 هو يوم عادي جداً إما انفصال أو وحدة وفي كلا الحالتين ليست هناك مشكلة. { ما هي قراءتك هنا تحديداً للخيار الغالب؟ أشعر بأن خيار الانفصال هو صاحب الكفة الأرجح وعسى أن تكرهوا شيئاً ويكون فيه خير كثير. { بوصفك من الإسلاميين وتعنيكم بالضرورة المحافظة على تجربة حكم الإسلاميين بالسودان هل الانفصال إذا جاء سيقلل ويقلص من دوركم في الحكم في المرحلة التي ستعقب يوم 9 يناير؟ لا أبداً بل سيمكنه، نحن الآن نتحسب لأشياء كثيرة جداً من حيث النواحي الفكرية أما بالصورة القادمة المتوقعة فأنا لا أتحسب. { هل تتيحون للأحزاب المعارضة الحريات الكاملة للعمل في الولاية؟ الحريات السياسية متاحة الآن لكل الأحزاب في مناخ ديمقراطي يمارس فيه أي حزب نشاطه الكامل. { كيف هو موقفكم من د. حسن الترابي في المرحلة المقبلة؟ د. الترابي هو شيخي وأحترمه جداً وأقدره. { ما هو سبب الاختلاف إذاً بينكم وبينه، مادام هو شيخكم؟ الاختلاف في التنفيذ والشطط والهيمنة.