ذوق المواطن العادي يشهد تطوراً ملحوظاً لناحية استهلاك العطور ومستحضرات التجميل، فلم يعد «فتيل الريحة» الواحد يكفي جميع أفراد الأسرة وما عاد (اللوكس) هو صابون التجميل الأوحد الذي «ما ينفع غيره» فلكل واحد الآن عطره المفضّل ومستحضرات العناية بالبشرة والشعر الخاصة به. وتُنفق السيدات والشابات على أنواع مستحضرات التجميل بسخاء. ويعلّق سامي شرف الدين صاحب أحد أشهر محلات العطور وأدوات التجميل بسوق «سعد قشرة» بأنه يقترح على الموظفين من الرجال استحداث «بدل» مستحضرات تجميل لمقابلة انفاق السيدات الذي يصفه بالخرافي. ويقول مهما غلا سعر المنتج سواء أكان من العطور أم المستحضرات، لا تتردد السيدة أو الشابة في شرائه. وإن عجزت عن السداد فوراً تطلب رفعه عن فترينة العرض وتعود بأسرع وقت لشرائه خاصة إذا كان من النوع النادر وغير المتوفر بالسوق!. وتحتل المستحضرات والعطور المُعلن عنها بالفضائيات العربية المركز الأول لدى الزبائن من الطبقة المتعلمة خاصة الماركات الفرنسية، الألمانية، الأمريكية، فيما يلجأ السواد الأعظم من المشترين للمستحضرات المقلّدة. العطور التي ارتبطت بطقوس الزواج ارتفعت أسعارها خاصة «الصندل» الذي وصل سعر الكيلو منه إلى مليون جنيه. وتكثر في الأسواق الأنواع «المضروبة» منه وما زال مرغوباً، وبحسب حركة البيع لدى المحلات اتجه البعض إلى المخمريات والبخور الخليجي حيث تشهد عطور مثل «نورا - رغبة - لميس» إقبالاً شديداً. ويتوقع للعطور الخليجية أن تنضم إلى «الشيلة» نسبة للرواج الذي تشهده، وتضخ عدة شركات أموالاً طائلة في مجال صناعة التجميل التي كان يتولاها من قبل تجار الشنطة وبعد تجفيف نشاطهم دخلت عدة شركات المجال مثل «عُلا» التي تخصصت في المنتجات الألمانية و«أكيلا» لمجموعة جونسون و«ميناماس» وتستورد المنتجات الأمريكية، والفلبينية، إضافة إلى مجموعات يملكها رجل الأعمال الهندي «بريش ياميد» المقيم بالسودان وتخصصت في وارد الهند من الزيوت وكريمات الشعر. وتكثر في السوق منتجات إفريقية من ساحل العاج، الكاميرون، الكنغو، نيجيريا، وتدخل عن طريق غرب البلاد حيث تنشط تجارة الشنطة في العطور والكريمات خاصة وأسعارها متفاوتة وتنحصر غالباً في مجال تحسين أو تغيير لون البشرة. وعن وجود رقابة رسمية على محلات بيع العطور ومستحضرات التجميل يقول سامي: نيابة المستهلك تقوم بحملات دورية واهتمامها موجّه للأنواع المحظورة. وعن توقعاتهم كعاملين في المجال لمستقبل وحاضر هذه «التجارة» يقول مستقبل تجارة العطور ومستحضرات التجميل زاهر لأن أذواق الناس تغيرت واستهلاك «الكماليات» في تزايد رغم الحديث المتكرر عن ضغوط المعيشة والغلاء. داخل المحل تصادف وجودنا مع إحدى الأخوات من الجنوب الحبيب مقيمة بيوغندا جاءت في زيارة إلى الخرطوم وجلست لصاحب المحل مع صديقاتها لتشتري «نصيبها» من العطور السودانية التقليدية لتعود بها إلى يوغندا، مؤكدة بذلك أن الشعب السوداني (واحد) بعاداته وتقاليده.