الشد والجذب حول الوحدة الوطنية بين القوى السياسية الشمالية وبعض القوى السياسية الجنوبية، ما كان له ليحدث في عالم يبحث جميعه عن التكتلات والدخول في كيانات كبيرة، ومن المؤسف حقاً أن يحتفل العالم الغربي بكامله بمناسبة مرور عقدين من الزمان على تحقيق الوحدة الألمانية التي لولاها ما تحققت الوحدة لأوروبا بكاملها، ويسعى البعض منا لإشاعة ثقافة الانفصال، وبالتالي فإن الدعوة للانفصال في عالم جميعه ينشد الوحدة ويهرول نحوها هي دعوة تسير ضد التاريخ وتهزم الهوية والأصالة. حقيقة الحركة الشعبية فقدت الكثير بوفاة جون قرنق لأنه كان قائداً وحدوياً يعبِّر عن الشمال والجنوب، ولهذا حدث فراغ كبير في الحركة السياسية، حيث أن قيادة الحركة كانت موحّدة في حياة جون قرنق ولا تُسمع فيها أصوات انفصالية هنا أو هناك، أما الآن فهناك تقاطعات كثيرة ولا توجد صيغة كلية في التعاطي السياسي للحركة. والآن حُقّ لنا أن نتذكر مؤتمر جوبا في العام 1948 الذي كان أكثر تقدماً ومصلحة للشعب السوداني لأنه رفض الانفصال وأقرّ الوحدة، وكانت كل الجهات المشاركة فيه من قوى سياسية تُمثِّل كل السودان، وبالتالي فمثلما كان هناك إجماع وطني على الوحدة في العام 1948م فنحن نريد أن يتكرر ذاك المشهد اليوم ويتحقق الإجماع حول الوحدة. فالجنوبيون كانوا منذ ذاك الزمان ولازالوا، الغالبية منهم يدركون تماماً أن انفصال الجنوب هو هدْم لذاتية الجنوب وتنميته، ومن هنا قاوم الجنوبيون هذا الإتجاه وانتهى الأمر بأن الشمال والجنوب صارا أمة واحدة ودولة واحدة. فالسودانيون شمالاً وجنوباً كافحوا جميع الآليات التي خلّفها الاستعمار الذي كان يُريد تقسيم السودان ولازال.. فيا أهل الشمال والجنوب هل وعيتم الدرس؟.