{ قال مجلس إدارة مشروع الجزيرة والمناقل إنَّه شكل لجنة فنيَّة تضم (12) شخصاً بهدف تقييم الأرض (الملك الحر)، على أن يُؤخذ في الاعتبار في حالة تمليك (الحواشة) كملك حر، فرق التحسين للمروي، وتم تكليف اللجنة بتحديد قيمة التحسين للفدان ووضع أُسُس تمليك واستخدام الحواشات. { ويبدو أن مجلس إدارة المشروع يريد أن ينفذ (انقلاباً) على ما تواضعت عليه جميع مؤسَّسات الحكومة (الزراعيَّة) و(العدليَّة) منذ إقرار قانون المشروع عام 2005م، فما علاقة هذه اللجنة بقيمة الفدان، وفرق التحسين، بل ما علاقة مجلس إدارة المشروع - أصلاً - واتِّحاد المزارعين الذي تعوَّد دائماً أن يبحث عن (مخارجات) للحكومة، ما علاقتهم بحقوق مُلاك أراضي مشروع الجزيرة وامتداد المناقل، المستحقَّة على حكومة السودان منذ العام 1968م؟! { لقد شكَّل وزير العدل الأسبق، مولانا «علي محمد عثمان يس»، قراراً يوم 20/8/2005م بالتشاور مع الجهات ذات الصلة، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الإدارة القانونيَّة، وعضويَّة (3) ممثلين لوزارة الماليَّة الاتحاديَّة، و(3) مستشارين من وزارة العدل، و(2) يمثِّلان وزارة الزراعة، أحدُهما وكيل الوزارة الحالي، وممثِّل لإدارة مشروع الجزيرة، وممثِّل لديوان المراجع العام، وممثِّل لمسجِّل أراضي الجزيرة، و(2) يمثِّلان اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل و(2) ينُوبان عن مُلاك الأراضي. { مُهمَّة اللجنة تقييم الفدان في حالة النزع وحساب قيمة متأخِّرات الإيجار. { عقدت اللجنة المذكورة (54) اجتماعاً، خلال (22) شهراً طافت فيها ميدانياً على المشروع واستعانت بخبراء وفنِّيين. { خلُصت اللجنة إلى أنَّ (843) ألف فدان من جملة مساحة المشروع (2.2) مليون فدان مملوكة لأفراد، ملكاً حراً، استأجرتها الإدارة البريطانيَّة منذ العام 1927م. { توصَّلت اللجنة إلى حساب الإيجار من عام 1968م وإلى عام 2005م بمبلغ (1786.4) جنيه مع إضافة (102.8) جنيه للفدان عن كل عام بعد العام 2005م، وبالتالي فإن قيمة الإيجار تصبح (2300.4) جنيه للفدان، عن كل عام، منذ العام 1968م وحتى العام (2010م). { والغريب أنَّ تلك اللجنة التي أنجزت مهمتها الشاقَّة طوال تلك الشهور تمَّ تحفيزها بواسطة الحكومة بمبلغ (200) ألف جنيه، بواقع حوالي (12) ألف جنيه لكل عضو باللجنة..!! { الآن مجلس إدارة مشروع الجزيرة يخرج علينا بلجنة فنيَّة أخرى للتحايُل على قرارات اللجنة الأولى، مع محاولة الضغط على (الُملاك)، بتخفيض حقوقهم إلى أدنى ما يمكن، بخصم ما أسمُوه الحوَّاشات التي تم بيعها أو التنازل عن حيازتها..!! مع أن جميع أراضي المشروع عبارة عن (حيازات)، وكثير من الذين يزرعون الآن ليسُو (مُلاكاً)، ولا يملكون (كروتاً)، بينما كثيرٌ من الملاك الأصليين لا يملكون الآن حوَّاشة واحدة.. ولا يزرعون..!! { أرجو ألاَّ يمارس الإخوة في مجلس إدارة المشروع واتِّحاد مزارعيه (سياسات السوق)، وأفكار (السماسرة) على مُلاك الأراضي المساكين، الذين نُزعت أراضيهم قبل استقلال السودان، ولم يتسلَّموا حقوقهم حتى الآن، ومازالوا يمسكون بأوراقهم وسجلاتهم وينتظرون الفرج.. وبالمقابل حصل مُلاك أراضي في «سد مروي» وغيرها على تعويضاتهم قبل أن يقوم المشروع. فلماذا هذا (الاستهتار) المستمر بحقوق أهلنا البسطاء في «الجزيرة»، التي أطعمت أهل السودان عقوداً من الزمان، قبل أن يأتي «المتعافي» وصحبه ليقلِّلوا من (قيمة) و(جدوى) المشروع، تماماً كما فعل آخرون عندما أرادوا بيع (سودانير) لشركة «عارف» الكويتية.. فكانت (الطامة) والخسران المبين الذي مازالت تتجرَّع الحكومة من كؤوس حنظله !!