يظهر أن التدريس في كلية الطب وشواغل وهموم ومسؤوليات طب وجراحة النساء والتوليد، ومعهم العيادة والمستشفى.. الخ، يظهر أن ذلك كله لم ينس الدكتور معاوية الصادق حميدة اهتماماته القديمة بالكتابة والثقافة والأدب، وقد كان في مدرسة كوستي الثانوية أحد أركان جريدة «الفكر الحر» الحائطية مع آخرين، منهم المهندس الزراعي محمد حسين آدم «اللواء» والمهندس محمد أحمد العراقي. فقد بعث اليَّ برسالة يتحدث فيها عن أحد كبار أطباء البلد وجرَّاحيه وهو الدكتور عبدالسلام جريس جاء فيها: «كان لنا عظيم الشرف بحضور الاحتفال الكبير الذي أقامه بالنادي النوبي بالخرطوم أهل القرية (24) بحلفاالجديدة تكريماً لأستاذنا الجليل الدكتور عبدالسلام جريس، وقد كُرّم كثيراً من قبل، وكان لهذا التكريم الأخير طعم مختلف، وبدأت فعالياته بزفّة رائعة شارك فيها كثير من الأهل والأصدقاء بصدق يجلُّ عن الوصف، واندمجت كل الأعمار في كرنفال بديع عكس المشاعر الفياضة التي يكنونها لهذا العالم الفذ، وعكَس الاحتفال أيضاً الحب والاعتزاز الكبيرين اللذين يحملهما له أصحابه وأهله وتلاميذه من مختلف الأجيال. إن الدكتور عبدالسلام جريس كتاب مفتوح وحياة نابضة جميلة منتجة ومسيرة عامرة زاخرة بجلائل الأعمال، وقد كان طالباً نجيباً في كل مراحل حياته الدراسية ولم يقتصر تفوقه طالباً في كلية الطب على الجانب الأكاديمي وإنما شمل النشاط الطلابي والعمل الوطني، وهو أستاذ متمكن وجراح ماهر تتلمذ وتدرّب على يديه مئات الاختصاصيين. والدكتور جريس إنسان بمعنى الكلمة، شديد الالتصاق بالأرض والجذور، وتعني له حلفا الكثير، والوطن كله من أقصاه الى أقصاه يعني الكثير للدكتور الأستاذ. وكرّمته الدولة بمنحه وسام الإنجاز، وجامعة الخرطوم بالدكتوراة الفخرية، وقد حاز على جائزة «جونثان مان» العالمية، وهو كاتب مقتدر في كافة المجالات، وكتب كثيراً وبصدق عن زملائه الأطباء معدداً بوفاء نادر مناقبهم وإسهاماتهم، ثم أُصيب بمرض أقعده عن العمل الطبي المباشر، لكنه مازال معطاءً في العمل العام والأكاديمي والبحثي مشاركاً في الأنشطة اليومية بعقل مفتوح وفكر ثاقب وذاكرة متقدة وإرادة لا تعرف اليأس والانهزام، ومازال يشرف على رسائل الماجستير والدكتوراة، ومازال في موقعه الدائم عضواً فاعلاً في المكتب التنفيذي لجمعية أمراض النساء والتوليد السودانية وسكرتيراً أكاديمياً. الجميع سعداء بالفرصة الجميلة التي جمعتهم بهذا الرجل الصابر القوي السامق الذي لا يعرف الصعاب والمستحيلات. وهو منارة ومثل رائع لإنسان صعب المراس قوي الشكيمة علّمنا كيف يكون التحمل والإيمان والعزيمة. الدكتور جريس تجسيد حي للأبوة، فكل التهنئة لأستاذنا ومعها أصدق أمنيات العمر الطويل ولأمثاله يكون الانحناء ويبقى دواماً قامة شاهقة تحجب الأفق». كل الشكر للدكتور معاوية الصادق حميدة وكل التقدير والأمنيات للدكتور عبدالسلام جريس.