أرض الحبشة والسودان، هو الاسم الذي يطلق على هذه المنطقة في التاريخ القديم، الأمر الذي يؤكد عمق العلاقات التي تربط بين الشعبين، التي تبرز حتى في مسألة التقارب الخلقي بين المواطنين هنا وهناك، حيث تمتلئ شوارع كسلا بالإثيوبيين، وحي المرغنية العريق هو أكثر الأحياء التي يقيمون فيها، ويكادون يؤثرون على مجمل الحياة وتفاصيل الحراك الاجتماعي في داخله، وقد تصاهروا وتزاوجوا، وتستنشق (برندات) سوق كسلا نكهة البن الحبشي صباحاً. وفي رابع أيام عيد الأضحى المبارك؛ دخلت (الأهرام اليوم) منزل أسرة رقائيت، دون أخذ إذن مسبق من أهل الدار، لعلمها بسماحة الإخوة الإثيوبيين، بعد أن بلغ أسماعها نبأ عودة رقائيت من الزهرة الجديدة، بعد مغامرة فاشلة للتسلل إلى إسرائيل عبر الأراضي السودانية، وروت «رقائيت» رحلة الأمل والألم إلى أرض الميعاد، انطلاقاً من حي مستورة بمدينة كسلا، وقالت رقائيت (ذات العشرين ربيعاً) إن حلم الهجرة إلى إسرائيل راودها عندما كانت تعمل فى بيع الشاي داخل سوق مدينة كسلا، من خلال الأحاديث التي يتداولها زبائنها، وأن تلك الأحلام اقترنت مع واحد من زبائنها الذي صار يتردد على المكان بين الفينة والأخرى، واستجاب لطلبها بالهجرة نظير دفع مبلغ (7000) جنيه سوداني، وعضَّد لها تلك الأفكار أحد أقربائها من خلال المكالمات الهاتفية التي كانت تأتيها من إسرائيل، إذ تحدَّث عن توفر فرص العمل وإمكانية جمع (تحويشة العمر) التي دفعتها في بضعة شهور، وأخيراً اقتنعت بالأمر، وبدأت رحلتها من حي مستورة بمدينة كسلا في جنح الظلام، مروراً بمنطقة شلاتين، وأقلتها عربة (لاند كروزر) ذات الدفع الرباعي بمعية (10) شبان أفارقة وسودانيين، وقالت إن الرحلة استمرت أسبوعاً كاملاً وكان السير ليلاً بعد أن قام المهجرون بتزويد العربة بزاد الطريق، وحسب قولها إن الطريق كان سالكاً دون أي معوقات إلى أن حانت لحظة الوصول إلى مدينة الإسماعيلية المصرية، ومن ثم إلى منطقة العريش بين الحدود المصرية والإسرائيلية حيث تم تسليمهم إلى العرب البدو في تلك المنطقة لإكمال المهمة، ونبهت إلى أن المبالغ يتم تحويلها عبر إحدى الصرافات من ذوي المتسللين، وبعد أن يتأكد المهربون من وصول المبالغ يتم ترحيلهم ليلاً إلى السلك الشائك الذي يفصل بين الدولتين، وعندما حانت ساعة الصفر وانطلاقة عملية التسلل عبر السلك؛ قالت إنهم فوجئوا بوابل من الرصاص انهال عليهم من قبل حرس الحدود، وكان ذلك فى جنح الظلام، ووصفت الموقف بالصعب، وقالت إنه أصيب على إثر ذلك (5) من رفاقها وماتوا في الحال، وتمكن (4) منهم من الدخول إلى إسرائيل، وقالت إنها لم تدر أنها فقدت عينها، وتم إسعافها صباحاً إلى مستشفى الإسماعلية حيث أجريت لها عملية جراحية تجميلية في عينها اليسرى، بعد أن فقدتها تماماً، وأنها مكثت في المستشفى حوالي ثلاثة شهور تم ترحيلها بعدها إلى إثيوبيا لتعود ثانية إلى كسلا عبر منطقة حمداييت.