ألسنة اللهب التي اندلعت غضبى وانطلقت نحو الآفاق لمدى قد يصل لأكثر من خمسين متراً ومن تحتها نار تتلظى تأكل على نحو متواصل سيقان أشجار الكرمل في مدينة حيفا الساحلية، إنما هذا تدبير من رب العباد لا يدريه أعداؤه وأعداء الدين والمسلمون الذين غاصت سيقانهم حتى الأفخاذ في وحل التردي والنكوص عن الحق ، يحسبون الله غافلاً عما يعملون ولكن هيهات فإن الله لهم بالمرصاد.. قتلوا وشردوا واغتصبوا وأحرقوا الملايين من أبناء هذه الأمة الأشراف بدون هوادة وبدون أدنى رحمة، اتركوهم يُحرقون فلقد حرقوا من قبل جنين وبيروت وغيرهما ونعجب كثيراً لأمر بعض الدول الإسلامية العربية لتعاطفها مع هذا الحدث الذي ذكر بمقتضاه رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» بأنه كارثة على نطاق لم يسبق له مثيل، نعجب لها وهي تنوي إرسال بعض المعينات والمساعدات التي عجزت إسرائيل بكل جبروتها، وترسانتها النووية، وأموالها التي تنفقها للكيد والعدوان أن توفر طائرتين فقط لإخماد مثل هذه الحرائق، أين المفكرون الكبار الذين ينتجون أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها وذكائها ويدمرون بها المدن الآمنة، ويقتلون الأبرياء المدنيين العزل بدون ذنب جنوه، هذه الرؤوس المدبرة المفكرة، عجزت فجأة من إيجاد الوسيلة التي يمكن أن توقف زحف النيران الجائعة وهي تقضي بلفحها على الأخضر واليابس، هذه الرؤوس تفلح فقط في رسم الخطط التي بموجبها تقضي على قيم وأخلاق ومعتقدات الشعوب، وفي هذا الوقت بالذات يسعون لتفتيت السودان وفصله مثلما أحرقوا العراق وفتنوا شعبه، ودمروا بنيته التحتية، وزعزعوا أمن أفغانستان فأضحى مواطنوها يرتدون ثوب الهلع وعدم الاستقرار، كما جلبوا الفوضى العارمة لدولة الصومال، فلقد خطط زعماء الصهيونية منذ زمن ليس بالقليل لتطويق السودان بالدول التي تمثل ألعوبة في يد إسرائيل وتأليبها ضده ودعمها عسكرياً ولوجستياً والغريب أن هذه الدولة غير إسلامية لذلك كان لا بد للنبت أن ينمو ويترعرع في هذه البيئة فيغذي كل من تسول له نفسه إحداث الفوضى والصراع في السودان بل ويمثل هذا الدور الإستراتيجي لإسرائيل وحليفتها أمريكا هدفاً مهماً ومحورياً لتطويق الدول الإسلامية والعربية من ناحية الجنوب، فهم يضربونكم من خلف وأنتم لا تعبأون تتشدقون بكراسي السلطة والدعة وتشيدون الحواجز بينكم وبين الشعوب التي ترنو للعيش الكريم وتتسابقون نحو المناصب التي تخدم ذواتكم الفانية فقط، والأمة تكتوي بهموم عظام ومعضلات تتشكل وتتضخم يوماً بعد يوم، فالوجود المتمرد لدولة إسرائيل في كينيا ويوغندا وإثيوبيا وجنوب السودان يشكل كارثة للأمة الإسلامية قاطبة، ويهدد بشكل مخيف الهوية الإسلامية، التي أصبحت بين أيدي النظم التي تحكمنا في المساحة العربية تتأرجح غير مستقرة نسبة لتغلغل الأفكار الغربية بمضامينها الكثيرة في جسم المجتمع مع تضييق الخناق لسيل الدعوة الإسلامية، فدارفور التي كانت لوقت قريب ترسل كسوة الكعبة المشرفة سنوياً في موسم الحج و«تقابة» نار قرآنها ترسل ألسنة من نار دافئة تضيء ألواح القارئين وحفظة كتاب الله آناء الليل البهيم فالآن يخرج بعض من أبنائها يحتمون باليهود وبأيديهم مسوغات غير ناضجة يأتمنونهم على معتقدات إقليمٍ أكبر مساحةً من دولة مصر الشقيقة التي عليها الآن أن تدرك مغبة هذا المد القادم بخطى متسارعة نحو الشمال، في ظل ضعف كامل لقوة المسلمين التي أضحت من الوهن لا تقوى على مجابهة قوم عجزوا عن إطفاء «حريقة» نشبت في غابة ساحلية.