يمثل «كوبري بيكة» خطراً عظيماً على العربات العابرة ورعباً دائماً لركابها. و«بيكة» لمن لا يعرفها إحدى قرى ضواحي مدني وتكاد تمثل تقاطعاً حتمياً لكل المسارات المارة بتلك المنطقة. (الأهرام اليوم) قامت بجولةٍ غير مسبوقةٍ على منطقة كبري «بيكة» الذي يربط محلية جنوب الجزيرة ومحلية المناقل بعاصمة الولاية مدني ووقفت على حالته وكثافة استخدامه، فالمشاهد ينظر إلى مدى ضعف اهتمام الحكومة الولائية بمعاناة المواطنين البسطاء، فاكتظاظ العربات لساعات طويلة على مرأى ومسمع رجال حكومة الولاية دليل دامغ على اللامبالاة في إزهاق مزيد من أرواح المواطنين تكمن المشكلة في سعة هذا الكبري وطاقته التصميمية، ذلك أنّ هذا الجسر الذي يزيد عمره عن السبعين عاماً ونفّذه المستعمر الإنجليزي، كان للتحكم في كميات المياه وليس جسراً للمرور، ومرّت السنوات وتبدل الحال وأصبح متوسط عدد العربات التي تعبره في اليوم الواحد حوالى 1500 عربة! إضافة لذلك فإنه يعتبر الكبري المفصلي الذي تمر به كل المحاصيل الزراعية من المناقل ومحلية جنوب الجزيرة إلى مناطق السودان المختلفة، كما تسلكه الحالات المرضية التي تتطلب إسعافاً عاجلاً إلى ود مدني، وتمر به كذلك قيادات الولاية خلال حركتهم الاجتماعية الكثيفة . وفي سبيل الحفاظ على أرواح أهلنا في ولاية الجزيرة لا يرى المواطنون قيمةً كبيرةً لهذا الرقم الذي يكلفه المشروع، ولو قُدّر لك أن تمر بهذا الجسر فسوف تلمس بوضوح معاناة أهل تلك المنطقة خاصة إن كنت سيئ الحظ ووجدت شاحنة معطلة في الكبري، حيث لا خيار أمامك سوى المقيل تحت أشجار الكبري أو تعود أدراجك من حيث أتيت! المرور والعبور عبر هذا الكبري مخاطرة كبيرة وهَمٌ وغَمٌ ورُعبٌ حقيقي وخطر دائم على مستخدمي السيارات، الذين استشهد عدد بعضهم، ومنهم ركاب حافلة «زُنقاحة» الذين ذهبوا شهداء غرقا، وحتى الحافلة لم يتم العثور عليها حتى اليوم، فماذا تمثل مائتا مليون في سبيل الحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنين؟! أليس الله تعالى بقائلٍ «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً»؟. عندما وقعت مأساة وكارثة حافلة «زُنقاحة» تحدث الكل عن ضرورة قيام كبري بسعة كبيرة، وقامت الدراسات ووقف التمويل حجر عثرة في قيامه، وظل حلماً يراود أهل المنطقة.. لكن بعد وقوع الكارثة الأليمة لم يحدث شيء على أرض الواقع! ويرى المواطنون أن الجهات المختصة لا تنفعل وتتفاعل إلا ساعة وقوع الكارثة وشيئا فشيئا تهدأ الأنفاس كأنه لم تحدث كارثة، وكأننا لم نفقد أرواحاً عزيزة . وصلت نسبة التشييد في جسر بيكة على القنوات الرئيسة لمشروع الجزيرة والرابط بين المناقل وبقية أنحاء الولاية الى 12%، وينشأ الكبري بتكلفة تزيد عن خمسة ملايين جنيه بدلاً عن قناطر تسببت في حوادث سير مؤلمة. وبدأ العمل في تنفيذ الجسر منذ منتصف أغسطس 2009 بتمويل من الحكومة الاتحادية بلغ أكثر من 4,7 ملايين جنيه، بجانب 35,5 ألف جنيه من ولاية الجزيرة. ومما يعاني منه المواطنون وقوف عربات رجال شرطة المرور عند مدخل ومخرج الكبري المتهالك لتحصيل المخالفات المرورية للمركبات وهي مصطفة وكأنها في انتظار بنزين. والجسر الجديد متوقف فيه العمل منذ فترة، وتساءل العديد من المهتمين والمراقبين عن الدواعي والأسباب التي أدت إلى تعطل العمل فيه. وأبلغ المدير التنفيذي للمشروع المهندس علي حمزة أن الجسر سيتم إنشاؤه على دعامتين على جانبي القنوات، كل دعامة ترتكز على ثمانية أوتاد، وأضاف أنه جسر معلق بقوس حديدي على ارتفاع عشرة أمتار وبطول 45 متراً وعرض عشرة أمتار، منها سبعة أمتار للمركبات في اتجاهين والباقي للمشاة. وأكد المهندس المسؤول أن العمل في مشروع جسر بيكة يسير وفق ما خطط له، وأن ما تحقق حتى الآن وصل إلى نسبة 25% من جملة أعمال المشروع، المقرر الانتهاء منه خلال عشرة أشهر أي حتى منتصف يونيو من العام 2010م. وأكد المدير العام لوزارة التخطيط العمراني والمرافق العامة بولاية الجزيرة أن الجسر يعد من المشاريع الإستراتيجية المهمة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لربطه بين ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض عبر محلية المناقل وقراها. وأوضح أن المشروع تنفذه شركة A&A بتصميم وإشراف استشاري من شركة العاتي والشماع العراقية. وظل المشروع حلم الكثيرين من أبناء المنطقة ومستخدمي الطريق المؤدي إلى مدينة المناقل من حاضرة ولاية الجزيرة ودمدني ومن الخرطوم إلى النيل الأبيض، إذ أن قنطرة «جسر بيكة» 10 كلم غربي ودمدني، ما زالت تشكل عائقاً لحركة السير. ومن أشهر حوادث السير التي وقعت أخيراً على القنطرة، غرق حافلة بجميع ركابها إثر سقوطها في قناة الري الرئيسية. وعبّر أحد سائقي الحافلات عن معاناتهم في عبور الجسر القديم ذي الاتجاه الواحد وما يستغرق ذلك من وقت بسبب الازدحام، وقال إن معاناتهم ستنتهي بالجسر الجديد لأنه سيشكل طفرة اجتماعية واقتصادية للمنطقة. ويرى محللون سياسيون واقتصاديون أن حكومة الزبير بشير طه قوية من الناحية السياسية، في إشارة لتحجيم نفوذ بعض قيادات الولاية وإقصاء مكامن الفساد وضبط الصرف الحكومي وتوسيع صحن المؤتمر الوطني، ولكنها ضعيفة تنمويا، والدليل على ذلك فشلها في إكمال كبري علي ترعة استمر فيه العمل لقرابة ست أشهر، مشيرين إلى أن هذا العمل ينبغي إكماله في أسبوعين إذا كانت هنالك رغبة حكومية لمعالجة قضايا المواطنين، وتساءل العديد من المراقبين لأداء الحكومة عن ما هي المشاريع التنموية التي نفذت خلال تولي البروف ولاية الولاية؟