أكثر من (120) من قيادات المؤتمر الشعبي برئاسة أمينه العام حسن الترابي يجتمعون منذ صباح اليوم وحتى الأحد القادم بالمركز العام للحزب، يضعون على الطاولة أوراق الاستفتاء ودارفور وتقليص الهيكل التنظيمي وحالة السودان الراهنة ومستقبل عملهم في الجنوب بعد الانفصال الذي صار واقعاً عندهم. وتبدو المفارقة أن قيادات الحزب مثل الحاج آدم وبدرالدين طه وحاج ماجد سوار وعمر سليمان وخيري القديل وعيسى بشرى وزهير حامد وحامد ممتاز ومحمد أحمد عبد السلام والتجاني سنين ومحمد حسن الأمين وعمر كابو؛ لن يحضروا بعد أن غادروا مواقعهم لأسباب عديدة وهم قيادات في المؤتمر الوطني حالياً قد يعيدون ذكريات عابرة لمسيرة الإنقاذ لأكثر من عشرين عاماً. وكنت قد سألت الدكتور الترابي بعد انتهاء اجتماع رؤساء الأحزاب في المركز العام لحزب الامة القومي : «هل سيتم تغيير أمناء الحزب الذين يصل عدده الى (46) أمين أمانة» جاء رده بالإيجاب قبل أن يشير الى أنه سيلتقي بوسائل الإعلام في يوم الأحد القادم ليضع أمامها رؤية قيادة حزبه للمرحلة المقبلة. ويخصص اجتماع قيادة المؤتمر الشعبي يوما كاملا للاستفتاء والآثار المترتبة عليه، يقول الأمين السياسي للحزب كمال عمر ل(الأهرام اليوم): «السودان يمر بمنعطف خطير جدا بعد أن أصبح الانفصال راجحا، ولم يعد هنالك من يتحدث عن الوحدة، حتى المؤتمر الوطني. ودارفور بكل التداعيات الموجودة بها يتأزم الوضع الى الأسوأ مما جعل الجنوب يتوجَّه نحو الانفصال.» ويرى كمال أن «الاحتقان السياسي» الموجود بشمال السودان أدى الى أن تقطع الأحزاب المعارضة «شعرة معاوية» مع الحكومة وتهدف من خلال التنسيق مع بعضها الى إسقاطها. لكن الرئيس البشير وقيادات من المؤتمر الوطني كانت قد بعثت برسائل تحذيرية لمن يستهدف السلطة ورفضت الاستجابة لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة انتقالية، يواصل كمال بالقول: «وفي ظل هذه الظروف يأتي اجتماع هيئة قيادة المؤتمر الشعبي ليحدد مواقفه من كل القضايا ويحمل هموماً مثقلة، وهذا الاجتماع من أخطر الاجتماعات، وأتوقع، في ما يلي الجنوب، أن لدينا رصيدا قويا وعلاقات بكل مكوناته مع اعترافنا بحق تقرير مصيره وحق أهل الجنوب في المواطنة وتولي الوظائف السيادية والدستورية، ونحن لدينا عقد مع الجنوب بعد توقيعنا لمذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية، وبيننا توافق في الخطوط العامة مع جنوب السودان، وفي هذا الاجتماع سيشارك عدد كبير جدا من إخواننا منهم، ونريد من قيادتنا أن تخرج بقرارات مصيرية في ما يتعلق بقضية الجنوب تراعي مآلات الاستفتاء.» ويكشف الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي عن اتفاق مع الحركة الشعبية للعمل من أجل وحدة مستقبلية بين شمال السودان وجنوبه وحتى دول أفريقية بعد وقوع الانفصال، وقال: «لكن يستحيل أن نقوم بعمل وحدة في إطار هذه المعاني الكبيرة التي تجمعنا مع الجنوب في ظل وجود سياسات المؤتمر الوطني التي تحكم البلاد.» ويبدي بعض المتابعين لنشاط المؤتمر الشعبي السياسي تساؤلات بخصوص حضور المحبوب عبد السلام للسودان في هذا التوقيت، خاصةً وأنه من وقّع على مذكرة التفاهم مابين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية في جنيف فبراير من العام 2001م. ويثير سكوت المحبوب علامات استفهام أخرى في ظل ربطه بسفر عوض بابكر، أحد المقربين من الترابي، هذه الأيام الى مدن بحر الغزال بعد أن سبقه موسى المك كور وعبد الله دينق نيال، فما هو السر الذى يخفيه الأمين العام للمؤتمر الشعبي، الدكتور الترابي، صاحب المفاجآت السياسية؟ يقول مقرر الهيئة القيادية للمؤتمر الشعبي مرتضى عبد الرشيد ل(الأهرام اليوم): «جلسات الاجتماع ستكون مغلقة وسينعقد مؤتمر صحفي عقب جلسات القيادة عند الساعة الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد القادم لإعلان وقائع الاجتماع.» وسألت (الأهرام اليوم) مرتضى بخصوص دعوة الحاج آدم للترابي بالانضمام للمؤتمر الوطني، فقال: «الحاج آدم صادق في دعودته لنا بالانضمام للمؤتمر الوطني؛ لأنه ذهب الى هنالك ولم يجد قيادة ووجد «الهتِّيفة» وأصحاب المنافع الخاصة، كما وجد المؤتمر الوطني خاويا. لذلك قدم الدعوة للترابي ولقياداتنا بالانضمام.» ويشير مرتضى الى أن الحاج آدم ذكر في تقرير أمام الأمانة العامة قدمه في الانتخابات، أن جنوب دارفور استقبلته استقبال الفاتحين وحمّلته بيعة في عنقها للدكتور حسن الترابي. وتوقع مرتضى أن يواجه الحاج آدم مصيرا مثل مصير عمر سليمان وخيري القديل وبدرالدين طه، وتساءل: «أين هم الآن»؟!!