مطلع يناير من كل عام.. في ذكرى الاستقلال.. تشمخ مواقف سطَّرت مجداً بأحرف من نور، تنامى فيها حب تراب الوطن حتَّى النخاع، أبطالها - رجالاً ونساءً - سطروها بوطنيتهم الراسخة.. وكلما تمر ذكرى جديدة للاستقلال نستعرض مسيرة الأبطال الذين قدّموا للوطن الغالي والنفيس.. وكلما ذكروا زادوا المجد فخاراً. وفي المسيرة الوطنية كانت حواء السودانيَّة، بعزتها وكرامتها، حاضرة منذ بزوغ أول فجر جديد للاستقلال، تعكس وطنيتها مشاركة بقوة. ويذكرالتاريخ في سفره المضيئ «السريرة بت مكي الصوفي»، التي علَّمت الكثير من الكوادر النسوية، وكانت تمازج بين الألوان لتخرج منها لوحة فنيَّة، واشتهرت وعرفت بين زميلاتها بوطنيتها، وكانت الحرية - كأبناء جيلها - همها الأول، وظهر ذلك من خلال كتاباتها الشعرية.. عند إعلان الاستقلال شرعت «السريرة مكي الصوفي» في تصميم علم قومي، فرسمته بثلاثة ألوان «الأزرق، الأصفر والأخضر»، وكل لون فيها يحكي عن أصالة.. (الأزرق) يعني النيل الدفّاق.. الذي يمر بكل مدن السودان وقراها، واهباً الخصب والنماء.. و(الأصفر) هو لون الصحراء والبوادي المنتشرة على امتداد المليون ميل مربع.. أما (الأخضر) فهو رمز الزراعة التي يعتمد عليها الشعب السوداني.. في هذا الوطن الذي يعتبر «سلة غذاء العالم». وبعد أن صممت «السريرة» الشعار سلمته إلى شقيقها الأصغر وأعطته معه قصيدة أرسلتها إلى الإذاعة.. التي بثتها. وبعد ذلك اختير العلم عندما عرضه السيد مبارك زروق - كان وقتها سكرتير البرلمان - للحكومة والمعارضة التي وافقت عليه، لترى «السريرة» العَلَم الذي صممته قد تم اختياره شعاراً للسودان، لتغمرها فرحة لم تستطع أن تصفها عندما أُنزل علم المستعمر ورُفع علم السودان الجديد. وهكذا تُعد «السريرة» نموذجاً لعزة المرأة السودانية.. وتذكر معها في المسيرة التاريخية سودانيات أُخر.. منهن «حواء الطقطاقة» التي ما أن أُعلن الاستقلال وتعرفت على شعار وعلم البلد، حتى قامت بتفصيله ثوباً ترتدية سنوياً في الاحتفال بالاستقلال.. وهي تحتفل بالعيد ال (55) ترتدي أجمل ثوب يحكي عن نضال ومساهمة النساء في تحقيق الاستقلال.