فريق أول جعفر حسن محمد أحمد عقب ورود معلومات كانت بدأت تتأكد عن إعدام والدها، طلبت (رغد) الابنة الكبرى لصدام، طلبت التحدث مع والدها هاتفياً لتوديعه قبل إعدامه، نقل الصليب الأحمر ذلك الطلب إلى العراق، ثم عاد ونقل إلى رغد رفض السلطات العراقية الطلب. وفي محاولة أخيرة من قبل هيئة دفاع صدام، لإيقاف قطار الإعدام الذي بدأ ينطلق سريعاً وبخطوات متسارعة، قدموا طلب التماس عاجل إلى محكمة في مقاطعة واشنطن لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام، إلا أن طلب الالتماس رفض من قبل القاضي الأمريكي (كولين كولار كوتيلي) بحجة أن المحاكم الأمريكية لا تملك سلطة قضائية تتيح لها التدخل بعمل قضائي في دولة أخرى. وفي هذه الأثناء والجو المشحون بالانفعالات الانتقامية، صدر إعلان من المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة، الذي طالب الحكومتين الأمريكية والعراقية بوقف تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس صدام حسين ورفاقه، وهذا الإعلان لا يكفي وحده في هذه اللحظات الحاسمة، وإنما كان ينبغي أن تلحقه توصية واضحة من مكتب المفوض السامي إلى مجلس الأمن الدولي أو الأمين العام للأمم المتحدة للتدخل فوراً باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وقف تنفيذ هذا الحكم، الذي لا يستند إلى أي قواعد أو أعراف أو قوانين، بل جاء مخالفاً لما استقر عليه العمل والقوانين الدولية. واليمن كانت هي الدولة العربية الوحيدة التي كان لها موقف واضح ومحدد وطالبت بوقف الإعدام، ولكن غابت المواقف المؤثرة والضاغطة من قبل الجامعة العربية والدول العربية الأخرى التي آثر بعضها الصمت وبعضها كان يؤيد الإعدام. لقد التقت أجندة عدة حول إعدام صدام حسين، وهي أجندة الإدارة الأمريكية وإسرائيل وإيران وأطراف كردية من الحزبين ومليشيات شيعية عراقية وعملاء أمريكا وبريطانيا. وإن التعجيل في إعدام صدام حسين في قضية الدجيل له تفسيرات عدة، فلو حولكم الرئيس صدام في قضية الأنفال، فإنه من المحتمل أن يتطرق إلى أمور قد تحرج الكثير من الدول، ومنها الولاياتالمتحدة التي كانت تزود بصورة غير مباشرة عن طريق بعض الدول العربية بمعلومات وهمية عن تحرك ومواقع الجيش الإيراني، وفي الوقت ذاته كانت أمريكا وإسرائيل تمدان إيران بالأسلحة (إيران غيت). أي كانت أمريكا تمارس سياسة مزدوجة وتسعى لاستنزاف طاقات وموارد البلدين، من أجل الاستفراد والهيمنة الكاملة على مقدرات دول الخليج العربي، والاقتراب من آسيا الوسطى والتحكم بمصير روسيا والصين، وإضعاف العراق وإيران ليبقى الكيان الصهيوني القوة الوحيدة في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك كان من المحتمل أن يتطرق الرئيس صدام حسين إلى بعض المعلومات التي يعرفها زعيما الحزبين الكرديين حول بعض تفاصيل المفاوضات بين القيادتين الكرديتين وحكومة صدام حسين الوطنية في بغداد، ومنها أن صدام طلب ذات يوم أن يكون جلال الطالباني شاهداً في التحقيق في قضية الأنفال، كما أن الرئيس صدام كان سيتطرق إلى معلومات ووثائق موجودة لدى وزارة الخارجية العراقية، حول موضوع حلبجة، قد تحرج الأمريكان والألمان ودولاً أخرى لها علاقة بموضوع حلبجة بالذات، وهناك سر خطير ووثيقة في غاية الأهمية ولا يعرف هذا السر إلا جلال طالباني، وإذا تم فتح موضوع قضية حلبجة فإن صدام سوف يكشف هذا السر وسيدان فيه جلال طالباني، ولذلك قامت أمريكا ومن تابعها بفصل موضوع الأنفال عن موضوع حلبجة كي لا يتطرق الرئيس صدام إلى الموضوع الأخير، وعليه جاءت النصيحة بإعدام صدام حسين، وقد شارك في هذه النصيحة قيادات عربية معروفة. وإيران من جانبها كانت حريصة ألا يطرح موضوع حلبجة في المحكمة، وفي سبيل تحقيق ذلك عرضت إيران ملايين الدولارات على بعض أعضاء هيئة الدفاع عن صدام حسين، وأن تلقى المسؤولية على مجاهدي خلق إذا ما أثير الموضوع. وكانت المخابرات الأمريكية قد أرسلت فريقاً فنياً أخذ عينات من التربة والزرع والمصابين في حلبجة وقاموا بتحليلها، وثبت أن الغاز المستعمل لا يمتلكه العراق، بل تستخدمه إيران في قواتها المسلحة، وهو ما يعرف بغاز (السيانيد)، وهذا يؤكد أن القوات العراقية لم تستخدم هذه الغازات ضد الأكراد في حلبجة. في الساعة العاشرة والنصف مساء الجمعة 29/12/2006م، قام السفير خليل زادة بآخر مكالمة تلفونية مع المالكي طالباً منه ألّا يمضي بتنفيذ الإعدام، وعندما بقي الزعيم العراقي ثابتاً على موقفه، قام السفير بمكالمة أخرى إلى واشنطن، ونقل عزم رئيس الوزراء العراقي على المضي في التنفيذ، وأن استنتاجه أنه ليس هناك ما يمكن أن تفعله الولاياتالمتحدة أكثر من ذلك، ارتباطاً باحترام السيادة العراقية، واقترح الأمريكيون حضور صحافيين أجانب عملية تنفيذ الإعدام مع مراقبين من الأممالمتحدة، وكان القادة العسكريون يخشون أن يتغلب حافز الانتقام، ورفض العراقيون فكرة المراقبين الخارجيين، واستبدلوهم بمجموعة شيعية تتألف من (14) شخصاً. نواصل خبير وباحث في الشؤون العسكرية والسياسية