· مبارك الفاضل المهدي شخصية مثيرة للجدل، بسبب مسيرة تجمع في داخلها تناقضات كثيفة، وربما –أحياناً- محيِّرة للأذهان، فالرجل بدأ دراسته بالخارج منذ مرحلة متقدمة في دراسته، حيث درس الثانوية العامة ببيروت، ثم ألمانيا وبريطانيا، اللتين تقاسمتا مرحلة دراسته الجامعية في إدارة الأعمال الدولية والاقتصاد، وقد بدأ اسمه يتردد في عالم السياسة عقب الغزو الخارجي على نظام مايو 1976م، وقضى فترة في السجن، وخرج ثم ظهر بشكل لافت في حكومات الصادق المهدي 1986 1989م، وشغل وزارات الداخلية والتجارة الخارجية والصناعة والطاقة والتعدين، وقد كان في تلك الفترة أقرب إلى الجبهة الإسلامية، وكان وراء مشاركتها في الحكم، وعُرف بتشدده تجاه الاتحاديين، ومشاكساته المستمرة مع سيد أحمد الحسين ومحمد يوسف أبو حريرة، وعقب انقلاب (89) غادر مبارك الفاضل البلاد وبدأ حملته لمعارضة نظام الإنقاذ، وتنقل بين ليبيا وإريتريا ومصر وأوروبا وأمريكا، ومن ثم أسس مع تيارات المعارضة ما عُرف بالتجمع الوطني، وشغل أمانته العامة، وأنشأ جيش الأمة، وكان كثير الخلافات مع التيارات الأخرى، وبالذات مع السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع، مما عجّل بمغادرته التجمع عقب فترة قصيرة من موقفه التحريضي بضرب مصنع الشفاء في العام 1998م، وتمكن من السباحة بالسيد الصادق المهدي تجاه النظام الذي عاداه بشكل سافر، حتى وقع مع النظام تحت إمرة الصادق المهدي ما عرف ب (اتفاق جيبوتي)، وعندما تكشف له تردد الصادق المهدي في المشاركة ابتدر الانشقاقات داخل حزب الأمة القومي، وأسس حزب الأمة الإصلاح والتجديد، وانخرط مع مجموعة من قيادات حزبه الجديد في السلطة، وعين مساعداً لرئيس الجمهورية، وبعد ثلاث سنوات من المشاركة خرج من الحكومة دون وزرائه الذين آثروا الاستمرار في الحكومة، بحجة أن أسباب المشاركة ما زالت قائمة. وفي العام 2007م اتهم بالتدبير لمحاولة تخريبية وانقلابية، وأخيراً رشح نفسه لرئاسة الجمهورية، ولكنه انسحب قبيل قيامها، ثم فاجأ الأوساط السياسية بعودته إلى حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي. · من التناقضات البارزة في مسيرة الرجل اعتقاله للسياسيين والأكاديميين الذين شاركوا في ندوة (أمبو) مع الحركة الشعبية، وكان وقتها وزيراً للداخلية، وبعد خروجه معارضاً بادر بإنشاء التجمع مع الحركة الشعبية وتحالف معها عسكرياً، ثم ما لبث أن نفض يده وبدأ يقترب من النظام، بالرغم من العداوة التي عرف بها تجاهه، وانتهى به هذا المسار إلى المشاركة ثم الخروج ثم اتهامه بالتدبير للانقلاب والتخريب، وفي المقابل أسهم مبارك الفاضل في تشتيت حزب الأمة، وقد تبعته اللافتات الآتية: الفيدرالي، والقيادة الجماعية، والعدالة والتنمية، وخرجت العديد من القيادات أو أنها على أقل تقدير رفعت من وتيرة الخلافات داخل الحزب، من أمثال عبد الرسول النور، ومادبو، ومجموعة التيار العام، وبكري عديل، وحامد محمد حامد، وإبراهيم الأمين. ونعود إلى مرحلة الديمقراطية الثالثة، وقد كان مبارك الفاضل وزيراً للداخلية، وفي عهده انفرط عقد الأمن لدرجة غير مسبوقة، وكذلك ارتفعت الأسعار واختفت السلع الضرورية من الأسواق، وعمت المحسوبية إبان فترة توليه وزارة التجارة الخارجية. · من المرجح أن مبارك الفاضل أصبح دمية في يد ياسر عرمان، وقد لمح قبل فترة أنه سيعمل على تكوين تحالف جديد من منسوبي الحركة الشعبية في جبال النوبة والنيل الأزرق، ولذلك يستبق هذه الخطوة بخطوة مماثلة بعودته إلى حزب الأمة، وقد نجح مبارك من قبل في زج الصادق المهدي في المصالحة الوطنية، ثم استدرجه إلى اتفاق جيبوتي، ولذلك من المرجح أن مبارك يخطط لاستدراج الصادق إلى تحالف جديد، لا سيما أن عودته إلى الحزب كانت من تلقاء نفسه.