لما يقارب الشهر توقفت قناة هارمونى عن البث بسبب الأجرة الشهرية العالية للحيز فى الأقمار الصناعية و لذات السبب توقفت قبلها قناة الأمل و كذلك إحتجبت لأيام قناة ساهور ثم عاودت البث بعد أن دفعت {دم قلبها} لتسعد مشاهديها ربما لشهر أو شهرين حتى يتم حجبها من جديد . القنوات الفضائية السودانية الخاصة تعانى معاناة كبيرة و هى تطرق صناعة التلفزة التى قد تستهلك كل أو جل ما إدخروه من أموال فهى صناعة مكلفة لدرجة لم يتوقعها كل الذين خاضوا هذه التجربة فالحيز الذى تبث منه تلك القنوات لا تقل أجرته الشهرية عن {27} ألف دولار ، ثم تدخل تكاليف أخرى تتمثل فى الإنتاج البرامجى ، و هذا وحده يرهق الحكومات ناهيك عن الأفراد و هناك المصروفات الإدارية الأخرى التى تشمل المرتبات و التسير و قبل كل ذلك هناك التأسيس الذى يدخله كثيرون بمزاج عال و كأن الصرف على هذه العملية ينتهى بشراء الأجهزة و المعدات و كافة المعينات التى يحتاجها النشاط التلفزيونى و لكنهم يتفاجئون بمصروفات تتقاطر عليهم من حيث يدرون و لا يدرون دون أن تنقطع هذه {الشكشاكة} التى تحبس الناس فى بيوتهم فى إنتظار توقفها الذى طال بالرغم من إنحسارها و تراجع هطولها و هى لمن لا يعرفها {مطرة الضحى} التى تستمر حتى بعد الظهر ، و عموما أن المصروفات لأية قناة مهما هبطت لن تقل عن {350} ألف جنيه فى الشهر . سوق الإعلان فى بلادنا لا يرقى لمستوى الإعتماد عليه فهو أقل بكثير من الطموح أو التقديرات التى تحسبها دراسات الجدوى عند التخطيط لقيام القناة الفضائية و قد أصاب هذا السوق تراجع بسبب بعض العقليات التى تدير عددا من الشركات الكبيرة فى البلاد و هى تعتقد أن الإعلان لم يعد محفزا على إقبال الجمهور على الخدمة أو السلعة التى تقدمها تلك الشركات و بالذات تلك الشركات التى تسيطر على سوق السلعة أو الخدمة التى تعمل فيها و قد أجرت تجارب جعلت من هذا الإعتقاد حقيقة و لكنها يا سادتى المدراء و رؤوساء مجالس تلك الشركات حقيقة أنية و قد تتفاجؤن غدا بتراجع مبيعاتكم و بالتالى تراجع أرباحكم على المدى الطويل و قد إمتد تأثير تراجع الإعلان إلى وسائل إعلام أخرى مثل محطات {FM} الإذاعية و على الصحف اليومية و ستخرج صحف كثيرة من سوق الصحافة إن إستمر الحال على ما هو عليه الأن ، ثم ثانيا أن الإعلان بجانب الترويج للخدمة أو السلعة يعد مساهمة وطنية تسهم فى تحريك مجالات أخرى . يجب أن تتضافر جهود الشركات الكبرى فى البلاد و ترفع من معدلات الإعلان لدعم حركة الإعلام و الثقافة فى بلادنا و ذلك بالقليل من أرباحها الكبيرة ، فماذا يضير هذه الشركات إن خصصت للإعلان إثنين مليون دولار من أرباحها تتوزع على كافة وسائل الإعلام مقابل الخدمة الإعلانية لاسيما و أن هناك بعض الدول تلزم الشركات الكبرى بنسب للإعلان من أرباحها السنوية ، و نحن هنا نطالب فقط بتمويل مناسب لحركة الإعلان تستفيد منه وسائل الإعلام و لا يرهق تلك الشركات . كما نطالب الحكومة بمساعدة المحطات الإذاعية و القنوات الفضائية فقط بتحمل إيجار الحيز عن كل محطة و قناة أو بنسبة منه لا تقل عن المناصفة بأى حال من الأحوال و أن ذلك لن يكون مرهقا للحكومة و لن يتجاوز ال {2} مليون دولار فى السنة لكافة القنوات و المحطات العاملة فى البلاد و هذا أفيد للبلاد من حالة الفراغ التى ستتركها هذه المحطات و القنوات إن هى صمتت عن الكلام المباح و تعطلت تماما و تركت مواطنينا يتجهون للخدمة الإعلامية الأجنبية فى غياب خدمة وطنية حتى و إن خرجت من ألد الناس عداوة لهذه الحكومة .