{ احدث قرار لجنة التحكيم الاتحادية بقبول طعن الاخ صلاح ادريس حراكا في الساحة الرياضية ما بين رافض للخطوة وموافق على القرار فيما انقسم الوسط الرياضي حول بيان الوزير حاج ماجد سوار.. نفسح المجال عبر هذه المساحة لمولانا الطيب العباس وهو قانوني معروف اسهم في صياغة عدد من القوانين والتشريعات الرياضية وكان عضوا بلجان الاتحاد السوداني. استنادا الى سلطاته تحت المادة (73-1) من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م مقروءة مع سلطات الوزير الاتحادي تحت المادة (7 ك) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003م – وهو استناد خاطئ كما سيتضح لاحقا اذ ان المادة الصحيحة هي (7-4) وليس هناك في قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003م مادة اسمها (7-ك) - اصدر السيد/ حاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة الاتحادي قرارا وبيانا الغى بموجبه قرار لجنة التحكيم الشبابية والرياضية القومية بقبول الطعن في اجراءات الجمعية العمومية الاخيرة لاتحاد كرة القدم واعلان بطلان تلك الجمعية العمومية التي انتخبت مجلس الاتحاد الحالي. بيان السيد الوزير جاء مضللا بالاضافة الى ما في قراره من خروج على صحيح القانون، فقد ذكر الوزير المحترم في بيانه الذي صيغ على عجل ان قرارات سيادته نهائية ولا يجوز الغاءها الا بوساطة مجلس الوزراء القومي او رئيس الجمهورية استنادا على احكام المادة (73-1) من الدستور والتي تنص على الاتي: (الوزير القومي هو المسؤول الاول في وزارته وتعلو قرارته فيها على اي قرارات اخرى، ومع ذلك يجوز لمجلس الوزراء القومي مراجعتها ويجوز لرئيس الجمهورية تعليق اي قرار يصدره وزير قومي) من الملاحظ ان هذا النص ينطبق على كافة الوزراء الاتحاديين وليس نصا خاصا بوزير الشباب والرياضة لوحده. صحيح ان قرارات السادة الوزراء قرارات نهائية، وانه ليس ثمة سلطة اعلى تستطيع التدخل اداريا بغرض المراجعة او التعليق الا تلك السلطة الممنوحة دستورا لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء القومي وفقا للنص المشار اليه اعلاه، غير ان الاتكاء على هذا النص بغرض اضفاء القداسة على قرارات الوزير يعتبر ضربا من التضليل المقصود، فالمادة (78) من دستور السودان الانتقالى لسنة 2005م اجازت لكل شخص متضرر من قرار معالي الوزير او مجلس الوزراء القومي الطعن فيه امام المحكمة الدستورية اذا كان القرار متعلقا بانتهاك الدستور او وثيقة الحقوق او الحكم اللامركزي او اتفاقية السلام، كما اجازت الطعن فيه امام السلطة او المحكمة المختصة اذا كان القرار متعلقا باي اسباب قانونية اخرى، وبقراءة نص المادة ( 78 ) من الدستور مع نص المادة ( ) من قانون القضاء الاداري لسنة 2005م فان قرار الوزير يكون متاحا للطعن امام المحكمة الادارية اذا صدر القرار مخالفا للقانون، او اذا تعسف الوزير في استخدام السلطة المخولة له قانونا او اذا لم يكن يملك الاختصاص باصدار القرار او اذا شاب القرار نفسه عيب من عيوب الشكل وبالتالي نجد ان قرارات الوزير غير محصنة وانها قابلة للالغاء بموجب المادة ( ) من قانون القضاء الاداري اذ تملك المحكمة الادارية سلطة اصدار امر ملزم بالغاء القرار الاداري متى ما صدر بشكل او محتوى مخالف للقانون فلا قداسة لاي قرار الا في حدود القانون. قرار معالي الوزير الاتحادي بالغاء قرار لجنة التحكيم الاتحادية القاضي ببطلان الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم يعتبر من القرارات النموذجية التي تنطبق عليها كافة اوجه النعي القانونية ويعتبر مثالا للقرارات المحاطة بكل عيوب القرار الاداري، فالوزير لا يملك اساسا سلطة النظر في قرار لجنة التحكيم وفقا لنص المادة (22-2-أ) من قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003م، ذلك ان هذه اللجنة تختص بالفصل في الاستئنافات التي ترفع اليها من هيئات الشباب والرياضة او الافراد التابعين لها ضد قرارات المفوضية القومية ويكون قرارها نهائيا بموجب المادة المذكورة. من المعلوم ان المشرع عندما يقرر نهائية القرار الاداري، فان هذا النص يحول دون السلطات الادارية والتدخل في القرار، وبالتالي يعتبر قرار لجنة التحكيم قرارا نهائيا في السياق الاداري سواء اكان القرار قد صدر صحيحا او مخالفا للقانون ولا يملك وزير الرياضة القومي اختصاص تأييد او الغاء قرار لجنة التحكيم، ولا يجوز الطعن في هذا القرار الا امام المحاكم على النحو الذي اوضحناه آنفا مما يحملنا على وصف قرار معالي الوزير الاتحادي بانه اختطاف للاختصاص لا يسنده قانون خاصة وان قانون هيئات الشباب والرياضة لسنة 2003م قد منح معالي الوزير سلطات حصرية في المادة (7) ليس من بينها الغاء قرارات لجنة التحكيم. لا اعرف الحكمة من صدور بيان معالي الوزير بسرعة البرق في اعقاب صدور قرار اللجنة، غير ان تلك السرعة قد اهدرت حسن تسبيب القرار – ان كان من الممكن احسان ذلك – فقد جاء بالبيان انه قد صدر بموجب سلطات الوزير تحت المادة (7 ك) غير انه لا يوجد بقانون هيئات الشباب والرياضة مثل هذه المادة، واذا كانت المادة المعنية هي المادة (7-1-ك) فانها تنص على اختصاص الوزير ب(استثناء اي من هيئات الشباب والرياضة من بعض شروط التسجيل لاسباب موضوعية) الامر الذي يلحق بالقرار عيب الشكل للقصور المريع في التسبيب، وصدق من قال في العجلة الندامة اذ ان الحرص الذي ابداه معالي الوزير في حماية الاتحاد الحالي يعبر عن سوء تقدير مريع في النظر للمصلحة العامة، فقد اصدر معاليه القرار دون ان ينتظر النتائج المترتبة على ذلك واثرها وضررها على المصلحة العامة، او نفعها، كما ان معالي الوزير قد اقتطع النص من سياقه في قراره المتعجل اذ ان المادة (7-4) من القانون اجازت للوزير (استخدام سلطاته لفرض القانون والنظام العام في امور هيئات الشباب والرياضة التي يترتب عليها الاخلال بالامن العام او تضييع المصلحة العامة متى ما تبين له عجز الهيئة عن السيطرة على الموقف واحتوائه في حدود سلطاتها ويكون قراره نهائيا). ان هذا النص يشترط ان يستخدم الوزير (سلطاته) لا سلطات غيره، وان هذه السلطات محددة بموجب القانون في المادة (7) بفقراته المحددة وبالتمعن فيها سنجد ان الوزير غير مختص اساسا بالغاء قرارات لجنة التحكيم بل انها نهائية، كما ان استخدام الوزير لسلطاته ينبغي ان تكون بغرض (فرض القانون) لا خرقه، وقد حدد القانون اجراءات الطعن في الجمعية العمومية اذ تكون امام المفوضية وتستانف قراراتها لدى لجنة التحكيم وتكون نهائية والمدهش في قرار معالي الوزير المحترم انه قد صدر (لخرق القانون) لا (فرضه) وبالقطع فان المصلحة العامة قد ضاعت في خضم تزاحم المصالح الفئوية للبعض لانه لم ينم الى علمنا ان قرار لجنة التحكيم قد سبب ضررا بالامن والمصلحة العامة او انها فوتت مصلحة عامة او ان لجنة التحكيم قد فقدت السيطرة على الاوضاع لان الوزير المحترم لم يمنح اللجنة الموقرة الفرصة لادارة الاوضاع المترتبة على قرارها الموءود مع سبق الاصرار والترصد. لقد اصدر معالي الوزير قرارا لا يستند الى قانون، فهو قد قام بالغاء قرار نهائي قانونا، كما انه لا يملك الاختصاص وليست من سلطاته التي منحها له الدستور او القانون، وقد جاء القرار متسرعا ومتعجلا ومرتبكا تشوبه كافة الشوائب القانونية، والحال كذلك فانه قرار باطل ولا قيمة له، وهو راي يفرض علي انتمائي للوسط الرياضى وممارستي لمهنة القانون وخبرتي المهنية في عضوية لجان التشريع للقوانين الرياضية ان اجهر به احقاقا للحق وتوضيحا للحقيقة التي تقول ان قرار معالي الوزير المحترم كان جاحدا في تطبيق القانون غير ماجد فيه.