الأستاذ علي السقيد فنان بكل ما تحمله الكلمة من معنى لأنه يجمع بين الحس الفني الرفيع والصوت الأنيق.. سلاحه في ذلك النغم الأصيل.. له خطواته الثابتة وهو صاحب مدرسة متفردة .. أخذته الغربة عن فنه ووطنه.. رغم هذا التفرد إلا أنه مظلوم إعلامياً سواء على الأجهزة المرئية أو المسموعة والمقروءة التقينا به في (دنيا الفن) بعد العودة نهائياً لأنه يرى أن الغربة تخصم من الفنان ولا تضيف لإبداعه ووجدنا أيضاً أنه يحمل روح المحاور اللبق فكان لنا معه هذا الحوار، وحتى لا نفسد روعته كونوا معنا ؟! نبدأ حوارنا معك بالهجرة التي أخذتك بعيداً عن أجواء الفن أما آن لهذه الهجرة أن تنتهي ؟! - لا يختلف اثنان على الآثار السلبية للهجرة منها ابتعاده عن جمهوره وافتقاده للتواصل الحميم مع المتلقي.. وأي فنان يحتاج لتفجير طاقاته الإبداعية في بلده ووسط جمهوره وهذه هي الشحنة التي تمثل زاد الفنان الحقيقي في وضع بصمته الغنائية.. والآن أبشر معجبي فني بأنني حزمت أمري تماماً وعدت للوطن بصورة نهائية.. بعد (15) سنة من الغياب تخللتها بعض الزيارات لكنها لم ترو ظمأ شوقي لجمهوري. الآن ما هو الشيء الذي يفكر فيه السقيد بعد العودة؟.. ماذا تخطط للمستقبل؟! - على المستوى الخاص كفنان أنجزت العديد من الأعمال الجديدة بأمريكا وأسعى لإيصالها عبر وسائط الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفزيون وغيرها.. وعلى الصعيد الآخر هناك أفكار أحاول أن استنشق الجو العام للساحة الفنية وبعدها أبدأ تنفيذ بعض المشاريع منها حلمي بإنشاء معهد مصغر لدراسة وصقل الموسيقى للشباب وذلك لإيماني التام بأن الموهبة وحدها لا تكفي. كيف ترى الواقع الفني؟ وبماذا تصف الثورة الغنائية الشبابية؟ - السائد الآن في سوق الغناء الاجترار والفنانون الشباب لم يقدموا حتى بصمتهم الخاصة وبعضهم يركن للتقليد وفي نظري هذا مضر بالنسبة لهم لأن الجمهور سيسجن موهبتهم في أغاني من سبقوهم. لذلك تطمس شخصية الفنان المبتدئ وأنصح الفنانين الشباب بالجدية والالتزام والاجتهاد في خلق شخصية خاصة تميزهم. البعض يرى السقيد ساجنا نفسه في قالب لحني واحد وأصوات شعرية محددة ما ردك؟ - أبداً أنا لم أسجن نفسي في قالب واحد بدليل أنني تعاملت مع شعراء وملحنين كثر ولكل منهم لونيته، أذكر منهم في مجال الشعر إسحاق الحلنقي ، محجوب شريف، صلاح حاج سعيد، سعد الدين إبراهيم، عز الدين هلالي، محمد جعفر عثمان، محمد عبد القادر أبو شورة ،محمد عبد الله برقاوي، وعبد الوهاب هلاوي وعماد الدين إبراهيم ورفيق الدرب مدني النخلي الذي شكلنا ثنائية معاً وذات الأمر ينطبق على الملحنين منهم عبد اللطيف خضر «ود الحاوي» بشير عباس، يوسف الموصلي، عمر الشاعر، وضياء الدين ميرغني وغيرهم وهؤلاء لا يكررون أعمالهم وهذا الاتهام لا يسنده أي منطق والدليل على ذلك أن أغنية (ايدينا الخضراء) تختلف شكلاً ومضموناً من أغنية (فرحانة بيك كل النجوم) ماذا عن تجربتك اللحنية؟ - بدأت التلحين عام 1976م بود مدني تلك المدينة التي نشأت وترعرعت فيها وأنا أصلاً من أسرة فنية أذكر أول أغنية قمت بتلحينها كانت بعنوان «قصة غرامنا» وبعدها لحنت لشقيقي الفنان فتاح السقيد أغنية (أصلك أنا) من كلمات الشاعر جمال عبد الرحيم وشارك بها في مهرجان الإبداع الثقافي عام 1983م وحاز على المركز الثاني بعدها توالت الألحان خاصة بعد تخرجي من معهد الموسيقى والمسرح عام 1982م ونقطة التحول كانت تلحين أغنية «أرض الطيبين» التي كانت جزءا من أغنية موظفة داخل مسرحية «بت بت المنى بت مساعد» وهي من إخراج الصديق عماد الدين إبراهيم ومن ثم استمرت المسيرة حتى الآن . هل قمت بألحان لفنانين آخرين؟ - نعم قدمت ألحانا لفنانين مختلفين منهم خالد الصحافة (شالن الصفقة) و(فرح القصائد) وأسامة الشيخ (ثابت في حبك) و(حلم) وأبو بكر سيد أحمد (شلعت برق) و(يا صديقة كل زول) وأسرار بابكر (ناسة عيونك وناسة) ولا أنسى البلابل قدمت لهن أغنية (خت النقاط، ومدن التعب، عطر الكلام) وهنالك ألحان جديدة للفنانة الصاعدة شموس (دعوة فال، وقلبي المعاك) ومن المؤمل أن يسمعها الجمهور بصوتها قريباً. لماذا لم تفكر حتي الآن في الزواج؟ - الهجرة سرقتني بعض الشيء من تحقيق إكمال نصف ديني ولكن الآن بعد الاستقرار في السودان بدأت أفكر جدياً في مسألة الزواج.. واكتب على لساني إنني موعود بدخول القفص الذهبي خلال هذا العام شريطة العثور على (بت الحلال). مقاطعاً ما هي مواصفات شريكة حياتك؟ - أن تكون إنسانة مسالمة وعلى قدر من الوعي والفهم والمسؤولية ومدركة لطبيعة عملي كفنان ولديها القناعة بالرسالة الفنية التي أقدمها إذا وجدت انسانة بهذه المواصفات أكون سعيد الحظ. هل لديك مقترحات محددة للنهوض بالموسيقى بالسودان؟ - أتمنى أن يفكر القائمون بأمر التعليم في السودان بإدخال مادة الموسيقى كمقرر رئيسي بمرحلتي الأساس والثانوي لأن الموسيقى لها دور كبير في تهذيب النفس وتربيتها وصولاً لجيل واع يعرف أصول وأبجديات الجمل الموسيقية ويتذوقها وقناعتي أن الموسيقى تزيح كل رواسب الحقد والأنانية وتنمي قيم الذوق والتعامل الراقي والحضاري وتزرع الجمال في النفوس المجدبة. يصفك البعض بالمزاجية والانغلاق على الذات؟ - يرد ضاحكا لم أكن مزاجياً في يوم من الأيام أنا متصالح مع ذاتي أحب الناس واحترمهم وأقدرهم والمقربين مني يعرفون بأنني «زول حنين» وكثير من الذين عاشرتهم يحفظون لي هذه الصفة. بذات القدر هل أنت سريع الانفعال والغضب ويصعب التعامل معك أحياناً؟ 0 وأنا صغير والدي كان يلقبني بالسلطان ويقول بأنني صاحب بال طويل وهذا بالطبع جنبني من الدخول في خلافات مع أي شخص. وأضاف يا عزيزي عبد الباقي أنا متسامح حتى مع الذين اخطأوا في حقي ودائماً ما أجد لهم الأعذار وأعطي للآخرين من قلبي وعقلي ووقتي.