لا يمتري أحد في أن الأزمة السودانية، منذ أن تولدت بأشكالها المختلفة، ترتكز في معاملها الرئيس على تباعد الشقة الثقافية بين مكونات السودان الجغرافية من جهة، وانقطاعها عن العالم الخارجي من الجهة الأخرى، ويقيناً لن تحل هذه الأزمة بعيداً عن مربعها الذي بدأت منه.. والأمر هكذا لم يجد وزير الثقافة الاتحادي الأستاذ السموأل خلف الله القريش بداً من التحرك من ذات المنطلق، لتوسيع دائرة الفعل الثقافي، وتلاقحه بين أبناء السودان، وما تبقى من جغرافيته حسبما قال في زيارته أمس (الاثنين) إلى مباني الصحيفة، تلك الزيارة التي خصصها لإرساء إستراتيجية تعاون مفيدة بين الصحيفة والوزارة، وأعلن من خلالها تبني عدد من المشاريع الثقافية التي طرحها رئيس التحرير الأستاذ الهندي عز الدين، وشملت ضمن ما شملت تكريم عدد من الرموز الأدبية السودانية، واستضافة نظرائهم من خارج البلاد لإثراء الفعل الثقافي، والتعريف بالثقافة السودانية، ولعل السانحة كانت مناسبة ليكشف فيها القريش عن مشاريع عدة تنوي وزارته تنفيذها ما بين العامين الحالي والذي يليه، منها إقامة مكتبة وطنية تطل على شارع النيل في المساحة ما بين المتحف القومي وقاعة الصداقة، بتمويل قدره (40) مليون دولار من جهة أجنبية، فضلاً عن تفعيل مشاركة السودان في معرض الكتاب، عقب دخوله في منظومة المعارض العربية، وفتح البلاد أمام مشاركة الفرق الموسيقية العالمية، وبالمقابل دعم الفرق الموسيقية السودانية المشاركة في الخارج، وربما ذهب القريش أكثر من هذا في تحقيق شعار وزارته «الثقافة تقود الحياة» وأكد إعادته مهرجان الثقافة القومي في نسخته الخامسة ليقام بمدينة الجنينة غرب دارفور، واعتمادها عاصمة للثقافة السودانية هذا العام، علاوة على إعادة مهرجان الشعر العربي تحت اسم «التجاني يوسف بشير» متضمناً طباعة دواوين لشعراء سودانيين لم يسبق لهم طباعة أعمالهم الشعرية، ومضى القريش بشكل أعمق في دعم الشأن الثقافي وأعلن قيام المركز الوطني للفنون التشكيلية بالحديقة الدولية، إضافة إلى دعمه لطباعة أعمال عدد من التشكيليين لتصدر في كتاب، أمثال التشكيليين عبده عثمان وشبرين، وغيرهما من القامات التشكيلية في البلاد، فضلاً عن إعادة إصدار مجلات «الخرطوم، الثقافة الجديدة، الوازا» التي توقفت عن الصدور لفترة طويلة، وكشف القريش عن ابتعاثه للأستاذ مجذوب عيدروس إلى دولة قطر بشأن التنسيق معها في الطباعة، وأبدى القريش أسفه لتدهور السينما السودانية، وقال إنه بصدد تكوين هيئة وطنية للسينما بالمشاركة مع جمهورية إيران، عبر شركة سودانية إيرانية، إضافة إلى اعتماد مناهج سينمائية لتدرس في جميع المعاهد والكليات المختصة، وأكد القريش على نحو شخصي قناعته بأهمية تحرير العمل الثقافي، والاكتفاء بأن تكون الدولة داعمة للثقافة لا صانعة لها. ومثلما أن للوزارة خطتها الثقافية فإن «الأهرام اليوم» كانت حاضرة عبر حراكها ورؤاها، حيث أعلن رئيس التحرير الأستاذ الهندي عز الدين رغبة الصحيفة في مواصلة تكريمها للرموز الثقافية، واستضافة رموز الثقافة العربية لإقامة ندوات وفعاليات ثقافية في السودان، وأكد التزام الصحيفة بالتنسيق مع الوزارة لتبني مشروعات الثقافة والترويج لها.