الكاتب الشهير فهمي هويدي يُقال إنه أبدى دهشة واستغراباً بأن الخرطوم (فرحانة) و(مبتهجة) من انفصال الجنوب.. وكان يعتقد إبان زيارته للخرطوم في الأيام الماضية، أنه سوف يجدها راشحة بالأسى والحزن والأسف.. ويبدو أن الأستاذ هويدي مرّ بالمواقع والطرق التي بها لافتات منبر السلام العادل.. وقد شاهد على فضائية الجزيرة «بهجة» و«حبور وسرور» ذاك المنبر والذبائح التي نحرت قرباناً للانفصال، وعلى دمها تسيل السعادة!! فخدعت تلك «المظاهر» إحساس هويدي بما تنبض به أعماق الغالبية من أبناء الوطن.. القلوب حزينة ومكلومة يا أستاذ فهمي هويدي.. بيد أن الانفصال فاتورة دفعها الشعب شمالاً وجنوباً في مسيرة تعاقب الحكومات المتوالية التي لم تنتبه إلى أن مستصغر الشرر يمكن أن يصبح حريقاً هائلاً.. الآن فات أوان البكاء على اللبن المسكوب.. وكل الذي نخشاه في قادم الأيام.. أولئك الذين ينفخون في لهيب ما هو عالق من قضايا.. والذين يخططون لإقامة حائط مثل حائط برلين أو سور مثل سور الصين العظيم، بين الشمال والجنوب.. حائط معنوياً كان أم مادياً.. وأولئك مثل الكلب الذي يلهث في كل الحالات، انفصال، أو ما بعد الانفصال!! ويا له من تفاؤل ذاك الذي طرحه السيد جوزيف لاقو، الأب الروحي للحركة الشعبية وهو يختار من بين المقترحات الخمسة لتسمية الدولة الجديدة، يختار اسم «جمهورية جنوب السودان» حسب ما أوردته الزميلة «التيار» وله في ذلك قناعات ودفوعات بأن المستقبل القريب أو البعيد لابد أن يحمل بشريات توحد السودان من جديد ويعود الفرع إلى الأصل.. ويقبع نصب تذكاري ضخم في ركن بجانب سور مقابر مسيحية في مطلع شارع القوات المسلحة، وهو من النُصب التي أُقيمت حديثاً وبه عبارة بارزة «قوتنا في وحدتنا» ولعل ذلك النصب يحقق أشواق جوزيف لاقو.. وكم شدتني وأصابتني بالقشعريرة.. تلك الشفافية لدى وزير الداخلية الكويتي الشيخ جابر الخالد الصباح وهو يقدم استقالته على خلفية ثبوت شبهة جنائىة في وفاة مواطن كويتي يدعى «المطيري».. ثقافة الاستقالة تؤكد عدالة من يلجأ إليها ونزاهته، بل قبل ذلك يقظة ضميره.. وهذا ما نفتقده لدى الجبابرة من المسؤولين الذين لا تهتز لهم شعرة حينما تزهق حياة مواطن في مرافق حيوية ذات صلة ب«حياة الانسان».. ويفرج على الأسمنت إذ بالرغم من ضعف القوة الشرائية له إلا أنه (متعزز) بارتفاع سعره.. وحتى دخول المصانع الجديدة وآخرها «بربر» لم تؤثر على جلد سعر جوال أسمنت واحد. ويبدو أن شعار «الاكتفاء الذاتي» لأي سلعة يذهب مع الريح.. وما أكثر (الزبد) الذي بقي من شعارات طُرحت قبل ذلك وقادمة أيضاً!! أخشى على سعر جوال الفول المصري.. الأسمنت الغذائي لعموم (وطن القماري) ومعذرة للبلابل بل هو وطن الفول.. فمن يغني للفول؟! الغول والعنقاء والخل (غير الوفي).. هل تعرفون من هم؟ (طبلية) خضروات وفاكهة.. تشعل فتيل ثورة وتطيح بنظام مدجج بالشرطة والأمن وكل أجهزة القمع.. يا لها من طبلية! و(بو عزيزي) صاحب الطبلية يصبح في تونس الخضراء رمزاً لانتفاضة شعبية تقتلع طاغية تونس وزبانيته من جذورهم. مسطول قال لزميله: شايف الكتابة المكتوبة على الباب؟ أجاب زميله المسطول: الكتابة أنا شايفا.. بس وين الباب؟!