قال الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، معبراً عن أسفه وحزنه (إنه فوجئ بقوة الرأي العام نحو الانفصال، في جنوب السودان، وأوضح أن فقدان جون قرنق الذي لقي حتفه في تحطم طائرة هليكوبتر بعد ثلاثة أسابيع من توليه منصبه كنائب لرئيس البلاد، مقترناً بتقاعس الشمال عن اقتسام الموارد في الجنوب، أزكى المشاعر نحو الانفصال). وأضاف كارتر: لو كانت الأمور سارت على نحو مختلف مع بقاء جون قرنق في السلطة واقتسام الثروة القومية على نحو كافِ لكان الجنوب واجه استفتاءً تقاربت فيه نسبة المؤيدين والمعارضين للاستقلال) الصحافة 9/1/2011. تفسير أقوال كارتر هو أن وجود قرنق ربما قلب الموازين ولكان لشخصيته الطاغية أثرها في تقاسم المؤتمر الوطني للسلطة والثروة مع الحركة الشعبية ولم يكن قرنق ليكتفي بالاحتجاج والاعتكاف في الجنوب كما فعل سلفاكير، فقرنق هو المؤسس لفكرة السودان الجديد وهو قائد (كاريزمي) مؤمن بأسطورة أنه مبعوث العناية الإلهية (على النمط المسيحي) لخلاص الجنوبيين .. لا يتخلى عن هدفه وتنفيذ فكرته على أرض الواقع وإن طال السفر. ووسيلة القائد الكاريزمي في السلطة هي الحديد والنار وقطع الرقاب، وحق الجنوبيين عند قرنق هو كل أرض السودان. إلى المتباكين من ذهاب الجنوب، وإلى الضاحكين .. (نفدتو من ضُل السيف وتحت المظلة) .. ولو أن قرنق لم يرحل لكان مصيركم مصير المحشورين تحت مظلة المستبد في رواية نجيب محفوظ (تحت المظلة) إذ رمز محفوظ للسلطة الكاريزمية المستبدة بشرطي يحمل بندقية لتنظيم الفوضى كما جاء عنه في كتاب، د. غالي شكري ، المنتمي دراسة في أدب نجيب محفوظ (إنه لا يبالي بأن يجعل من الفوضى نظاماً ومن دماء الرؤوس المقطوعة قانوناً وحين يشعر بأن المظليين تجاوزوا حدودهم فسموا الأشياء بأسمائها وقالوا إن هذه فوضى وذاك جنون وتلك مذابح لا يكون منه إلا أن يؤدي واجبه فينظم الفوضى ويعقِّل الجنون ويقنِّن المذبحة ويصوب رصاص بندقيته إلى الصدور لتنزف والرقاب لتتساقط، أي يزيد الفوضى فوضى والجنون جنوناً والمذبحة دماً). أسطورة قرنق ونظامه، كما سنرى هي السودان الجديد، وهي أسطورة تأسست على المسيحية والزنوجة، فهي أسطورة تكرس لتسلط الجنوبيين، أي تسلط القائد الكاريزمي، تحديداً .. وهو جون قرنق، وهي عند قرنق النظام المفروض تحت زخات الرصاص وقطع الرقاب. عودة إلى كارتر، فإن قبول الأمريكان والغربيين، عموماً بجون قرنق، يصدر من منطلق حضاري إذ نتلمس الصدام الحضاري بين علمانية الغرب المسيحي والزنوجة الأفريقية .. وحضارة الشمال العربي الإسلامي (السودان القديم)، نتلمس هذا الصدام في خطاب قرنق عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا. وكان خطابه موجهاً أساساً للغربيين المسيحيين (عرَّابي نيفاشا) والجنوبيين .. ونقول نتلمس الصدام الحضاري لأن قرنق أخفى حقيقة هذا الصدام خلف ستار كثيف هو شعار السودان الجديد متعدد الأعراق والأديان ولكن يكشف عن هذه الحقيقة تحليلنا للغة خطابه والمتلقِّي المقصود به هذا الخطاب: أرسل قرنق خطابه للجنوبيين والغرب المسيحي كما قلنا وكما سنرى، وقرنق يُبشِّر شعبه الجنوبي بالعودة إلى جنة عدن، أي السودان الجديد، كما جاء في كتاب الواثق كمير: جون قرنق رؤيته للسودان الجديد، وهي العودة التي عبر عنها قرنق بأنها (إعادة إطلاق السودان، للأرض الموعودة في السودان الجديد). قرنق قائد كاريزمي، والقائد الكاريزمي يتوسل لشعبه بالشحن العاطفي وبالأسطورة، وقد خلق قرنق اسطورته وهي المسيحية مع ربطها بحضارة الغرب المسيحي، وأيضاَ توسل لشعبه الجنوبي ببعث (الزنوجة) وذلك باختلاق رؤية لتاريخ السودان تعبر عن صدام الحضارة العلمانية المسيحية والممزوجة بالزنوجة .. مع حضارة (السودان القديم .. العربي الإسلامي) وتتكشف هذه الرؤية في تصنيف قرنق لجمهورية السودان القديم، وجمهورية السودان الجديد، يقول قرنق عن اتفاقية نيفاشا كجسر للسودان الجديد (إن توقيع اتفاقية السلام هذه يضع علامة نهائية لما أود صحيحاً أن أسميه الجمهورية الأولى للسودان القديم التي دامت تسعة و أربعين عاماً .. إن اتفاقية السلام هذه تعطينا إشارة بداية الجمهورية الثانية في السودان الجديد). يحاول قرنق التعمية عن حقيقة أسطورته الحضارية والدينية ولكن رؤيته لمن يصفهم بالعرب المسلمين، يكشفها تصنيفه لنماذج الحكم المفترضة، ومفتاح الكشف عن هذه الحقيقة عنه، هي نظرته للعرب المسلمين ككتلة صماء تمثل 31% من سكان السودان بلا (حذلقة طبقية) .. ومفتاح الكشف عن حقيقة رؤية قرنق هي كلمة يحكمون، يقصد العرب المسلمين، الواردة في كتاب كمير سالف الذكر .. يقول قرنق في معرض حديثه عن نموذجه الرابع: السودان العلماني الأسود الأفريقي (وكما أن عرب السودان ال 31% من سكانه باستطاعتهم وفي إمكانهم الدعوة لسودان عربي إسلامي موحد كما فعلوا عام 1956 ومازالوا، فلا أرى سبباً يمنع ال 69% الأفارقة السودانيين في الشمال أن يدعوا لسودان علماني الأسود الأفريقي) السودان العلماني الأسود الأفريقي هو رسالة قرنق .. في مقابل السودان العربي الإسلامي، وهي مهمته المنوطة به في السودان، من قبل داعميه في الغرب المسيحي. فمن دعم قرنق وأوصله إلى نيفاشا هو الغرب المسيحي وكان هذا الغرب يعيش وقت إجراء مفاوضات سلام السودان، قمة صدام الحضارات، مع الحضارة العربية الإسلامية (تزامنت مفاوضات نيفاشا مع غزو واحتلال العراق، والذي تم بعد أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، والتي نظر إليها الكثير من الغربيين كتحقيق لنبوءة صمويل هنتنغتون عن صدام الحضارتين الغربية والإسلامية). يتحدث قرنق هنا عن 69% أفارقة وسودان علماني أسود أفريقي ويُجمِل ضمنه شعب دارفور .. ولو انتبذ الدارفوريون الشمال العربي في دعوى قرنق العرقية فهل يقبلون بسودانه العلماني وجوهره هو المسيحية بالعودة بها إلى تاريخ مروي المسيحية ووصولاً بها إلى حضارة الغرب المسيحي الراهنة .. ونلاحظ أن جون قرنق في خطابه الذي ألقاه عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا كان يخاطب هذا الغرب المسيحي بلغة الإنجيل، وفي مروره العابر على الحضارات الإسلامية في السودان، كحضارات غربت شمسها نهائياً في نيفاشا الكينية، لم يتحدث قرنق عن غروب شمس مملكة دارفور، فأهل دارفور يعتزون بعلي دينار حتى اللحظة وغداً أيضاً .. ولو غربت شمس سلطنة على دينار فالإسلام لم ولن تغرب شمسه فيهم أبداً .. ولو ذكر قرنق حضارة الفور ضمن الحضارات الإسلامية الغاربة في السودان لواجهته حقيقة تأصُّل الإسلام كإيمان وحضارة عند الدارفوريين إلى اليوم .. بمعنى أنهم خارج دائرة سودانه الجديد وقد قالها مالك عقار في حوار صحفي معه، معلقاً على رئاسة الجمهورية في السودان و علاقتها بالدين، وهذا يعني بخصوصية أكبر شعب دارفور، وحتى لو تمرد شعب الفور على عرب الشمال، كما يدعوهم قرنق (ولا نعني حركات دارفور)، حتى لو تمرد شعب دارفور على العرب، فهم أيضاً لن يكونوا في سودانه الجديد بحكم الدين بالتوصيف السابق. إذن فمزاعم قرنق بان نسبة 69% من سكان السودان أفارقة وأنهم يشكلون الأغلبية في سودانه الجديد يكذبها الواقع .. وكما قلنا فقرنق يتوجه بخطابه لشعبه الجنوبي متوسلاً له بأسطورته عن المسيحية وتجذر الجنوب في حضارة السودان النوبية .. وأيضاً يوجه خطابه للغرب المسيحي، فالسودان الجديد مجرد خدعة تزعم الاعتراف بتعدد الأعراق وتعدد الأديان والثقافات. ومنظور قرنق لسودان ال 31% وهم العرب المسلمون من سكانه، أنهم موحدون بالإسلام، في مواجهة الأغلبية الأفريقية، نرد على هذا المنظور لقرنق أنه يريد قلب المعادلة بتوحيد الجنوبيين بعاطفة المسيحية في مواجهة الشمال العربي الإسلامي، فالدين حاضر في طرح قرنق، وهو أساس أسطورته عن السودان الجديد، وإن أنكر .. استخدم قرنق الدين مخاطباً الغربيين المسيحيين (عرَّابي اتفاقية نيفاشا) والحاضرين عند التوقيع على الاتفاقية، واستخدم المسيحية والزنوجة في مخاطبة شعبه الجنوبي مستثيراً لعواطفه وفق رؤية خاصة (أسطورة) تجعل من الجنوب عنصراً فاعلاً في حضارة السودان النوبية. والعبارات التي استخدمها قرنق في خطابه عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا تحمل طابع صدام الحضارة العلمانية المسيحية الغربية المتزونجة ممثلة في الجنوب، مع الحضارة العربية الإسلامية ممثلة في الشمال، أو على وجه التحديد من يصفهم بالعرب، قال قرنق في خطابه (أحياناً من الضروري أن يتراجع المرء إلى الوراء ليكسب قوة دفع تمكنه من السير قدماً، وهذا هو السبب الذي يجعل الكباش تتراجع إلى الوراء خلال معركتها فهي تكتسب قوة دفع قبل أن تتشابك قرونها). (المعركة وتشابك قرون الكباش) في أمثلة قرنق، فيهما تصوير لصدام السودان القديم العربي الإسلامي، والسودان الجديد، ويعني أساساً الجنوب العلماني المسيحي الأسود الأفريقي والذي أسقطنا عنه أهل دارفور (أكثر من عمل في وسطهم جون قرنق) (أنظر حديثنا الوارد هنا عن سلطنة دارفور وتجاهل قرنق لذكرها في حديثه عن الممالك الإسلامية الغاربة في السودان وما سقناه لموقفه هذا من تبرير). نخلص من ذلك إلى أن السودان الجديد عنصره الحقيقي هو الجنوبيون ويؤكد ذلك تلميح قرنق إلى أن العودة إلى الوراء (إثبات الجنوب كعنصر فاعل في الحضارة النوبية الأفريقية) العودة للوراء (عند الكباش في صراعها بحسب عبارته) تكسبها قوة وأن العودة للتاريخ عند الحركة الشعبية انتهت بها في كينيا الأفريقية لا في بلد عربي (العودة للجذور) وهذا يقابل قول أندرو ناتسيوس مبعوث الرئيس السابق (بوش) للسودان في مقالته (ما وراء دارفور انزلاق السودان نحو الحرب الأهلية) إن نيفاشا وليدة تحالف غربي أفريقي، ما يعني عند الغرب وقرنق أفرقة السودان وتبعيته لدول شرق أفريقيا، إذن فهي الأسطورة المسيحية الزنجية كمحرض للجنوبيين عند قرنق .. وشاهد صدام الحضارتين الغربية المسيحية، والإسلامية. فقرنق يخاطب الغرب المسيحي والجنوبيين مهللاً لانتصارهم المشترك في نيفاشا، يخاطبهم مازجاً بين الإنجيل والزنوجة في السودان .. يقول قرنق في خطابه عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا (كثير من الناس يندهشون أن السودان في العهد القديم من الإنجيل المقدس جزءاً من جنة عدن سفر التكوين 2: 8-14- وتنص الأعداد المذكورة على الآتي: وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس اسم الأول فيشون وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع .. واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع أرض كوش .. واسم النهر الثالث جِدَّاقل وهو الجاري شرقي آشور .. والنهر الرابع الفرات) ويعلق قرنق جاعلاً من نفسه (المخلِّص) للجنوبيين (فهو المولود في جنة عدن)، يعلق قرنق قائلاً: (وكما ترون فإن النيل الأبيض هو فيشون، والنيل الأزرق هو جيحون، وبالطبع فإن جنة عدن لم تكن حديقة خضار خلفية ولكنها أرض واسعة أمتدت من دجلة والفرات في الشرق إلى النيل الأبيض والنيل الأزرق في الغرب) ويعلن قرنق عن مولده في (جنة عدن) بالقول: في هذا ما يضع قريتي واسمها وانجكولي والواقعة في بور كاونتي داخل جنة عدن). قلنا بأن القائد الكاريزمي يستثير أتباعه بالعاطفة وبالأسطورة، وفي حديثه هنا يستثير قرنق عاطفة الجنوبيين بأسطورة وجودهم في الإنجيل بل جعل من نفسه (مخلِّصهم) بالإيحاء لهم، أنه مولود في جنة عدن وسيقودهم من جديد للأرض الموعودة (ويا نخب الشمال خاصتنا، جون قرنق كان خطير خلاص، فمن هم في الحكم ظنوا أنه كان سيكتفي بالجنوب حاكماً بأمره وينفردون هم بالشمال حاكمين بأمرهم .. ويا معارضة من بكيتموه بدموع الدم والآن عند انفصال الجنوب لبست نساؤكم تياب الحداد .. كلام كارتر صحي ولو كان قرنق موجودا كان قلب الموازين، وجميعكم حاكمين، ومعارضين بنسائهم وهن في توب الحداد، كان مصيركم جميعاً هو مظلة نجيب محفوظ .. عفواً أقصد مظلة قرنق كقائد كاريزمي جنوبي يلتمس أسطورة المسيحية والعلمانية والزنوجة للسيطرة وجميعكم عند قرنق عرب مسلمون). أسطورة قرنق تأسست على الدين (المسيحية و الاستناد إلى الإنجيل) وكذلك تأسست على (الزنوجة) وفي عودته للتاريخ يرجع قرنق الحضارة النوبية للجنوب، قال في خطابه عند التوقيع على اتفاقية نيفاشا (وفي الجزء الجنوبي من بلدنا قيل أن مملكة واوات القوية القديمة ربما امتدت مباشرة من جنوبالخرطومجنوباً إلى ملكال وغرباً إلى كردفان ودارفور فوصلت جنوباً حتى واو .. أما واو الحالية فهي عاصمة بحر الغزال، واو (شيلوك) و واو (نيرر) .. وهما تستمدان اسميهما من مملكة واوات وقد أقامت هذه المملكة علاقات وروابط اقتصادية مع مصر والتي تمت زيارتها في المناسبات المتعددة من قبل حكام وأميرات واوات، حاملين معهم عند عودتهم الهدايا، ويُعتقد أن مملكة أرتين هي الاسم القديم لشعب شيلوك، ويُعتقد أن كلاً من مملكة واوات ومدجا وارتين، مرتبطة بدينكا الحالية) ثم يعرض قرنق إلى دور الجنوبيين في حضارة مروي المسيحية. هي إذن أسطورة العودة للجذور (المسيحية و الزنوجة) .. فقرنق خاطب الغربيين المسيحيين المجتمعين مع الأفارقة في جنوب الصحراء، في نيفاشا الكينية، بمرجعية أقوال اندرو ناتسيوس السابقة، خاطبهم قرنق بسند من الإنجيل .. وأيضاً خاطب قرنق الجنوبيين بذات اللغة .. إذن فالعودة إلى الجذور اقتضت أن يتم توقيع اتفاقية نيفاشا في بلد أفريقي مسيحي هو كينيا، يقول قرنق مخاطباً جمهوره المختار (هذا هو تاريخ السودان وهذا هو ما أوصلنا إلى هنا، لقد كانت رحلة طويلة عبر سبعة آلاف عام كي نصل اليوم إلى نيفاشا وملعب نيابو الرياضي). ونعثر على توصيف قرنق كقائد كاريزمي عند ماكس فيبر بأن سلطة هذا النوع من القيادة ترتبط بزعيم بطل مهاب تاريخياً وصاحب رسالة، ويعتبره شعبه خارقاً للطبيعة، تسانده قوة عليا إلهية ولذلك يوصف هذا القائد بمبعوث العناية الإلهية .. وفي هذا النمط من القيادة يصير أساس شرعية سلطة القائد هو اعتقاد وإيمان الجماهير والقائد نفسه بتمتع القائد بهذه الخصال والصفات الحميدة، وتصير القيادة مرتبطة بثقة الجماهير في قائدها وإيمانها بتميزه وقوته وبطولته ومن هنا ترتب السلطة ارتباطاً وثيقاً بشخص القائد الذي لا يتقيد بأي قواعد أو ضوابط قانونية حديثة ويعتمد على التأثير العاطفي في الجماهير ويتصرف كأنه الوحيد القادر على تقرير مصير المجتمع وتجسيد أهدافه). الصفات التي وصف بها ماكس فيبر القائد الكاريزمي ترتبط تماماً بشخصية قرنق، الموصوفة في كتاب لام أكول (الثورة الشعبية لتحرير السودان .. ثورة أفريقية). ووفقاً لنظرية فيبر، فقد استثار قرنق عواطف الجنوبيين على أنه مبعوث العناية الإلهية وأنه (مخلِّصهم) وأنه وُلد (في جنة عدن) وهو (النبي) الذي سيقودهم في (رحلة العودة للجنة الموعودة ... جنة السودان الجديد) لهذا لا غرابة في تباكي الجنوبيين عند رحيله، مولولين في حسرة (من سيخلَِّصنا) وموقدين الشموع كما في التقليد المسيحي وجعلوا من قبر قرنق مزاراً يُزار.