توجيه عاجل من"البرهان" لسلطة الطيران المدني    جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    برقو الرجل الصالح    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد عمليات تأهيل مطار عطبرة ويوجه بافتتاحه خلال العام    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    هيومن رايتس ووتش: الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً ضد المساليت.. وتحمل حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وجمعة المسؤولية    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    تكريم مدير الجمارك السابق بالقضارف – صورة    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    بأشد عبارات الإدانة !    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الجنوبي مستشار الرئيس الشيخ بيش يتصفح الوضع الجنوبي قبل وبعد الانفصال مع «الأهرام اليوم» (2-2)
نشر في الأهرام اليوم يوم 23 - 01 - 2011

يُعد المهندس الشيخ بيش أكور واحداً من أبرز القيادات الجنوبية داخل الحركة الإسلامية وله الكثير من المواقف في مسيرتها بجانب أنه واحد أبرز قيادات الإنقاذ والمؤتمر الوطني وتقلد العديد من المناصب في الدولة وآخرها الآن مستشار رئيس الجمهورية في الحكومة الحالية. جلست إليه «الأهرام اليوم» وطرحت عليه العديد من القضايا حول الجنوب لمعرفة رأيه بدايةً من مواقف النخب والأحزاب الجنوبية واتهامها بالتقصير والتراخي في المشاركة المؤثرة في حل قضية الجنوب حتى وصلت الأمور إلى مآلات الانفصال بجانب رؤيته للاتفاقيات التي وقعت منذ فترة مايو «72» وحتى اتفاق نيفاشا والترتيبات التي تمت للحفاظ على أوضاع وحقوق المسلمين في الجنوب بعد أن أصبح الانفصال حقيقة، ورأيه في الحوار الجنوبي الجنوبي وتوقعاته لشكل الدولة الجديد في الجنوب وفرص نجاحها واستمراريتها بجانب وضعيته بعد الانفصال كجنوبي وعما إذا كان متفائلاً بحدوث وحدة مجدداً بين الشمال والجنوب. فلنطالع إفاداته حول كل هذا من خلال هذا الحوار:
{ كيف ترى التقاطع الذي حدث بين المشروعين؛ الحضاري والسودان الجديد، إبان فترة إنفاذ الاتفاقية؟
- المشروع الحضاري لو أخذته في مجمله هو برنامج لكيف تربي جيلاً في ظل سلطة قائمة ليكيِّف نفسه ويصبح كتلة واحدة، يعني ليس برنامج خمس أو ست سنوات، ولا يتم تنزيله من أعلى إلى أسفل، وإنما بالتدرج من أسفل إلى أعلى، وكان هذا المشروع ماضياً ومطبقاً لكنه اصطدم بعقبة الخلاف الذي حدث بين الإسلاميين وانتهى بالانشقاق يعني انتهى قبل الاتفاقية.. أما السودان الجديد فهو مشروع انقلاب على الأوضاع التي كانت موجودة في السودان، يعني هو انقلاب الأطراف على الوسط، وإخواننا في الجنوب اتخذوه مطية حتى وصلوا حدود (56) ووقفوا وقالوا للمجموعة الشمالية التي كانت معهم مع السلامة، هذا هو حدنا، عليكم أن تواصلوا المسيرة. فلو كانت (الحركة) متمسكة ببرنامج السودان الجديد بقوة لما كانت قبلت بحدود (1/1/ 1956)، وهذا يؤكد أن (الحركة) مشروعها انفصالي منذ البداية، واطلع على المنفستو الأول لها، وحتى مارشاتهم وأغانيهم التي كانت تبث من محطتهم الإذاعية، وإلا لماذا لم تعمل بعد إيقاف الحرب مع حلفائها لمواصلة المشوار لاستصحاب الأطراف الأخرى؟ لكن كانت تنظر لمشروع السودان الجديد كطريق خلاص للجنوب ينتهي عند حدود 1/1/ 56 التي توقفت عندها.
{ برأيك، هل الانفصال رغبة شعب أم أماني قيادات؟
- الانفصال عمل نخبة في السقوف العليا، والمواطن معبأ فقط، انظر للقيادات التي تتبنى الخط الانفصالي داخل (الحركة)، كلها كوادر شيوعية، إدوار لينو كان مرشح الحزب الشيوعي في الخرطوم في انتخابات (86)، لوكا بيونق، باقان، وكل الشماليين الذين ناصروا (الحركة) هم من اليسار ويرون أنها طوق يمكن أن يوصلهم إلى السلطة مجدداً، كذلك حرض الحزب الشيوعي كوادره وحثها على الانضمام إلى (الحركة).
{ إذا انفصل الجنوب، أنتم كمسلمين ستصبحون أقلية داخل دولة علمانية.
- نحن منذ بداية إنفاذ الاتفاقية أصبحنا أقلية، بعد أن تسلمت (الحركة) مقاليد الأمور في الجنوب، الذي يشكل فيه المسيحيون واللا دينيون أغلبية، لكن بالانفصال قد نفقد السند والحماية التي يشكلها لنا الشمال الآن.
{ هل هذا يعني أنكم كمسلمين تخشون العودة إلى الجنوب؟
- لا نخشى أي شيء، وكل من يريد أن يعود فهو حر، ولا نمنع أحداً، لكننا نريد أن نؤمن حقوقنا في الدولة الجديدة، وتكون مؤسساتنا القائمة في الجنوب فاعلة ولا تعطّل، ونعمل على تطويرها، أما حركة الأفراد أو المواطنين فلا أحد يحجر عليها أو يتدخل فيها.
{ ألا تتوقع أن يحدث نظام فصل ديني في ظل علمانية (الحركة) وتمسكها بمبدأ فصل الدين عن الدولة بتشدد؟
- لا أتوقع أن يحدث هذا في الجنوب الذي فيه الآن تنوع ديني، حتى داخل الأسرة الواحدة فأنت تجد المسلم والمسيحي واللا ديني، حتى أسرة سلفاكير إن بحثت داخلها ستجد أحد أفرادها مسلماً، هل يمكن أن يقبل الفصل بين أهله بسبب الدين؟ يا أخي الوضع في الجنوب من ناحية الدين يختلف عن بقية الدول التي في محيطه الأفريقي، إذ تجد بها أحياء للمسلمين وأخرى للمسيحيين.
{ هل لديكم إحصائية للمسلمين في الجنوب؟
- لا توجد إحصائية ولا أحد أجرى تعداداً للمسلمين لحصرهم بطريقة دقيقة، وما تقول به الكنيسة (الكاثوليكية) من أرقام مرتفعة عن المسلمين في الجنوب هي أرقام غير حقيقية، وتريد أن تحقق من خلالها مكاسب مالية، لذلك تجدها دائماً تصدر تقارير خاصة بأعداد المسلمين في الجنوب، وآخر إحصائيات الكنيسة (الكاثوليكية) تقول إن المسلمين في الجنوب (35%) والمسيحيون (30%) والبقية لا دينيون.
{ هذا مؤشر جيد على أن المسلمين في الجنوب يشكلون أغلبية أكثر من المسيحيين؟
- ضحك ثم قال: هذه إحصائية لا يؤخذ بها لأنها غير دقيقة أو صحيحة، قصدت منها الكنيسة (الكاثوليكية) أن تقول للمانحين والداعمين لها إن المسلمين يشكلون أغلبية وهم في تزايد ونحن عاجزون عن مواجهة هذا المد الإسلامي لأننا لا نملك مالاً وإمكانيات كافية؛ حتى يزيدوا من حجم الأموال المقدمة إليها، وهذا ينطوي على نوع من الفساد، لذلك درجت على تقديم هذه الإحصائية التي تزيد فيها نسبة المسلمين سنوياً، وأنا لست من أنصار المفاخرة بالأغلبية والقلة، الأهم أن يكون حق الدعوة والتبشير مكفولاً للكل، وبعد ذلك الهداية من الله.
{ ما الترتيبات التي قمتم بها لضمان حقوقكم كمسلمين في الجنوب؟ بمعنى هل جرت أي مشاورات مع حكومة الجنوب بشأنها؟
- نحن كمسلمين أدرنا حواراً في الفترة السابقة مع حكومة الجنوب حول القضايا الأساسية الخاصة بالمسلمين، وهي في مجملها تشكل خمسة مرتكزات أساسية منها مسألة الأحوال الشخصية والزواج والميراث والطلاق، وطالبنا بإنشاء محاكم شرعية وقلنا إن هذا لا يؤثر على الوضع القضائي في الجنوب، وأشرنا إلى وجودها على أيام الاستعمار وما هو موجود في كينيا الآن، وهناك قضية التعليم إذ طالبنا بأن يكون لنا الحق في إنشاء مدارس بنص الحقوق الدينية المنصوص عليها في دستور الجنوب واتفاقية السلام، وقلنا إننا سنلتزم فيها بتدريس منهج الجنوب بجانب اللغة العربية والتربية الإسلامية، بجانب ذلك ناقشنا مسألة الأوقاف والزكاة وطالبنا بأن توضع لهما لائحة تنظمهما وأن يصدر منشور خاص أو توجيه يسمح لنا بجمع الزكاة، والمستند الخاص بذلك يكون رسمياً ومعترفاً به، وتضمين ذلك في القانون، وتضمين الأوقاف في القانون سواء أكانت إسلامية أم مسيحية.. وتطرقنا إلى حرية العبادة والرأي، وأشرنا إلى المضايقات التي حدثت للمسلمين في الفترة الماضية، وطالبنا بإنفاذ ما ورد في الدستور بشأن حرية العبادة حتى لا يعترض أحد على مكبرات الصوت في رفع نداء الصلاة ويقول إن هذا مزعج، ويتم توجيه بعدم الاعتراض أياً كان شكله أو طريقته، على ممارسة المسلمين لشعائرهم. وناقشنا جانب مشاركة المسلمين في السلطة وغيرها، لأن المسلم جزء لا يتجزأ من الجنوب، فأين حقه؟ والشيء الظاهر أن المسلمين غير موجودين في السلطة، فأين حقهم؟ سواء بوجودهم أم بكفاءتهم، لا بد أن يوضع هذا في الاعتبار، وأمنا على هذه المطالب وشكلنا لجنة للمتابعة مع الوزراء المعنيين، وعرض هذا على اجتماع حكومة الجنوب، وتم التأمين عليه، هذا طبعاً بالنسبة لنا مرحلة.
{ إلى أي مدى يمكن أن يتم إنفاذ ما اتفقتم عليه؟
- لا أتوقع أن كل ما أطلبه أحصل عليه دفعة واحدة من (زول) كان يقف ضدي، وحتى إن وافقت حكومة الجنوب في سقفها الأعلى (الناس التحت) سيضعون العراقيل لأن لهم مصالح، لكن نحن لن نتوقف، كلما كسبنا شيئاً سنطالب بالذي بعده.
{ ما رأيك في الحوار الجنوبي- الجنوبي؟
- طبعاً هذا الحوار بدأ في حياة قرنق عام 2005 وكان يهدف منه إلى تقريب الموجودين في الداخل، واتفق فيه على عدد من النقاط، لكن جمد تنفيذها بعد وفاة قرنق لأن هناك قضية الحكم في الجنوب التي تم الاتفاق فيها على أن تكون الرئاسة دورية بين المناطق أو المديريات الثلاث؛ (بحر الغزال، أعالي النيل، الاستوائية)، وهذه النقطة مؤمن عليها تماماً في مخرجات الحوار الجنوبي، الذي تم مع قرنق، لكن تم التراجع عنها لأنها لو أثيرت لأحدثت مشكلة كبيرة، وأتوقع إثارتها مجدداً بمجرد وقوع الانفصال، لأن هناك أطرافاً صامتة طوال الفترة الماضية وستنطق وتطالب بتقييم السلطة وحقها فيها، وهذا سيؤدي حتماً إلى نشوب نزاع جنوبي- جنوبي. أما الحوار الجنوبي- الجنوبي الذي أقيم مؤخراً، فكان واضحاً أن الحركة تريد منه أن تأتي الأحزاب والقوى الجنوبية لتسهم وتساندها في عملية الانفصال، وتقول هذه إرادة كل القوى الجنوبية، لكن لم يتحقق لها هذا الهدف، لذلك مخرجات هذا الحوار الأصلية حفظت ولم يصدر أي قرار بشأن إنفاذها.
{ ما هذه المخرجات؟
- طبعاً القضايا المطروحة للنقاش والمداولة في هذا الحوار قسمت إلى عدة محاور، شملت محور التصالحات وأوصى بالمواصلة فيها لذلك صدر عفو عن كل القيادات التي كانت مناوئة ومعارضة للحركة، ومحور الاستفتاء وكان شعاره أن يكون حراً ونزيهاً وسلمياً ونص في الاتفاق فيه أن تتاح الفرصة لكل الأطراف لتبشر بقناعاتها وآرائها في كل أنحاء الجنوب دون اعتراض، وتمت الموافقة على ذلك، لكن ما تم على أرض الواقع كان مخالفاً تماماً ولم يتم الالتزام بكل ما اتفق عليه بدليل الاعتقالات التي تمت لقيادات وكوادر المؤتمر الوطني وحزب الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي ومنعهم عن أي نشاط مناوئ للانفصال الذي تنادي به (الحركة).. وكان هناك محور خاص بترتيبات ما بعد الاستفاء وطرح فيه خياران الأول أسفر عن وحدة تبقي الأمور حسب ما هو منصوص عليه في اتفاق السلام ولا اعتراض على ذلك، وفي حال الانفصال طالبنا بأن تحل حكومة الجنوب وتكوَّن حكومة من كل القوى السياسية برئاسة الفريق سلفاكير لفترة انتقالية (18) شهراً، ويكون هناك دستور جديد وقانون انتخابات وتجرى انتخابات، وأيضاً تغيير الجيش من الجيش الشعبي إلى جيش الجنوب لأن جيش الحركة سيصبح بعد الانفصال مليشيات.. لكن (ناس الحركة) هذه النقاط لم ترق لهم، ولم يرفضوها صراحة، لأن حل الحكومة سيطيح بكثير من قيادات (الحركة) خارج الحكومة الجديدة.. بجانب أن تغيير الجيش يفقد (الحركة) إحدى أدوات سيطرتها على الجنوب، لكن لا بد من عمل غربلة للجيش لأن قياداته غير مؤهلة أو تخرجوا من كليات، ورتبهم كلها عشوائية.
واتفقنا على اجتماع دوري شهرياً للمتابعة، لكن أنا لم أحضر الاجتماع الأخير لانشغالي بحوار المسلمين مع حكومة الجنوب، لكن واضح أنه لم ينفذ أي شيء من هذه المخرجات، فقط لاحظت إبان وجودي في جوبا مؤخراً أن هناك انفراجاً في أجهزة الإعلام.
{ ما مدى إمكانية إدارة دولة في الجنوب في حال الانفصال مقابل ما ذكرت؟
- التجربة التي تمت في إدارة الجنوب من قبل الحركة الشعبية بعد اتفاق السلام أظهرت كثيراً من الخلل بداية من تدخل الجيش في كل شيء وهو الكل في الكل وهذا هو الأخطر أن تدار دولة بجيش غير نظامي، إنها الفوضى بعينها، مقابل عجز الحركة عن جمع السلاح وانتشاره بصورة عشوائية ما أدى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار.. هناك غياب تام للخدمة المدنية وهي المنوط بها إدارة دولاب الدولة فإذا كانت لا تطبق فيها اللوائح والقوانين، تنعدم السلطة لأن الكل لا بد أن ينصاع للقوانين واللوائح بداية من التعيين وأثناء الخدمة وحتى المعاش، ويخضع للمحاسبة والرقابة، كل هذا غير موجود وإن وجد فهو صوري. الاقتصاد في الجنوب حتى الآن لم يستقر لأن حكومته غير مسؤولة عن الصرف وميزان المدفوعات والتضخم والناتج القومي والبطالة، وكلها أشياء تتولاها عنها الآن الحكومة الاتحادية، لذلك هي غير مهتمة بها حتى تربطها بسياستها المالية، لكن بعد أن يتم الانفصال وتصبح لك عملتك كيف ستحافظ عليها؟ بدءاً بالاحتياطي النقدي ومروراً بما ذكرت، الجنوب الآن يعتمد على البترول بنسبة (98%) كمورد للدولة، يعني لو حدث أي هبوط لأسعاره معناها (إنت وقعت).
{ هناك موارد أخرى.
- أين هي؟ وهل هي مستغلة؟ لا توجد أي ثقافة إنتاج في الجنوب الآن، كل السلع المستهلكة في حياة المواطن اليومية بداية من الدقيق وحتى الفحم تأتي من دول الجوار.
{ كيف لا توجد ثقافة إنتاج؟
- المواطن تربى في معسكرات النزوح واللجوء وتعود على أن يأكل مجاناً مما توفره الأمم المتحدة، لذلك المواطن أصبح بلا أي قابلية للعمل لأنه تعود أن يأكل مجاناً، يا أخي دعنا لا نخدع أنفسنا، لا يوجد أي إنتاج في الجنوب، وهذا ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة التي تقول إن مواطني الجنوب يعتمدون على الإغاثات، والحكومة تصرف (42%) من إيراداتها على الأمن، ومنصرفات الجيش تبلغ (55) مليون دولار، ولو خفضت سيثور وينقلب على الحكومة، هل هذا حال من يطالب بالانفصال وليس لديه أي شيء يعتمد عليه؟
{ ألا يمكن أن يُحدث الذين ذهبوا من الشمال أي نوع من التغيير طالما ثقافتهم تختلف عن الموجودين والقادمين من الخارج؟
- العائد هل سيجد فرصة للعمل حتى يحدث أثراً؟ الحكومة عاجزة عن دفع المرتبات، وقبل أن يذهب هؤلاء بدأت الحكومة في تخفيض العمالة، فكيف تستوعب جدداً؟ هؤلاء أصبحوا عرضة للاستقطاب من أي طرف يحمل السلاح بسبب الواقع المرير الذي اصطدموا به، لذلك الأمم المتحدة تنبأت بحدوث نوع من عدم الاستقرار.
{ ما إمكانية حدوث وحدة بعد الانفصال؟
- (ناس الحركة) يقولون إذا حدث انفصال نريد أن ندخل في نظام كونفدرالي، لكن الظاهر لا يوجد شيء يجمعهم بسرعة، لأن الوضع تدهور، والمواطنون سيضغطون عليهم، بجانب وجود مشاكل في الحدود لذلك إن لم تقم علاقة جيدة فهذه دوافع لاندلاع حرب لأن الحدود يصعب حراستها.
{ هل تشعر بالندم لحدوث انفصال في عهد حكومة أنت جزء منها؟
- لا أشعر بالندم لأنه لا يمكن إكراه شعب ليبقى في دولة هو رافض لها، لذلك يجب أن تعامل الإنسان حسب رغبته، والطلاق موجود في الدين وسُمح به عندما تسوء العلاقة بين الزوجين.. كنت سأندم لو أن الحكومة قررت فصل الجنوب دون مبرر نتيجة سوء الأوضاع.
{ إذا حدث انفصال، في أي شق من السودان سيكون الشيخ بيش؟
- أنا قاعد في بيتي في الشمال، وعندي أملاكي، (عندي شنو في الجنوب أمشي أعملو؟ أشتغل من جديد يعني؟ ما أفتكر) لكن لو عندي أملاك في الجنوب سأذهب لتفقدها ثم أعود.
{ لكنك ستصبح مواطناً أجنبياً.
- (ما أكون أجنبي، لكن برضو بحمل الجنسية السودانية الموحدة).
{ هل ستعتزل السياسة؟
- أنا شخص على أعتاب السبعين، ماذا أريد بالعمل السياسي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.