وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيادي الجنوبي مستشار الرئيس الشيخ بيش يتصفح الوضع الجنوبي قبل وبعد الانفصال مع «الأهرام اليوم» (2-2)
نشر في الأهرام اليوم يوم 23 - 01 - 2011

يُعد المهندس الشيخ بيش أكور واحداً من أبرز القيادات الجنوبية داخل الحركة الإسلامية وله الكثير من المواقف في مسيرتها بجانب أنه واحد أبرز قيادات الإنقاذ والمؤتمر الوطني وتقلد العديد من المناصب في الدولة وآخرها الآن مستشار رئيس الجمهورية في الحكومة الحالية. جلست إليه «الأهرام اليوم» وطرحت عليه العديد من القضايا حول الجنوب لمعرفة رأيه بدايةً من مواقف النخب والأحزاب الجنوبية واتهامها بالتقصير والتراخي في المشاركة المؤثرة في حل قضية الجنوب حتى وصلت الأمور إلى مآلات الانفصال بجانب رؤيته للاتفاقيات التي وقعت منذ فترة مايو «72» وحتى اتفاق نيفاشا والترتيبات التي تمت للحفاظ على أوضاع وحقوق المسلمين في الجنوب بعد أن أصبح الانفصال حقيقة، ورأيه في الحوار الجنوبي الجنوبي وتوقعاته لشكل الدولة الجديد في الجنوب وفرص نجاحها واستمراريتها بجانب وضعيته بعد الانفصال كجنوبي وعما إذا كان متفائلاً بحدوث وحدة مجدداً بين الشمال والجنوب. فلنطالع إفاداته حول كل هذا من خلال هذا الحوار:
{ كيف ترى التقاطع الذي حدث بين المشروعين؛ الحضاري والسودان الجديد، إبان فترة إنفاذ الاتفاقية؟
- المشروع الحضاري لو أخذته في مجمله هو برنامج لكيف تربي جيلاً في ظل سلطة قائمة ليكيِّف نفسه ويصبح كتلة واحدة، يعني ليس برنامج خمس أو ست سنوات، ولا يتم تنزيله من أعلى إلى أسفل، وإنما بالتدرج من أسفل إلى أعلى، وكان هذا المشروع ماضياً ومطبقاً لكنه اصطدم بعقبة الخلاف الذي حدث بين الإسلاميين وانتهى بالانشقاق يعني انتهى قبل الاتفاقية.. أما السودان الجديد فهو مشروع انقلاب على الأوضاع التي كانت موجودة في السودان، يعني هو انقلاب الأطراف على الوسط، وإخواننا في الجنوب اتخذوه مطية حتى وصلوا حدود (56) ووقفوا وقالوا للمجموعة الشمالية التي كانت معهم مع السلامة، هذا هو حدنا، عليكم أن تواصلوا المسيرة. فلو كانت (الحركة) متمسكة ببرنامج السودان الجديد بقوة لما كانت قبلت بحدود (1/1/ 1956)، وهذا يؤكد أن (الحركة) مشروعها انفصالي منذ البداية، واطلع على المنفستو الأول لها، وحتى مارشاتهم وأغانيهم التي كانت تبث من محطتهم الإذاعية، وإلا لماذا لم تعمل بعد إيقاف الحرب مع حلفائها لمواصلة المشوار لاستصحاب الأطراف الأخرى؟ لكن كانت تنظر لمشروع السودان الجديد كطريق خلاص للجنوب ينتهي عند حدود 1/1/ 56 التي توقفت عندها.
{ برأيك، هل الانفصال رغبة شعب أم أماني قيادات؟
- الانفصال عمل نخبة في السقوف العليا، والمواطن معبأ فقط، انظر للقيادات التي تتبنى الخط الانفصالي داخل (الحركة)، كلها كوادر شيوعية، إدوار لينو كان مرشح الحزب الشيوعي في الخرطوم في انتخابات (86)، لوكا بيونق، باقان، وكل الشماليين الذين ناصروا (الحركة) هم من اليسار ويرون أنها طوق يمكن أن يوصلهم إلى السلطة مجدداً، كذلك حرض الحزب الشيوعي كوادره وحثها على الانضمام إلى (الحركة).
{ إذا انفصل الجنوب، أنتم كمسلمين ستصبحون أقلية داخل دولة علمانية.
- نحن منذ بداية إنفاذ الاتفاقية أصبحنا أقلية، بعد أن تسلمت (الحركة) مقاليد الأمور في الجنوب، الذي يشكل فيه المسيحيون واللا دينيون أغلبية، لكن بالانفصال قد نفقد السند والحماية التي يشكلها لنا الشمال الآن.
{ هل هذا يعني أنكم كمسلمين تخشون العودة إلى الجنوب؟
- لا نخشى أي شيء، وكل من يريد أن يعود فهو حر، ولا نمنع أحداً، لكننا نريد أن نؤمن حقوقنا في الدولة الجديدة، وتكون مؤسساتنا القائمة في الجنوب فاعلة ولا تعطّل، ونعمل على تطويرها، أما حركة الأفراد أو المواطنين فلا أحد يحجر عليها أو يتدخل فيها.
{ ألا تتوقع أن يحدث نظام فصل ديني في ظل علمانية (الحركة) وتمسكها بمبدأ فصل الدين عن الدولة بتشدد؟
- لا أتوقع أن يحدث هذا في الجنوب الذي فيه الآن تنوع ديني، حتى داخل الأسرة الواحدة فأنت تجد المسلم والمسيحي واللا ديني، حتى أسرة سلفاكير إن بحثت داخلها ستجد أحد أفرادها مسلماً، هل يمكن أن يقبل الفصل بين أهله بسبب الدين؟ يا أخي الوضع في الجنوب من ناحية الدين يختلف عن بقية الدول التي في محيطه الأفريقي، إذ تجد بها أحياء للمسلمين وأخرى للمسيحيين.
{ هل لديكم إحصائية للمسلمين في الجنوب؟
- لا توجد إحصائية ولا أحد أجرى تعداداً للمسلمين لحصرهم بطريقة دقيقة، وما تقول به الكنيسة (الكاثوليكية) من أرقام مرتفعة عن المسلمين في الجنوب هي أرقام غير حقيقية، وتريد أن تحقق من خلالها مكاسب مالية، لذلك تجدها دائماً تصدر تقارير خاصة بأعداد المسلمين في الجنوب، وآخر إحصائيات الكنيسة (الكاثوليكية) تقول إن المسلمين في الجنوب (35%) والمسيحيون (30%) والبقية لا دينيون.
{ هذا مؤشر جيد على أن المسلمين في الجنوب يشكلون أغلبية أكثر من المسيحيين؟
- ضحك ثم قال: هذه إحصائية لا يؤخذ بها لأنها غير دقيقة أو صحيحة، قصدت منها الكنيسة (الكاثوليكية) أن تقول للمانحين والداعمين لها إن المسلمين يشكلون أغلبية وهم في تزايد ونحن عاجزون عن مواجهة هذا المد الإسلامي لأننا لا نملك مالاً وإمكانيات كافية؛ حتى يزيدوا من حجم الأموال المقدمة إليها، وهذا ينطوي على نوع من الفساد، لذلك درجت على تقديم هذه الإحصائية التي تزيد فيها نسبة المسلمين سنوياً، وأنا لست من أنصار المفاخرة بالأغلبية والقلة، الأهم أن يكون حق الدعوة والتبشير مكفولاً للكل، وبعد ذلك الهداية من الله.
{ ما الترتيبات التي قمتم بها لضمان حقوقكم كمسلمين في الجنوب؟ بمعنى هل جرت أي مشاورات مع حكومة الجنوب بشأنها؟
- نحن كمسلمين أدرنا حواراً في الفترة السابقة مع حكومة الجنوب حول القضايا الأساسية الخاصة بالمسلمين، وهي في مجملها تشكل خمسة مرتكزات أساسية منها مسألة الأحوال الشخصية والزواج والميراث والطلاق، وطالبنا بإنشاء محاكم شرعية وقلنا إن هذا لا يؤثر على الوضع القضائي في الجنوب، وأشرنا إلى وجودها على أيام الاستعمار وما هو موجود في كينيا الآن، وهناك قضية التعليم إذ طالبنا بأن يكون لنا الحق في إنشاء مدارس بنص الحقوق الدينية المنصوص عليها في دستور الجنوب واتفاقية السلام، وقلنا إننا سنلتزم فيها بتدريس منهج الجنوب بجانب اللغة العربية والتربية الإسلامية، بجانب ذلك ناقشنا مسألة الأوقاف والزكاة وطالبنا بأن توضع لهما لائحة تنظمهما وأن يصدر منشور خاص أو توجيه يسمح لنا بجمع الزكاة، والمستند الخاص بذلك يكون رسمياً ومعترفاً به، وتضمين ذلك في القانون، وتضمين الأوقاف في القانون سواء أكانت إسلامية أم مسيحية.. وتطرقنا إلى حرية العبادة والرأي، وأشرنا إلى المضايقات التي حدثت للمسلمين في الفترة الماضية، وطالبنا بإنفاذ ما ورد في الدستور بشأن حرية العبادة حتى لا يعترض أحد على مكبرات الصوت في رفع نداء الصلاة ويقول إن هذا مزعج، ويتم توجيه بعدم الاعتراض أياً كان شكله أو طريقته، على ممارسة المسلمين لشعائرهم. وناقشنا جانب مشاركة المسلمين في السلطة وغيرها، لأن المسلم جزء لا يتجزأ من الجنوب، فأين حقه؟ والشيء الظاهر أن المسلمين غير موجودين في السلطة، فأين حقهم؟ سواء بوجودهم أم بكفاءتهم، لا بد أن يوضع هذا في الاعتبار، وأمنا على هذه المطالب وشكلنا لجنة للمتابعة مع الوزراء المعنيين، وعرض هذا على اجتماع حكومة الجنوب، وتم التأمين عليه، هذا طبعاً بالنسبة لنا مرحلة.
{ إلى أي مدى يمكن أن يتم إنفاذ ما اتفقتم عليه؟
- لا أتوقع أن كل ما أطلبه أحصل عليه دفعة واحدة من (زول) كان يقف ضدي، وحتى إن وافقت حكومة الجنوب في سقفها الأعلى (الناس التحت) سيضعون العراقيل لأن لهم مصالح، لكن نحن لن نتوقف، كلما كسبنا شيئاً سنطالب بالذي بعده.
{ ما رأيك في الحوار الجنوبي- الجنوبي؟
- طبعاً هذا الحوار بدأ في حياة قرنق عام 2005 وكان يهدف منه إلى تقريب الموجودين في الداخل، واتفق فيه على عدد من النقاط، لكن جمد تنفيذها بعد وفاة قرنق لأن هناك قضية الحكم في الجنوب التي تم الاتفاق فيها على أن تكون الرئاسة دورية بين المناطق أو المديريات الثلاث؛ (بحر الغزال، أعالي النيل، الاستوائية)، وهذه النقطة مؤمن عليها تماماً في مخرجات الحوار الجنوبي، الذي تم مع قرنق، لكن تم التراجع عنها لأنها لو أثيرت لأحدثت مشكلة كبيرة، وأتوقع إثارتها مجدداً بمجرد وقوع الانفصال، لأن هناك أطرافاً صامتة طوال الفترة الماضية وستنطق وتطالب بتقييم السلطة وحقها فيها، وهذا سيؤدي حتماً إلى نشوب نزاع جنوبي- جنوبي. أما الحوار الجنوبي- الجنوبي الذي أقيم مؤخراً، فكان واضحاً أن الحركة تريد منه أن تأتي الأحزاب والقوى الجنوبية لتسهم وتساندها في عملية الانفصال، وتقول هذه إرادة كل القوى الجنوبية، لكن لم يتحقق لها هذا الهدف، لذلك مخرجات هذا الحوار الأصلية حفظت ولم يصدر أي قرار بشأن إنفاذها.
{ ما هذه المخرجات؟
- طبعاً القضايا المطروحة للنقاش والمداولة في هذا الحوار قسمت إلى عدة محاور، شملت محور التصالحات وأوصى بالمواصلة فيها لذلك صدر عفو عن كل القيادات التي كانت مناوئة ومعارضة للحركة، ومحور الاستفتاء وكان شعاره أن يكون حراً ونزيهاً وسلمياً ونص في الاتفاق فيه أن تتاح الفرصة لكل الأطراف لتبشر بقناعاتها وآرائها في كل أنحاء الجنوب دون اعتراض، وتمت الموافقة على ذلك، لكن ما تم على أرض الواقع كان مخالفاً تماماً ولم يتم الالتزام بكل ما اتفق عليه بدليل الاعتقالات التي تمت لقيادات وكوادر المؤتمر الوطني وحزب الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي ومنعهم عن أي نشاط مناوئ للانفصال الذي تنادي به (الحركة).. وكان هناك محور خاص بترتيبات ما بعد الاستفاء وطرح فيه خياران الأول أسفر عن وحدة تبقي الأمور حسب ما هو منصوص عليه في اتفاق السلام ولا اعتراض على ذلك، وفي حال الانفصال طالبنا بأن تحل حكومة الجنوب وتكوَّن حكومة من كل القوى السياسية برئاسة الفريق سلفاكير لفترة انتقالية (18) شهراً، ويكون هناك دستور جديد وقانون انتخابات وتجرى انتخابات، وأيضاً تغيير الجيش من الجيش الشعبي إلى جيش الجنوب لأن جيش الحركة سيصبح بعد الانفصال مليشيات.. لكن (ناس الحركة) هذه النقاط لم ترق لهم، ولم يرفضوها صراحة، لأن حل الحكومة سيطيح بكثير من قيادات (الحركة) خارج الحكومة الجديدة.. بجانب أن تغيير الجيش يفقد (الحركة) إحدى أدوات سيطرتها على الجنوب، لكن لا بد من عمل غربلة للجيش لأن قياداته غير مؤهلة أو تخرجوا من كليات، ورتبهم كلها عشوائية.
واتفقنا على اجتماع دوري شهرياً للمتابعة، لكن أنا لم أحضر الاجتماع الأخير لانشغالي بحوار المسلمين مع حكومة الجنوب، لكن واضح أنه لم ينفذ أي شيء من هذه المخرجات، فقط لاحظت إبان وجودي في جوبا مؤخراً أن هناك انفراجاً في أجهزة الإعلام.
{ ما مدى إمكانية إدارة دولة في الجنوب في حال الانفصال مقابل ما ذكرت؟
- التجربة التي تمت في إدارة الجنوب من قبل الحركة الشعبية بعد اتفاق السلام أظهرت كثيراً من الخلل بداية من تدخل الجيش في كل شيء وهو الكل في الكل وهذا هو الأخطر أن تدار دولة بجيش غير نظامي، إنها الفوضى بعينها، مقابل عجز الحركة عن جمع السلاح وانتشاره بصورة عشوائية ما أدى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار.. هناك غياب تام للخدمة المدنية وهي المنوط بها إدارة دولاب الدولة فإذا كانت لا تطبق فيها اللوائح والقوانين، تنعدم السلطة لأن الكل لا بد أن ينصاع للقوانين واللوائح بداية من التعيين وأثناء الخدمة وحتى المعاش، ويخضع للمحاسبة والرقابة، كل هذا غير موجود وإن وجد فهو صوري. الاقتصاد في الجنوب حتى الآن لم يستقر لأن حكومته غير مسؤولة عن الصرف وميزان المدفوعات والتضخم والناتج القومي والبطالة، وكلها أشياء تتولاها عنها الآن الحكومة الاتحادية، لذلك هي غير مهتمة بها حتى تربطها بسياستها المالية، لكن بعد أن يتم الانفصال وتصبح لك عملتك كيف ستحافظ عليها؟ بدءاً بالاحتياطي النقدي ومروراً بما ذكرت، الجنوب الآن يعتمد على البترول بنسبة (98%) كمورد للدولة، يعني لو حدث أي هبوط لأسعاره معناها (إنت وقعت).
{ هناك موارد أخرى.
- أين هي؟ وهل هي مستغلة؟ لا توجد أي ثقافة إنتاج في الجنوب الآن، كل السلع المستهلكة في حياة المواطن اليومية بداية من الدقيق وحتى الفحم تأتي من دول الجوار.
{ كيف لا توجد ثقافة إنتاج؟
- المواطن تربى في معسكرات النزوح واللجوء وتعود على أن يأكل مجاناً مما توفره الأمم المتحدة، لذلك المواطن أصبح بلا أي قابلية للعمل لأنه تعود أن يأكل مجاناً، يا أخي دعنا لا نخدع أنفسنا، لا يوجد أي إنتاج في الجنوب، وهذا ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة التي تقول إن مواطني الجنوب يعتمدون على الإغاثات، والحكومة تصرف (42%) من إيراداتها على الأمن، ومنصرفات الجيش تبلغ (55) مليون دولار، ولو خفضت سيثور وينقلب على الحكومة، هل هذا حال من يطالب بالانفصال وليس لديه أي شيء يعتمد عليه؟
{ ألا يمكن أن يُحدث الذين ذهبوا من الشمال أي نوع من التغيير طالما ثقافتهم تختلف عن الموجودين والقادمين من الخارج؟
- العائد هل سيجد فرصة للعمل حتى يحدث أثراً؟ الحكومة عاجزة عن دفع المرتبات، وقبل أن يذهب هؤلاء بدأت الحكومة في تخفيض العمالة، فكيف تستوعب جدداً؟ هؤلاء أصبحوا عرضة للاستقطاب من أي طرف يحمل السلاح بسبب الواقع المرير الذي اصطدموا به، لذلك الأمم المتحدة تنبأت بحدوث نوع من عدم الاستقرار.
{ ما إمكانية حدوث وحدة بعد الانفصال؟
- (ناس الحركة) يقولون إذا حدث انفصال نريد أن ندخل في نظام كونفدرالي، لكن الظاهر لا يوجد شيء يجمعهم بسرعة، لأن الوضع تدهور، والمواطنون سيضغطون عليهم، بجانب وجود مشاكل في الحدود لذلك إن لم تقم علاقة جيدة فهذه دوافع لاندلاع حرب لأن الحدود يصعب حراستها.
{ هل تشعر بالندم لحدوث انفصال في عهد حكومة أنت جزء منها؟
- لا أشعر بالندم لأنه لا يمكن إكراه شعب ليبقى في دولة هو رافض لها، لذلك يجب أن تعامل الإنسان حسب رغبته، والطلاق موجود في الدين وسُمح به عندما تسوء العلاقة بين الزوجين.. كنت سأندم لو أن الحكومة قررت فصل الجنوب دون مبرر نتيجة سوء الأوضاع.
{ إذا حدث انفصال، في أي شق من السودان سيكون الشيخ بيش؟
- أنا قاعد في بيتي في الشمال، وعندي أملاكي، (عندي شنو في الجنوب أمشي أعملو؟ أشتغل من جديد يعني؟ ما أفتكر) لكن لو عندي أملاك في الجنوب سأذهب لتفقدها ثم أعود.
{ لكنك ستصبح مواطناً أجنبياً.
- (ما أكون أجنبي، لكن برضو بحمل الجنسية السودانية الموحدة).
{ هل ستعتزل السياسة؟
- أنا شخص على أعتاب السبعين، ماذا أريد بالعمل السياسي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.