[email protected] ظلت المؤسسات الإعلامية عبر أنماطها المختلفة، من مقروء ومسموع ومرئي، تستقبل العديد من القيادات والكوادر التي تتسنم قيادتها، وهي كوادر تختلف في قدراتها ومهاراتها وأمزجتها.. وفي الفترة طالعت خبراً أزعجني، مفاده استقالة الأستاذ حسن فضل المولى من قيادة قناة النيل الأزرق، بعد أن أبلى فيها بلاءً حسناً، واستطاع بفضل حنكته وخبرته ومهاراته العالية أن يبلغ بهذه القناة شأواً بعيداً وعظيماً. حسن فضل المولي من الكوادر والقيادات الإعلامية المتميزة التي وضعت بصمتها المضيئة على خارطة الإعلام المرئي، منذ أن كان مديراً لإدارة البرامج بالتلفزيون القومي في فترة القبضة الحديدية للإنقاذ، حيث ابتعد معظم المبدعين عن التلفزيون الذي بدوره أشاح بوجهه عنهم، وكانت النافذة المشرعة لهم إدارة البرامج ممثلةً في الجنرال حسن فضل المولى، الذي فتح لهم قلبه الكبير قبل مكتبه، بل نجح في إيجاد جسور التواصل والحميمية بين المبدع والتلفزيون بإحساسه الشفيف وخلقه القويم وبابتسامته المضيئة وبدفء مشاعره تجاه كل من يتلقاه. حسن فضل المولى، حباه الله نعمة امتلاك زمام المبادرة والقدرة على صنع القرار والحسم الإيجابي لما يطرأ من قضايا، بالإضافة إلى امتلاكه كل مقومات وقدرات الفنان، الأمر الذي أضفى على شخصيته كل ذلك البريق والتوهج، فلديه ملكات فنية رفيعة تنم عن ذائقة عالية أهّلته لكل ذلك الفيض الزاخر من النجاحات، التي تمتلئ بها صحائفه، وهو من الكوادر الإعلامية الإسلامية التي لا تخلط بين الميول والانتماءات والأهواء، حتى وإن كانت على خلاف ما يعتقد، وله في ذلك مبادرات لا تخطئها العين مع العديد من المبدعين الذين انزووا وانكفأوا على ذواتهم بعيداً عن الإعلام، باعتبار ذلك لوناً من ألوان الرفض السياسي، ففتح لهم الجنرال مسارات نحو الشاشة بإدراكه ووعيه واستنارته ومهنيته العالية. لا أدري المسببات أو الدوافع التي أملت على الجنرال حسن فضل المولى تقديم استقالته من قيادة قناة النيل الأزرق، لكن تظل هذه الاستقالة بمثابة اللطمة القوية على خد المبدعين الذين تنادوا إلى رحاب هذه القناة التي وفرت لهم الأجواء والمناخات الملائمة لنشر إبداعاتهم عبرها من خلال مبادرات القناة الكريمة تجاه هؤلاء المبدعين، ولعل من أبرز إشراقاتها تكريمها للعديد من الرموز الإبداعية التي أثرت المسيرة الإبداعية للأمة، مثل تكريم الشاعر الكبير محمد علي أبوقطاطي، وتلك الاحتفائية الباذخة بالفنان الرمز علي ابراهيم اللحو، بالإضافة إلى أن القناة كانت ولا تزال تسعى إلى المبدعين في دُورهم ومراكزهم ومنتدياتهم، الأمر الذي جعلهم يتدافعون نحوها. حقيقة أنا جد حزين لهذه الرحيل المؤسف للجنرال بعد سنوات من العطاء الجميل والمشرق، الذي يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء، لأن الجنرال استطاع أن ينال حب الناس واحترامهم ومودتهم، وهو يشكل حضوراً طاغياً في أفراحهم وأتراحهم واجتماعياتهم المختلفة، مما حدا بالمبدعين أن يعتبروه فرداً من قبيلتهم الجميلة. ومهما يكن من أمر فسيظل حسن فضل المولى أحد أبرز القيادات الشامخة والباذخة في إذاعاتنا المرئية بأفقه المتسع وقدرته على الإيجاد والابتكار والإبداع والمباداة، وسيظل مكانه شاغراً لأعوام، لكنه سيبقى حضوراً بهياً في وجدان كل المبدعين الذين احترم إبداعاتهم وفتح لهم قلبه الكبير ومنحهم تقديره وتوقيره، وسيفتقد فيه المبدعون الشباب السند القوي والملاذ الآمن لهم. حسن فضل المولى قيمة إعلامية عالية، نسأل الله له التوفيق في قادم أيامه، مع دعواتنا له بالصحة والعافية ومديد العمر. (مختار دفع الله)