الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية في الواجهة من جديد، جاذبية اللغة السياسية الغليظة تدفعه دائماً إلى دائرة الضوء فهو الآن يقارع خصوم حزبه في مصادمة عنيفة ويرسم الإشارات الملتهبة والنزعة العدائية حيال المعارضة على خلفية النشاط المناوئ الكثيف للسلطة الحاكمة الذي تقوم به هذه الأيام وقرارها بإقلاع الإنقاذ في المستقبل. الدكتور نافع ظل يطلق على الدوام ألسنة من لهيب على الرموز السياسية المخالفة للمؤتمر الوطني في جميع محطات الاشتباك وهو يتوكأ على نشوة غامرة بإحساس الصولجان وربما العناية الإلهية! ولا يوجد قائد سياسي في الساحة السودانية التصق اسمه بالكامل بتطبيق هذا المنهج البركاني مثل الدكتور نافع حتى كاد يحصل على لقب خصم المعارضة الأول، بل البعض يعتقد أن نافع يمشي ويتخيل بأنه القائد المنتظر الذي يستطيع تدمير جحافل أعداء الإنقاذ وتحويل قوتهم إلى ركام. وها هو الدكتور نافع يصف تحركات الأحزاب المعارضة بالمحاولات اليائسة ويحذرهم من الخروج إلى الشارع قائلاً (الداير يقلع الحكومة لازم ضراعو يكون قوي). وعلى ذات السياق هدد حركات دارفور التي لم تنضم إلى سلام الدوحة بأنها سوف «تحصد الخراب». أما على صعيد المؤتمر الشعبي فقد ظل نافع شديد الصرامة حيال الجسور مع إخوان الأمس فهو لم يتورع في الإشارة إلى أن الدكتور الترابي فقد البوصلة السياسية وأنه يسعى في كل المراحل إلى إثارة القلاقل والفتن في البلاد. وقد كان آخر المشهد الميلودرامي اتهامه للترابي في الأسبوع المنصرم بالتخطيط لإحداث إغتيالات سياسية في الشارع العام. وفي الإطار ذكر الدكتور نافع أن حزبه لا يخشى تكرار التجربة التونسية في السودان وطالب في لغة تهكمية (عواجيز مؤتمر جوبا) الذين وصفهم يوماً بفاقدي البصر والبصيرة بالاستعداد للانتخابات القادمة! وهنا يتبلور سؤال منطقي حول خشونة الدكتور نافع الموغلة في الممارسة السياسية؟ هل يهدف الرجل إلى إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء بحيث تعود الإنقاذ إلى الأيام الخوالي وتنقلب على كوة الانفتاح الموجودة التي أعطت قدراً ملحوظاً من الحراك والمقارعة في الرأي؟ والإجابة المنطقية، يرى البعض أن التكلفة ربما تكون باهظة إذا قررت السلطة الزحف نحو المربع الأول طبقاً لحسابات الواقع في ظل الدستور والماعون الاعتباري الذي تتوكأ عليه الأحزاب المعارضة فضلاً عن انتظام دفقات رياح الشفافية والكرامة الإنسانية على المستوى العالمي التي تتناسب طردياً على الداخل، وفي المقابل قد تكون هنالك خطوات تضييق وإحكام على بعض الممارسات لكن التجربة البراجماتية الناتجة من سلاسة الامتحان أفضت إلى أن التطرف والشطط عادة ما ينتهيان إلى نقيضه!! فقد انتهت النازية باحتلال ألمانيا وانتهت الفاشية بسقوط إيطاليا وفي التاريخ الإسلامي انتهت أيدلوجية الخوارج بفتح الطريق للأمويين!! بقدر ما تشكل منهجية نافع أسلوباً مدروساً لتخويف المعارضة فإنها عملياً لا يمكن أن تمحو بجرة قلم البنيان الموجود في المسرح السياسي بغض النظر عن مثالبه!! وفي السياق من الصعب أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء والمؤتمر الوطني يطلق دعوة المشاركة في الحكومة العريضة بعد الانفصال وتحاول رموزه مقابلة تحديات المرحلة المقبلة وفي الأفق توجد الإشارة الأمريكية بقرب موعد إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب علاوة على ذلك فالمؤتمر الوطني يتعشم في إقامة علاقة تنسيقية مع الحركة الشعبية بعد ظهور دولة الجنوب في سياق تلبية فرضية المصالح المشتركة. والدكتور نافع صار من رجالات الصف الأول في تركيبة الإنقاذ بعد المفاصلة الشهيرة عام 1999م وقد قفز إلى النجومية سريعاً وهو يمتلك قاعدة معلومات كثيرة. ويرى المراقبون بأن نافع ربما يكون خصماً للمنطقة الرمادية ولا يعرف التمثيل وأنه يحاول تصويب الضربات الموجعة لخصومه السياسيين على غرار لسعات النحل في إطار تضخيم المنظار الوردي لحزبه وإبراز قوته حتى يسوقهم للاستكانة والخنوع. وفي الجهة المعاكسة كانت رموز المعارضة تتحسر وتضرب كفاً بكف أمام مفردات نافع وتقول.. ماذا جرى للكياسة والرزانة واللفظ السليم في التعليقات ولغة البلاغة الرفيعة؟!!