ذكرت مفوضية استفتاء جنوب السودان أن أكثر من (99%) من الناخبين في جنوب السودان رجحوا خيار الانفصال في الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم وفق نتائج أولية أعلنتها المفوضية أمس (الأحد)، وأوضح نائب رئيس المفوضية تشان ريك مادوت في مؤتمر صحفي في جوبا أمس أن التصويت لصالح الانفصال بلغ (99.57%)، وذكر أن العدد الكلي للناخبين بالجنوب بلغ ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف شخص، وبلغت نسبة التصويت (99%). وأظهرت النتائج أن خمساً من عشر ولايات جنوبية بلغت نسبة التصويت فيها (99.9%) لصالح الانفصال، وكانت أقل نسبة تصويت للانفصال بولاية غرب بحر الغزال الحدودية مع الشمال وهي (95.5%). وأكد مادوت أن هذه النسبة لا تشمل نتائج التصويت في الشمال وثمانية مراكز في دول المهجر التي ستعلن نتائجها مع النتائج النهائية. وستعقب إعلان النتائج فترة أسبوع لتقديم الطعون، على أن تعلن النتائج النهائية في الخرطوم في الأسبوع الأول من فبراير المقبل إلا إذا كانت هناك طعون، فحينها ستعلن يوم (14) منه. وخلال حفل رسمي جرى أمس في جوبا نظم عند ضريح الزعيم التاريخي للحركة الشعبية ومؤسسها الدكتور جون قرنق وضم مئات المسؤولين والدبلوماسيين للاحتفاء بصدور النتائج الأولية للاستفتاء؛ قال رئيس حكومة جنوب السودان رئيس الحركة الشعبية سلفا كير بلغة امتزجت فيها الإنجليزية بالعربية بلهجة «عربي جوبا» المحلية إن الرئيس عمر «البشير اتخذ قراراً شجاعاً بتحقيق السلام»، وتابع أن «البشير بطل للسلام»، متعهداً بتعاون واسع مع الشمال بعد الانفصال، وقال: «سنظل دولتين توأماً وسنحتفظ بكل المؤسسات القومية في الجنوب»، وأضاف: «لقد أكدت لكم أن الجنوبيين سيصوتون (لصالح الاستقلال) بأكثر من (90%) وأثبتم لي أنني كنت على حق»، وأضاف كير في كلمة خصصها لضحايا الحرب الأهلية: «أريد أن يعرفوا وأن تعرف أسرهم أن دماءهم لم تذهب هدراً». وكان يتحدث أمام ضريح قرنق الذي قتل في يوليو 2005 في حادث تحطم مروحيته بعد أشهر على توقيع اتفاق السلام الذي أنهى حرباً أهلية بين الجنوب والشمال دامت (22) سنة. ودعا كير الجنوبيين إلى التحلي بمزيد من الصبر. وينص الجدول الزمني الذي حدد في 2005 على مفاوضات تستمر لأشهر قبل الانفصال فعلياً في التاسع من يوليو المقبل، وأوضح سلفاكير: «ماذا كنتم تعتقدون أني سأفعل هنا؟ إعلان استقلال جنوب السودان؟ لا يمكننا القيام بذلك. فلنحترم الاتفاق. سنتقدم بخطوات صغيرة للوصول بأمان إلى غايتنا». { لن ننزل العلم وقطع سلفاكير بأن حكومته لن تنزل علم السودان إلا بعد انتهاء الفترة المعينة في شهر يوليو المقبل، وقال كير مخاطباً مؤتمراً صحفياً لمفوضية الاستفتاء في جوبا يوم الأحد، التي أعلنت النتائج الأولية، إن النتيجة عرضة للطعون، قبل أن يقلل من تأثير هذه على النسبة الكلية. وأضاف كير قائلاً إن «المسألة لم تكن مسألة أرقام وإنما مسألة مبدأ لتكوين دولة حرة بالجنوب»، وحيّا جهود زعيم الحركة الشعبية الراحل د. جون قرنق الذي رأى أنه حقق لشعب الجنوب طموحاته. واعتبر أن انفصال الجنوب سيكون بداية حقيقية للتنمية التي قال إنها لن تتحقق إلا بإرادة الجنوبيين، وبارك دعم سكان الإقليم للانفصال وصولاً إلى مبتغاهم. { استمرار الحكومة ورأى سلفاكير أن الحديث عن أن الجنوبيين سيتخلون عن مناصبهم في الحكومة الاتحادية بعد إعلان الانفصال مباشرة مجرد شائعات، قائلاً إن الجنوبيين سيستمرون في مناصبهم خلال المرحلة الانتقالية لاتفاقية السلام التي ستنتهي في التاسع من شهر يوليو المقبل. { احتفالات شعبية بنتيجة الاستفتاء وقال كير: «سألت الرئيس عمر البشير في لقاء الرئاسة الأخير بالخرطوم، وأكد لي أن ذلك لا يتعدى حديث جرائد». واتهم سلفاكير من سماهم ببعض منسوبي المؤتمر الوطني بإطلاق العنان لتصريحات غير مسؤولة، وقال: «إن البشير أكد لي بقاء الجنوبيين في المناصب إلى حين اكتمال المرحلة الانتقالية». وتعهد سلفاكير بأن تقيم دولة الجنوب علاقات سلمية مع كل دول الجوار، خاصة مع الشمال، وسنتقيد ببنود اتفاقية السلام خلال الفترة المقبلة. { جهود البشير وحيا سلفاكير جهود الرئيس عمر البشير في إنجاح فترة الاستفتاء، واصفاً إياه ببطل السلام، ممتدحاً كذلك تعاون حزب المؤتمر الوطني خلال الفترة السابقة. سلفاكير طالب الجنوبيين باحترام الغير وعدم اللجوء إلى الاضطهاد أو التقليل من شأن الآخرين. وقال إن المناقشات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ستستمر لحل عدد من القضايا العالقة مثل مشكلة دارفور وأزمة أبيي بجانب ترسيم الحدود، مؤكداً أنه بدون تعاون (الوطني) لن تحل تلك المشكلات. وأثنى سلفاكير على جهود مفوضية الاستفتاء التي تمسكت بقيام الاستحقاق في موعده على الرغم من شح الإمكانيات والتوقعات بفشل قيامه في تلك الفترة الزمنية الوجيزة. وأكد استمرار النضال في الجنوب، وأوضح أن النضال لا يعني رفع البندقية أو حملها مجدداً. وقال إن هناك نضالاً آخر وتحدياً آخر للارتقاء بالمنطقة ونهضتها حضارياً، ودعا الجنوبيين إلى أن يكونوا مسالمين وأن لا يهزموا طموحاتهم التي لأجلها صوتوا للانفصال. وطالب الجنوبيين، أيضاً، باحترام الغير وعدم اللجوء إلى الاضطهاد أو التقليل من شأن الآخرين، قائلاً إن احترام الآخرين ينبع من احترامكم لأنفسكم. ودعا سلفاكير إلى طي صفحة الماضي ونسيان مرارات الحرب والاضطهاد التي عاشوها أثناء فترة الحرب.