{ على الرغم من الأحداث التي أشعلها هواة التعصب في نهاية الموسم التنافسي الماضي عقب لقاءي المريخ والهلال في ختام الممتاز وكأس السودان، ورغم استمرار نغمة التفاخر العرجاء التي ظلوا يستخدمونها باستمرار ويسودون بها الصفحات، رغم كل ذلك تابعنا الدرس العميق مساء أمس.. { والدرس الذي نقصده علاقته مباشرة بتلك الجموع الخيالية من الجماهير السودانية التي هبّت لتشجيع المنتخب في استهلالية مشواره ببطولة المحليين أمام الجابون أمس.. وتابعنا المريخاب يصفقون لمدثر كاريكا والهلالاب يشجعون الشغيل وقلق.. { ملأوا الاستاد وضاقت بهم المدرجات على سعتها بعدما ركلوا في تصرف وطني بحت كل خزعبلات الإعلام المريض خلف ظهورهم ولبّوا نداء الوطن الغالي والتهبت حناجرهم من أجل شعار الوطن الغالي.. { لم يعبأ أحدهم بالشعار الذي ارتداه اللاعبون الذي حاول بعض مرضى النفوس إدخاله في دائرة تعصبهم الأعمى عندما طالبوا بارتداء اللون الأخضر لأن الاحمر شعار المريخ، تصوروا.. صفق الجمهور لعلاء الدين يوسف الذي أمطره بعض كُتّاب الأحمر بالسباب لأنه غادر الديار الحمراء..!! { توحّدت المشاعر بدون اية توجيهات أو توصيات.. تدافع الجميع قبل أن يقوم أحد المرضى بتبني أمر التعبئة لا لشيء سوى لأن الأمر ارتبط هنا بالمنتخب والشعار الوطني.. تابعنا الدرس البليغ وسعدنا به وسيطر علينا إحساس غريب بالفخر غاب عنا لفترات طويلة.. { الجمهور السوداني الرائع شرفنا بالأمس وقدم درساً بليغاً لهواة شق الصفوف الذين لا يعرفون سوى ممارسة الصيد في المياه العكرة الشبيهة بتركيبتهم النفسية المختلة التي لا تعرف سوى تفريغ الشحنات السالبة في أعمدتهم.. { صدّر إلينا جمهور الكرة السودانية بكل ميوله من خلال وجوده الكثيف وتدافعه نحو المدرجات بالأمس إحساساً بالفخر والسعادة الممزوجة بالوطنية الحقة البعيدة عن الأهداف الشخصية المحدودة.. { وبذات الدرجة التي شرفنا بها الجمهور أمس فإنه وضع هواة التعصب في وضع حرج وأصابهم في مقتل وأحرجهم أيما إحراج ولا ندري كيف لهم أن يخاطبوا هذه الجموع الرائعة وكيف سيقنعونهم بخزعبلاتهم وعباراتهم الهايفة..؟!! { إن الالتفاف التلقائي الذي حدث بالأمس جاء بتلقائية وعفوية ليؤكد أن السودان غنيٌ بأبنائه الشرفاء الذين يعرفون قيمة الوطن والوطنية ولا يحتاجون لصكوك من أحد ليدفعهم أو يحثهم على القيام بواجبهم.. { إنه السودان وكفى.. فكفوا يا هواة الفرقة والشتات والتأويل والتضليل عن ممارساتكم التي أودت بنا في غياهب النسيان الكروي على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية.. { إنها البداية التي نتمنى ألا تطالها أيدي سارقي الأفراح الذين تعودوا على التخفي في اللحظات المهمة ثم الخروج بعد الانتصارات لتبني الفرح والادعاء بأنهم صانعوه. { أفيقوا يا هولاء.. فمثل الجمهور الذي رأيناه بالأمس لا ولن ينخدع أبداً.