فرحة كبيرة في كل الأوساط السودانية وفئات المجتمع المختلفة باحتضان السودان لبطولة أمم أفريقيا للمحليين، أو بطولة الأورنج، باعتبار أن السودان لم يستضف بطولة أفريقية منذ عام 1970، أي منذ واحد واربعين عام صمود وصبر وحلم. الإرهاصات التي سبقت انطلاقة البطولة كانت غير مطمئنة، خاصة وأن وسائل الإعلام الغربية المعادية للسودان ظلت تطلق الشائعات المغلوطة والمضللة عبر أجهزتها المنحوسة والصدئة، في إشارات إلى عدم وجود أمن في السودان، خاصة وأن الاستفتاء الذي سبق تنظيم البطولة، وأدى إلى انفصال الجنوب، ربما يلقي بظلال سلبية على البلاد، ولكن خاب ظنهم، وآمالهم، وذهبت أحلامهم أدراج الرياح، بعد التحركات المكوكية لقادة الاتحاد العام، وقبلهم نجم هذه البطولة السيد حاج ماجد سوار، الذي بذل مجهودات مقدرة تحسب له حتى يتمكن السودان من استعادة مكانه أفريقياً. اهتمام لا مثيل له من قيادات الدولة بالبطولة، ولعل المبلغ الضخم الذي رصد لهذه البطولة يدل على ذلك الاهتمام الكبير من قبلهم، ويبدو أن الدولة قصدت من إنجاح هذه البطولة أن ترسل بعض الإشارات وترد على العالم أجمع بأن ما يتردد عن السودان غير صحيح، وأن البلاد تنعم بأمن وسلام رغم خيار أهل الجنوب بالانفصال إلا أن الشمال ظل وسيظل صامداً قوياً وآمناً. وصول أكثر من ألفين من الصحفيين والإعلاميين دليل أيضاً على نجاح البطولة، واهتمام الدول المشاركة بها، ولعل حديث رئيس الاتحاد الأفريقي عيسى حياتو الذي أشاد بالسودان خير دليل على قدرة السودان على عكس وجه مشرق له. الحراك الاقتصادي والعملات التي ضخت في الأسواق وحركة السوق هذه الأيام، أي أيام البطولة، من إيجابيات البطولة التي يجنيها السودان اقتصادياً، أما أهل الرياضة فهم أكثر الناس استفادة من هذه البطولة، حيث شاهدت البنى التحتية والإصلاحات الكبيرة التي تمت في معظم الإستادات والترميمات التي أجريت في إستاد الخرطوم، حتى خرج بصورة مفرحة ومشرفة لأهل السودان، كما أن وجود عدد مقدر من المنتخبات الأفريقية في السودان، ومشاهدتها داخل إستاداتنا بعد أن كنا نشاهدها عبر الشاشات؛ هي نفسها محمدة تحسب لنا وفي مصلحتنا. السكن والترحيل ورغم قلة الفنادق إلا أن اللجنة المنظمة قادت العمل بحنكة ودراية تحسب لها، وأضحى كل شيء على ما يرام، حتى توجه الناس إلى إستاد الخرطوم لمتابعة البطولة وحفل الافتتاح الذي أوكل إلى السيد الدكتور محيي الدين الجميعابي، الذي تحدث إليّ قبلها عبر قناة (قوون) عن الاستعداد للافتتاح الذي سيكون مفاجأة للجميع. وشكلنا حضوراً لمساندة منتخبنا الوطني الذي يخوض أولى مبارياته ولحضور حفل الافتتاح، لنصاب بالصدمة غير المتوقعة، خاصة وأننا نعلم أن اللجنة المنظمة رصدت (450) ألف دولار لحفلي الافتتاح والختام، لنشاهد ألعاب ليزر تقليدية، ورقصات باهتة وممللة وممجوجة، وكأننا نشاهد حفل زواج إحدى الحسناوات في إحدى الصالات في الخرطوم. حتى الحمامة التي تم تسليمها عبر صندوق باهت للسيد حياتو رفضت أن تحلق في السماء، وكأنها أرادت أن ترسل رسالة للسيد الجميعابي بأنه فشل. رفضت الحمامة أن تحلق، ويبدو أنهم جاءوا بها من سوق ستة بالحاج يوسف، مكسورة الجناح، ولا ريش لها، معقولة يا جميعابي؟ طلقات نارية في أشكال تقليدية كنا نتابعها ونحن في الأساس في احتفالات مختلفة ونفرح بها ونحن صغار، ولم نشاهدها منذ ذلك الحين إلا في افتتاح الجميعابي، الذي يبدو أن التاريخ وقف عنده منذ سنين طويلة، لا ابتكار ولا تميز ولا لفتات ولا مفاجآت ولا شكل مدهش، للدرجة التي جعلت ضيوف قناة الجزيرة التي لها حق البث يقولون إنه احتفال مبسط للغاية ويبدو أنه يحمل دلالات. نعم، يحمل دلالات من الجميعابي تؤكد فشله اللامحدود، في إحراج الوزير الذي يواصل الليل بالنهار، والدكتور معتصم جعفر المكوك في هذه البطولة. فشلت يا الجميعابي، رسوب فقط ولا درجة واحدة تستحقها، وأحرجت السودان والسودانيين بألعابك الباهتة، وأحرجت الذين أوكلوا إليك هذه المهمة. سيدي الوزير، حفل الختام ينبغي أن يكون تحت رعايتك وإشرافك حتى لا تتكرر التجربة مع فرقة أنا السودان، ونشاهد عرساً آخر بأشعة الليزر، وحفل الزفاف الذي فقط ننتظر أن نشاهد فيه العروس بفستانها الأبيض، وتبدأ الحفلة.