وزير الخارجية علي كرتي عنيد ويعتز بشخصيته ويتمتع بنفوذ واسع داخل الحكومة والتنظيم، وتولى وزارة الخارجية لحسم ملفات حساسة لا يصلح أن يفتي فيها إلا من جاء من مؤسسة ذات طابع عسكري كالدفاع الشعبي، لكن عبدالحميد موسى كاشا هو الآخر ينال حظا من الدعم بجنوب دارفور وآخر يأتيه من الرئاسة بعد أن خطف البريق الإعلامي وهو يحدث الناس عن خطف الأجانب وطرد ما سماها بالمنظمات العميلة التي تمد الحركات المسلحة بالمعلومات، وما بين الرجلين تكتب فصول قصة عن إدارة الحكومة لملفاتها ذات الطابع الخارجي. يوم أمس الأحد بعث والي ولاية جنوب دارفور كاشا بتصريح لكل الصحف يتوعد وزارة الخارجية قبل أن يكشف عن اتخاده لإجراءات قانونية لرد كرامته واعتباره. وقال:« وجهت باتخاذ اجراءات قانونية بسبب اتهامات وزارة الخارجية بأنني أهدد مصالح الدولة العليا، وعلى الجهات المسؤولة في الدولة وضع حد للوزارة وموظفيها ومنعهم من التدخل في شؤون الولايات الأمنية.» يذكر أن حكومة جنوب دارفور قد طردت منظمة «أطباء العالم» الفرنسية في الخامس عشر من شهر فبراير الحالي لاتهامها بالتعاون بدعم حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور في جبل مرة». وردت عليه وزارة الخارجية ببيان للناطق الرسمي باسمها دعا من خلالها مستويات الحكم المختلفة لمزيد من التنسيق والتعاون لتحقيق المصلحة القومية للبلاد في ما يلي الشأن الخارجي. وقالت الوزارة علي لسان ناطقها الرسمي خالد موسى إن الأمن القومي مسؤولية تضامنية تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة كل في مجال اختصاصه، مؤكداً أن الخارجية بحكم الاختصاص تضطلع بملفات حساسة تحتاج لضبط وإحكام التنسيق والتناغم واتساق الرؤى والسياسات بين مستويات الحكم المختلفة لتحقيق المصلحة العليا للبلاد. وانتقد الناطق الرسمي القرارات التي تتخذها بعض الولايات في ما يخص الشأن الخارجي دون التشاور والتنسيق مع رئاسة الوزارة، الأمر الذي يسبب أضراراً بليغة بمصالح البلاد، وينسف جهودا طويلة من العمل الإيجابي في سوح العلاقات الدولية. وأكد الناطق أن وزارة الخارجية تعتبر خط الدفاع الأول عن الأمن القومي ولن تألوا جهداً في تبصير الجهات المختلفة بضرورة التعاون والتنسيق لتجنيب البلاد الآثار السلبية لبعض القرارات التي تتعارض مع جهود الدولة لتحسين العلاقات الخارجية. لكن والي ولاية جنوب دارفور كاشا قال ل(الأهرام اليوم) أمس: «سأغادر الولاية إذا عرضت مصالح البلاد العليا للخطر، ومستعد للمثول أمام القضاء إذا ثبت أنني أعمل لذلك، لكن التودد والتقرب للمنظمات العميلة لن يشفعا لأحد.» وأبدى كاشا استغرابه من أنه أرسل الوثائق التي تثبت تورط المنظمة الأجنبية لوزارة الخارجية وقال: «الوزارة بعيدة كل البعد عن دماء الشهداء من القوات المسلحة والشرطة والاحتياطي المركزي والأمن الذين يقتلون بسبب معلومات المنظمات العميلة التي تمد الحركات بتحركات القوات.» وأضاف: «موظفو الوزارة أمثال الناطق الرسمي لا يفهمون دور الولاة بحسب تفويض رئاسة الجمهورية.» وفي أغسطس الماضي جاء كاشا للقصر الجمهوري بعد أن صب جام غضبه على بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور وقال إنه في انتظار أن تتسلم الولاية رداً من اليوناميد بشأن المذكرة التي رفعتها وزارة الخارجية بشأن التحقيق في أحداث معسكر كلمة وحدد مهلة (24) ساعة. وأكد كاشا طرد كل من يتورط في الحادثة منظمة أممية كانت أم أفراداً ومحاسبتهم قانونياً. وقال كل من يثبت ضلوعه في الواقعة سيقدم لمحاكمة عادلة. وأبان كاشا أن الحكومة قادرة على دخول المعسكر خلال ثلاث دقائق فقط. وأرجع تحفظ الحكومة على الخطوة لوجود الأطفال والنساء الذين تم وضعهم كدروع بشرية أثناء الأحداث منعاً لسفك الدماء وحتى لا يتعرض الأبرياء لمخاطر. وكشف كاشا عن أن المواطنين المتضررين من أحداث المعسكر فتحوا بلاغات جنائية ضد اليوناميد نتيجة للأضرار التي لحقت بهم. وتحفظ مجالس الدفاع الشعبي للمنسق العام السابق علي كرتي أنه كان لا يسمح بأن تنتقص بعض الصحف في العام 1998 من دور المجاهدين في جنوب السودان، كما أنه معروف وسطهم بشراسته وقوته التي يستمدها من صمته لعمله الداخلي في تنظيم الحركة الإسلامية ولا تعرفه إلا القلة. لكن ماذا يشغل بال الرجل وهو يتجول في فرنسا وإيطاليا وليبيا ويبحث عن كلمة السر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية للمرحلة المقبلة بعد انفصال الجنوب؟ يقول مصدر مقرب من كاشا أن بيت أهله في الضعين مفتوح مما أكسبه نفوذا وسط قبيلته في جنوب دارفور وهو بسيط في التعامل ومتواضع وليست لديه عداوات مع قيادات المؤتمر الوطني. ويقول آخر عن علي كرتي أنه يدير الملفات الخاصة بعيدا عن أعين الناس وآذانهم ومن المقربين، فمن يمد جسور الثقة والتواصل ما بين وزارة الخارجية ونيالا قبل أن تشهد المحكمة لعنة «المنظمات الاجنبية».