وليد زاكي الدين يعتبر من المطربين الذين يحتفظون بخامة صوتية متميزة، ولكن رغم ذلك لم يجد حظه الكامل من التقييم اللازم لأنه يوزع جهده على عدة منابر مختلفة، والجمهور اعتاد على إطلالته كمقدم لبرنامج «كل الجمال».. يطرح إبداع الآخرين وينسى نفسه، وقد تم اختياره رئيساً لمنظمة شباب البلد، بالإضافة لمساهمته في مجموعة «حنغني ليكم» وعضويته بمجلس المهن الموسيقية والدرامية واختياره ضمن لجنة «أماسي أم در الموسيقية». كل هذه المشتركات بين الفن والتنظيم كانت مثار نقاش لدى معجبيه الذين كانوا يطمحون كثيراً في عطائه كفنان قبل أن تسرقه هذه المنابر الادارية من فنه.. حاصرناه بالأسئلة والاتهامات فكانت إفاداته على النحو التالي: يلاحظ الكثيرون اختفاءك من الساحة.. ما هو السر في ذلك؟ - إذا كان المقصود الاختفاء عن أعين الناس فقد يكون بدافع الانشغال الدائم في العديد من المهام التي تتعلق بالفنون. أما عن اختفائي من الساحة الفنية فأنا موجود عبر المناسبات الخاصة والعامة والمنتديات والفعاليات الثقافية والقنوات الفضائية. يقولون إنك فنان غير جماهيري.. ما ردك؟ - الحمد لله جمهوري من جميع الشرائح التي تضم المثقفين بصفة خاصة، ولا أسعى لتكوين جمهور خاوٍ من الفكر والثقافة، وإذا كنت أسعى لصناعة جمهور لا يتماشى مع فني لكان ذلك من أسهل الأشياء، ورسالتي تعتمد على احترام الآخرين. ألا تعتقد أن برنامج «كل الجمال» خصم منك الكثير وعمل على تأخيرك الفني؟ - هذا البرنامج يخدم الفنون بصفة عامة، وأحمد الله على أنني استطعت أن أقدم كثيراً من الزملاء عبره، ولم أهتم بوضعي الفني بحكم وجودي في القنوات الأخرى عبر تقديم أغنيات جديدة لا أحبذ ظهورها في هذا البرنامج لأنها تحسب بصورة أخرى، وأتشرف بتقديم زملائي الفنانين عبر هذه البرنامج. ترشيحك لمنظمة «شباب البلد» لم يكن إلا مجاملة في وجود آخرين أحق منك مثل أبو هريرة حسين والفنان محمود عبد العزيز.. ماذا تقول؟ - أولاً هذه المنظمة هي وعاء لكل المبدعين، ومسألة القيادة تتم وفق رؤى عامة تهم أعضاء المنظمة وليس لها علاقات شخصية، فالمبدع قادر على قيادة المنظمة وتحقيق أهدافها، وأشكر كل أعضاء الجمعية العمومية على الثقة التي أولوني إياها، وإن شاء الله سنقوم بتفعيل دور الفنان تجاه القضايا المجتمعية والقومية. هناك اتهام بأن وليد زاكي الدين يهدي أجمل أغانيه للآخرين مثل «بنريدا ولهيب الشوق وكتر في المحبة» وغيرها؟ - أنا مع انتشار الأغنيات الجميلة، وليس هناك غضاضة في أدائها من قبل الآخرين، وأنا مع أي فنان يستطيع أن يوصل أغنياتي بإحساس جميل، والمعجبون لهم الحق في سماع ما يرونه جميلاً. هناك اتهام يقول إنك تسعى إلى الأضواء، والدليل على ذلك انضمامك لمجموعة (حنغني ليكم) ؟ - هذا الاتهام غير صحيح، «حنغني ليكم» هي مبادرة من الأخ الشافعي شيخ ادريس وعفاف حسن أمين وشخصي الضعيف لعكس دور الفنان تجاه قضايانا في المجتمع.. وانضم إلينا عدد كبير من الإخوة في المجالات الأخرى، ونرحب بالتفاف الجميع للمساهمة بصورة إيجابية، وعبركم أحيي كل الإخوة الأعضاء على حبهم للعمل الطوعي وتقديم مثال حقيقي لنكران الذات والعمل من أجل إسعاد الآخرين، وهذه دعوة لكل محبي الخير أن يكونوا سنداً لهذه الفكرة. يقال إن اختياركم كشابين أنت وفرفور لعضوية مجلس المهن الموسيقية والدرامية تم بأيدٍ حكومية..ما ردك؟ - بالعكس وجودي بالمجلس جاء عبر ترشيح من اتحاد المهن الموسيقية، وقد كان لي شرف المشاركة في إجراءاته إلى أن خرج إلى أرض الواقع، والآن أشغل منصب عضو بالمجلس، وأتمنى أن أجد العون لتحقيق الأهداف السامية لهذا الكيان. قبل دراستك بكلية الدراما والموسيقى كنت تشكل حركة فنية دؤوبة، عكس ما يحدث الآن، هل أضافت لك الدراسة؟ - ما زلت في حركة دؤوبة في هذه المهنة التي تخاطب الوجدان الإنساني، فهي تحتاج للمواكبة والتطور والاحتكاك حتى تكون أكثر قدرة على تغيير السلبيات دون المساس بكرامة الإنسان وجرح مشاعره، فالدراسة تضيف للشخص جودة، وتمكنه من تحليل التجارب وسلامة الأداء المهني، وإذا كنت تمارس مهنة لها علاقة بالجمهور فمن باب الاحترام ألا تفرّط في نوعية العطاء، لأن الرسالة الفنية مرتبطة بتقديم ما ينفع الناس وليس ما يجرهم نحو التردي والانحطاط، وهنا يكمن الفرق من فنان لآخر، وليس لديّ شروط معينة يجب توفرها، ولكن أقصد أن يكون المنتج يلامس وجدان الناس بصورة إيجابية ليحدث تناغم وانسجام مع الآخرين، وأنا لست متطرفاً او نشازاً. هناك اتهام بأنكم تجاوزتم بعض الفنانين للمشاركة في «أماسي أم در الموسيقية» كأعضاء باللجنة؟ - أولاً أقول إن أماسي أم در تتبع لوزارة الثقافة الاتحادية ولا تتبع لأشخاص حتى يكون لهم الحق في اختيار الفنانين، والأمر برمته عبارة عن احتفالات مستمرة بدأت بأماسي الخرطوم وشارك فيها كل الفنانين، ومن تم تجاوزه في أماسي الخرطوم تم اختياره في أماسي أم در، وهنالك ليالٍ قادمة مستمرة في بحري وغيرها من مدن السودان. أغنياتك لم ترسخ في أذهان الكثيرين.. إلى ماذا تعزي ذلك؟ - لم أكن يوماً ساعياً لامتلاك أذهان الناس لأن رسالتي تكمن في قلوب الناس وليس في أذهانهم، لذلك تراني دائماً ما أخاطب الوجدان الذي هو مربط الفرس عندي، وهو ما أكسبني احترامي للجميع وعدم معاداة أي شخص والحمد الله. الأثر الذي تفعله أغنياتي عند المتلقي تكون راسخة، وكثيراً ما أشعر بذلك عندما يطالبني الجمهور بترديد أغنيات معينة تلامس إحساسهم وأذواقهم، وأتواضع جداً في الحديث عن إسهاماتي في مجال الغناء والموسيقى، فأنا لا أميل للتباهي. الجيل الذي أتى بعدكم سحب البساط من تحت أقدامكم.. ما قولك؟ - الجيل الذي أتى بعدنا يتمتّع بأصوات جميلة، وجاءوا في وقت تنوعّت فيه أدوات الانتشار، لذلك عليهم مسؤولية أكبر، لأن الشعب تربى على الأخلاق والقيم وحب الخير، وأرجو أن يستفيدوا من عنفوان الشباب في أعمال تنفعهم، وعندها سيتخطون هذه المرحلة، والطريق معروف للفنان الواعي. بصراحة هل تعتبر نفسك وصلت الطموح والغاية التي تنشدها؟ - إني أتعامل مع الفن كوسيلة لتحقيق حياة مثالية، ليس فيها غش أو خداع أو خيانة، وكل الأشياء الفاسدة، لذلك ما دامت هذه الصفات موجودة فإن غايتي لم أصلها بعد، وأتمنى أن يقود عدد من الفنانين الركب لمحاربة هذه الصفات السلبية التي تمزق جدار المجتمع، وكلي ثقة في أن أهدافهم لم تذهب سدى وسيشعرون بقيمة الفنان الحقيقي. ماهي رؤيتك في المرحلة القادمة؟ - رؤيتي في المرحلة المقبلة هي الإنتاج المتواصل للأعمال الجيدة حتى أسهم في التغيير، بعد التردي الذي عم الوسط الفني من صراعات وعداءات انصرافية، حتى أصبح وسيلة هدامة للفرد والمجتمع، وأصبحت الهوة واسعة بين الصحيح والخطأ في ما يتعلق بالسلوك والمسؤولية، وكلنا نتابع القوة الضاربة لمقدرات الشباب في التغيير الإيجابي نحو مستقبل وغد أفضل، وهذا لا يتأتى إلا بحب الوطن والعطاء دون انتظار المقابل حتى تكون راضياً عن نفسك والآخرين.