{ في خطاب أُذيع في التلفزيون الليبي قال سيف الإسلام نجل الرئيس القذافي: «نحن معنوياتنا مرتفعة والقائد معمر القذافي يقود المعركة في طرابلس ونحن معه والقوات المسلحة معه.. نحن لن نفرط في ليبيا، سنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة وآخر طلقة»، ثم وعد بإجراء حوار بشأن الإصلاحات وزيادة الرواتب. { وفي البداية نقول إن منتهى الاستفزاز والاستخفاف بالشعب الليبي أن يخاطبه بعد احتجاجاته الهادرة ضد النظام الذي جثم على صدره منذ أربعين عاماً؛ الابن وليس الرئيس. ولو كان النظام الليبي نظاماً ملكياً لكان مفهوماً أن يخاطب الشعب ولي العهد لكنه ليس نظاماً ملكياً وكان الخطاب كما قلنا مستفزاً متغطرساً ساذجاً في نفس الوقت بالوعد الذي تضمَّنه بزيادة الرواتب. { وأن يلقي الخطاب الابن وليس الرئيس الذي هو في كامل صحته فمن معاني ذلك أن في البال والخاطر توريث الحكم الذي كان أحد الأسباب التي أطاحت بالرئيس محمد حسني مبارك وحرمته بالتالي من الاستمرار في حكم مصر. { إنَّ توريث الحكم عُرف أو تقليد ملكي لكنه انتشر في بعض الجمهوريات، ومنها جمهوريات عربية، ولم ينجح إلا في سوريا رغم أن البعض يرون أن استمرار هذا النجاح مرتبط بوجود الدكتور بشار الأسد رئيساً. { وهو أمر مؤسف أن تنتكس فكرة النظام الجمهوري في العالم العربي بأخذها بفكرة توريث الحكم. هذه الفكرة التي تعتبر من الفوارق المهمة البارزة بين النظامين الجمهوري والملكي. وأشرنا من قبل ونعيد أن كاتباً مصرياً ساخراً سمَّى هذا الجمهوريات التي أخذت بفكرة توريث الحكم النظم «الجملوكية»؛ فهي تجمع بين النظامين الجمهوري والملكي. { ولم يتحقق هذا الجمع سعياً نحو خدمة الشعب وتكريس الانحياز له والاهتمام بمصالحه؛ لكنه تحقق أساساً انحيازاً من الرئيس إلى عائلته. { ويقولون في بعض الصحف الغربية إن اقتلاع نظام القذافي صعب، ونرى أن ذلك ليس صحيحاً لكنه تأييد مبطن لنظام أصبح يحقق المصالح الأوروبية والأمريكية على نحو لا يتيسر لأي نظام يخلف نظام العقيد القذافي الذي لم يعد ذلك الثائر القديم المناهض للإمبريالية الأمريكية. { إنَّ ملك ملوك أفريقيا الذي يجلس على جبل من (الكاش)، كما يقول الخواجات، لم يوظف هذه الثروة الخرافية التوظيف الصحيح، ولو أنها وُظفت التوظيف الصحيح لكان الوضع في ليبيا الآن أفضل مئات المرات مما هو عليه. { ثم نختم بعودة سريعة إلى خطاب (الأمير) سيف الإسلام القذافي، فهناك سطر لافت هو: «سنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة»؟! وكان من غرابات القائد، وهذا لقبه داخل ليبيا، أن حرسه الشخصي مكون من نساء..!!