{ أجهزة تخزين المعلومات دائماً لا تشغل حيزاً كبيراً في المساحة رغم حيزها المعلوماتي الكبير الذي تنشغل به. وهي من المدهشات بالنسبة لي؛ فالملفات الضخمة التي يمكن أن تكون محمَّلة في رقاقة صغيرة جداً يمكن أن تندس بين الأشياء ولا تكاد تُرى في جمودها المادي لكن بمجرد تحرك الحياة الأيونية فيها تنشطر وتنشق عن ألف ألف وحدة وتصنيف يخرج لك ما تريده مصنفاً بأناقة شديدة وترتيب بالغ هو - وربي - براعة عالية لذكاء الإنسان في استخدامه للتقنية المعلوماتية. وهو ما تطبّق لي عملياً بالمعلومات الكثيفة في غزارتها التي تلقيتها مناصفة مع الزميلة ذات ابتسامة الروح المباشرة (فدوى موسى) - بصحيفة آخر لحظة - بالأمس في زيارتنا المعدّة كلقاء تفاكري مع إدارة العلاقات العامة بالمنسقية العامة للخدمة الوطنية الاتحادية. معلومات تتحدث عن تقنية إلكترونية عالية تستخدمها المنسقية في إدارة أعمالها كاملة بل ومساعدة مؤسسات أخرى بتلك الخدمة جعلتني لوقت يسير أحس بأنني لا أرتدي حذاءً يفصل بيني والأرض إنما ارتدي غاز هليوم يرتفع بي بعد كل جملة سنتمترات، من تقدير جهد وتقدم تقني - ما جايبين ليه خبر- لم أشعر بطول جلوسي واقفة طوال ساعة نستمع إلى الشرح الشفاف وشافٍ من مشرف إدارة الدعم الفني المسئول عن متى؟ وأين؟ وكيف؟ { كيف تغيرت النظرة العدائية بين المجتمع والشباب الملزم فئوياً بأداء الخدمة الوطنية وبين إدارات الخدمة؟ لدرجة أن تعد الأمهات جرادل الكعك، لفرح دخول ابنها لمعسكر الخدمة الوطنية! كيف تغيرت العقلية الإدارية للمنسقية في الخطو الى الأمام خطوات إستراتيجية لدرجة أن يكون العمل الإلكتروني هو الإبداع الحقيقي لإدارة المنسقية؟ وسعة الصدر الشاسعة التي تفضَّل بها كافة من قابلناهم في إدارة حوار إيجابي أجاب عن كافة ما خطر ببالنا جعلتني أعتقد جازمة أن الطفرة الإلكترونية لاستحداث نظام عمل أنيق وميسر لخدمة الشباب بشكل خاص ومن كوادر مؤهلة بخبرتها لا بمحسوبيتها لأية جهة، لا تلقى التقدير الكافي من مؤسسات الدولة الأخرى ومن الإعلام العام والخاص. { فما يخص أمر إدارة الدعم الفني المعنية بإدارة شبكة معلومات - تخلع - لما يخص المجند للخدمة الوطنية بطريقة سهلة وناعمة في الحصول عليها وتوفير معلومات إضافية لوزارات وهيئات أخرى مساعدة كمثال - (في الكشف الطبي على المجندين حدث أن تتكرر مرض معين لدى عشرة طلاب استدعى أن تخطر المنسقية العامة للخدمة الوطنية وزارة الصحة لمعرفة أسبابه وبإجراء اللازم تمكنت الوزارة من التعرف على الوباء وتداركه العلاجي) - بجانب معلومات أخرى تفيد في مسائل السجل المدني والخدمة العامة المدنية في ما يتعلق بالمعلومات الشخصية والدراسية والوظيفية... إلخ. { إن الوظيفة السابقة لموظف الخدمة الوطنية في الذاكرة التخزينية السودانية كمرافق (لدفار الكشة) المعروف، تغيّرت لأسباب بعضها سياسي كاتفاق نيفاشا للسلام، وبعضها إدراكي كاستيعاب الخدمة لضرورة التطور الإنساني وإلى حد ما مفهوم الثقافة الحقيقية للخدمة الوطنية في تغليبها العمل الوطني للمجند أكثر من العسكري في حالة عدم الوطأة الحربية بالطبع - وفئة المجند - ويتضح ذلك في أداء الخدمة الوطنية في كثير من الولايات، كالولاية الشمالية، حيث تكفلوا هناك بإجراء المسح الإحصائي لمرض السرطان في الولاية الذي أثبت علمياً عدم وجودها في دائرة الخط الأحمر كما تعارف عليه. وعملها الكبير والملموس - كخدمة وطنية - في إدارة العودة الطوعية لمواطني قرى دمرتها الحرب في شمال دارفور. وعمل منسقية المرأة في ما تعارف عليه بمشاريع بالأمومة الآمنة، وهو من المشاريع الضخمة الملامسة للمجتمع ولا سيما مشروع محو الأمية. { إن أميتنا الإعلامية لكثير من الإنجازات المؤسسية في وطننا التي للأسف تحسب للحكومة لا للبلد أو الدولة، هذه إنجازات نقف منها موقف التجنب حتى لا نتهم كصحافة أو إعلام بالمأجورية أو التواطؤ - سمعة المظروف وما تحت الطاولة - وتظل في عتمة إعلامية ما لم تدفع مقابل التعريف عنها كإعلان، هذه الأمية يجب محوها فكما لا يدفع لنا لتبيان الخلل ولقول الخطأ والهجوم على.. يجب بذات الشرف أن نقول لمن يؤدي عمله على أفضل وجه شكراً، وبالتوفيق، ونمنحه جردل كعك ليحلي به مرارة الصعوبات والعثرات والتضييقات.