{ في فترة من شبابه أيام كان ضابطاً بالقوات المسلحة قبل الانقلاب العسكري الذي قاده في 23 يوليو 1952م انتمى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الشيخ حسن البنا عام 1928م بمدينة الإسماعيلية. { وانتمى إليها ضباط آخرون منهم من أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة بعد يوليو 52 لكن هذا الانتماء لم يستمر واكتفى أولئك الضباط بانتمائهم إلى المؤسسة العسكرية وإلى الثورة التي أصبح أبرز توجهاتها الوطنية المصرية والعروبة والاشتراكية والحياد الإيجابي وعدم الانحياز. { وفي البداية أيَّد الإخوان المسلمون الثورة وبعد شهور قليلة نشب الصراع الدامي بينهما وكان أبرز تجليات ذلك الصراع محاولة اغتيال عبد الناصر عام 54 في ميدان المنشية بالإسكندرية وما ترتب عليها من اعتقالات بالجملة شملت ألوف الإسلاميين وتعذيب وقتل، ...إلخ. { ثم تجدد الصراع الدموي عام 1965م وكان من نتائجه هذه المرة إعدام الكاتب الأديب الناقد سيد قطب. { وإلى أن مات عبد الناصر في سبتمبر 70 ظلت العلاقة بين عبد الناصر والإخوان، وربما الإسلاميين عموماً، في غاية السوء وإلى درجة أن الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي - وكان يعمل بالمملكة العربية السعودية عندما حدثت هزيمة يونيو 1967م - سجد لله شكراً وكان العالم الجليل متحاملاً متعصباً أكثر من اللازم أعماه الخصام السياسي عن رؤية الحقيقة؛ فهزيمة يونيو 67 كانت هزيمة لعبد الناصر وقد اعترف بمسؤوليته عنها لكنها كانت هزيمة لمصر وللأمة العربية وللمسلمين والمسيحيين العرب. { وعندما حدثت تلك الهزيمة القاسية خيَّم الحزن على كافة أرجاء العالم العربي وكان موقف الشيخ الشعراوي منها غريباً لكنه كان يعبِّر عن الكراهية التي وصلت إليها العلاقة بين الإسلاميين عموماً في مصر وخارجها وبين الرئيس جمال عبد الناصر. وكان من النادر، إن لم يكن من المستحيل، أن تقرأ حرفاً واحداً منصفاً لأي من الإسلاميين عن عبد الناصر. { ولذلك كان غريباً وجديداً أن يتضمَّن مقال لإسلامي مرموق هو الدكتور غازي صلاح الدين نشرته (الشرق الأوسط) في عددها الصادر أمس الخميس الموافق 24 فبراير 2011م الفقرة التالية: { «لكن الذي أحدثته ثورة 1952م فاق ما سبق من تحولات، لم يكن أهم ما طرحته ثورة 1952م هو مشروع الوحدة العربية البرّاق. كانت ثورة التعليم التي أطلقها عبد الناصر أبعد أثراً في المجتمع المصري من مشروعات الوحدة التي لم تخلّف إلا جراحاً عميقة، وجراء تلك الثورة تعلّم من أبناء مصر خلال الأعوام الستين الماضية ملايين كان مصيرهم الحتمي، لولا ثورة التعليم، أن يبقوا مواطنين ريفيين يكررون حياة آبائهم وأجدادهم وأجداد أجدادهم من قبل، ومن بين هؤلاء الملايين ضرب مئات الآلاف في فجاج الأرض يطلبون الدرجات العلى من العلوم والمعارف في حواضن العلوم المعاصرة في الجامعات الأجنبية، تقلد كثير من هؤلاء المناصب الرفيعة في المؤسسات الدولية ونال بعضهم اعترافاً لم ينالوه في بلادهم بل أن أشهرهم نال جائزة نوبل في الكيمياء».{ كلام سليم قاله غازي صلاح الدين ولم يكن ممكناً أن يقوله الشيخ الشعراوي!