رحلة أولاد الماحي، أشهر المادحين للمصطفى «ص» بالسودان، إلى مكاتب «الأهرام اليوم» صباح الأحد الماضي بدأت باكراً من قريتهم الوادعة «الكاسنجر» بالولاية الشمالية حاملين معهم مسيرة (200) عام في الإرث الذي أهداهم إياه حاج الماحي الكبير.. جلسنا إليهم وسألنا بداية عن تمسكهم بالحياة في «الكاسنجر» رغم أن نشاطهم بالخرطوم؟ فأجابوا بأنهم ارتبطوا بالمكان والناس هناك وأسهل لهم التنقل من وإلى الخرطوم بدلاً عن الحياة فيها.. أما عن الماحي الكبير - رحمه الله - فيقول الحاج وراق: كان أُمياً يعمل في الزراعة وتبع الطريقة الأحمدية على يد الشيخ إبراهيم الرشيد خليفة السيد أحمد إدريس القادم عبر سواكن من الحجاز وذلك في أربعينات القرن 19 الذي أنشأ مجالس للعلم في منطقة «الكرو» بمحلية مروي. وأقام الحاج الماحي «خلوة» لتعليم القرآن والقراءة والكتابة وتوفي في العام 1871م مخلفاً أكثر من ألف قصيدة مديح نُقلت على لسان الرواة ولا يتجاوز المحفوظ منها حالياً (134) قصيدة تحتفظ مكتبة الإذاعة بأكثر من (60) منها وقامت الأسرة هذا العام بتأسيس منظمة حاج الماحي الخيرية لدراسة وحفظ القرآن والسيرة إضافةً لجمع وحفظ وتسجيل أعمال الراحل للأجيال القادمة. أولاد حاج الماحي لديهم «رأي» في المديح الحديث المختلط بالموسيقى والأجهزة مما دعاهم لرفض التعامل مع قناة «ساهور» المخصصة للمدائح ويقولون: خلط المديح بالموسيقى مرفوض لأنه غير «مقنع» وسنشعر بأننا تنازلنا عن ثوابت الأسرة إذارضينا بأداء مدائح حاج الماحي بمصاحبة الموسيقى. { لسنا ضد المرأة المادحة وفي معرض سؤالنا عن رأيهم في اكتساح المرأة مجال «المديح» ذكروا بأن المادحات كُن موجودات من زمن حاج الماحي الكبير مثل المادحة «نعمة». فالمشكلة برأيهم ليست في المرأة بل في طريقة الأداء واختلاطه بالموسيقى والإيقاع الراقص. وبالإشارة إلى مقلديهم من المداح الآخرين يشيرون إلى أنه لم يستأذهم أحد كأسرة في أداء مدائح حاج الماحي ولكنهم، وعبر المستشار القانوني لمنظمة حاج الماحي الخيرية الوليدة، يمكنهم ملاحقة أي عمل يشوِّه أسلوب أداء أعمال الراحل. ويتوزع نشاط أولاد حاج الماحي حالياً في المناسبات الدينية والأفراح التي يشترطون فيها عدم الاختلاط وإذا كانت ليلاً. وجدير بالذكر أن أولاد حاج الماحي يقدمون أعمالاً أخرى للشيخ حياتي ود سعد والشيخ علي ود حليب والحاج السخي - أب شريعة بجانب مُدّاح الشايقية المعروفين. واختتم أولاد حاج الماحي زيارتهم لمكاتب «الأهرام اليوم» بتقديم «مدحة» «سمح الوصوفو» لحاج الماحي ويمكن القول إن الفرق في الأداء بين المديح التقليدي والمصاحب بالموسيقى كان واضحاً مما أعادنا للنظر في الأسباب الموضوعية التي ساقها أولاد حاج الماحي لرفضهم إدخال الموسيقى في المديح.