الطفولة من أجمل مراحل العمر التي يمر بها الإنسان، إذ تجد الأطفال يمارسون فيها الألعاب الشعبية والحديثة، حيث تنشب داخل تجمُّعاتهم بعض الخلافات والمخاشنات التي تقود بعضهم إلى العراك والتشابك بالأيدي، لتنهمر الدموع ويذهب كل طفل إلى بيت أهله باكياً لاستدعاء أمه لتنقذه من «المعركة» بعد أن يرفع عقيرته بالنواح أمام المنزل، فتخرج والدته دون «توب» صائحة «مالك يا ولد الدقّاك منو»؟! فيرد الابن «فلان» فتحمل ثوبها على جناح السرعة وهي لم ترتده بعد وتخرج إلى الشارع من أجل الثأر لوليدها دون أن تنصحه وتوضح له أن «أبناء الحارة» إخوة. ولكنها للأسف تُشعل النار بينها وبين جاراتها أو أهلها في معركة متكررة لا غالب فيها ولا مغلوب. «الأهرام اليوم» بحثت آثار مشاحنات صغارنا بعد تدخُل الكبار، وخرجت بإفادات إيجابية جداً. لنرى الأمهات ماذا قُلن: تقول فاطمة عوض إنه لا يحق لأم أن تتدخل في خلافات الصغار التي تحدث بينهم سواء مع أبناء الجيران أو أقربائهم أو مع أي أطفال آخرين. موضحة أن المشكلة بينهم قد تكون صغيرة لكن تدخُّل الأم يفاقم الخلاف. مبينة أن الأطفال بطبيعتهم يتشاجرون ولكن سرعان ما يعودون إلى اللعب والمرح مع بعضهم وكأن شيئاً لم يحدث، فالأم التي تقوم بالتدخُّل في مشاحنات الصغار هي أم غير «واعية» أو متفهِّمة لطبيعة الأطفال، وهي لا تُدرك أنها بذلك قد تفقد أهلها وجيرانها وتسبِّب لأبنائها نوعاً من العُزلة حيث يتجنب أبناء الجيران اللعب معهم. لذلك لا بد للأم أن تترك الأطفال في شأنهم وتدعهم يمارسون حياتهم الطبيعية دون تدخُّل. وعلى ذات السياق ترى إنتصار أن الشجار سمة طبيعية لدى الأطفال فالأم التي تقف بجانب أطفالها عندما تحدث مشاجرة بينهم وأبناء جيرانهم في رأيي أنها أم غير«سوية» تُحكِّم عاطفتها أكثر من علقها، وبالتالي تفقد جيرانها الذين أوصى بهم رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» في حديثه «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورِّثه». فالمشاكل التي تحدث بين الأبناء يجب ألا تكون مصدراً للجفاء بين الجيران والأهل فالكبار دائماً يصفون الصغار «بالجهال». وعلى الأهل التصرف بوعي حتى لا يقعوا في براثن الخصام بسبب الصغار، مضيفة أن الخصام لأكثر من ثلاثة ليالٍ محرّم على المسلم، هذا في حال تخاصم الجيران أو الأقارب مثلاً بسب أطفالهم. أما بشارة فضل فيرى أن الأطفال بطبعهم مسامحون لذا يجب تركهم يحلون مشاكلهم لوحدهم لأن تدخُّل أحد أفراد الأسرة يقود بدوره إلى خلق مشاكل بين الأسرة أو أقرب الأقربين والجيران مما يولِّد «القطيعة» بينهم مضيفاً أنه لا بد من أن تكون الأمهات أكثر وعياً وأن تُعلِّم أبناءها على المسامحة وعدم «نقل الكلام» تفادياً للمشاكل وأن تزرع الثقة وحب الآخرين فيهم وأن تبتعد عن الأسلوب الخاطئ في التربية من أجل تنشئة جيل واعد بالتواصل الإجتماعي. وتقول اختصاصية علم الاجتماع سحر عبد الرازق أن الأطفال بطبعهم «أبرياء يفضِّلون اللعب واللهو مع بعضهم وغالباً ما تحدث بعض المشادات فيما بينهم. فالأطفال سريعو النسيان يمارسون ألعابهم بعدها كأن لم يتعاركوا قبيل دقائق. موضحة أنه على الأم ألا تتدخّل فيما بينهم تفادياً للمشاكل التي ربما تنجم فيما بعد بينها وبين جيرانها أو أهلها فتخلق فجوة لا يمكن تناسيها سريعاً. مضيفة بأنه يجب على الأم أن توعّي أبناءها بالتوجيه والارشاد ويمكن أن تقسو عليهم قليلاً إذا «كرروا» الخطأ ولم يتركوه مبينة أن تدخُّلها يؤثِّر على الأطفال ويخلق فيهم نوعاً من العُزلة والإنكماش، كما يؤثر على سلوكهم في المستقبل.