ارتبطت الأوضاع الإنسانية بدارفور، بجوانب سياسية وأمنية، ذات أبعاد داخلية وخارجية، وتعد من أبرز الأدوات التي استغلت في إدارة الأزمة التي عاشتها دارفور منذ العام (2003)م، وكانت القضية محل شدٍّ وجذب بين أطراف القضية، برزت آثاره على العلاقة بين الحكومة السودانية والمنظمات الأجنبية، التي تدافعت إلى دارفور للعمل في هذا المجال، فدخلت في المحظور -بحسب الحكومة السودانية- فكان أن أعلنت الحكومة طرد عدد من المنظمات على مراحل متفاوتة، كان آخرها طرد منظمة أطباء العالم الفرنسية (MDM) من ولاية جنوب دارفور. وأثار طرد تلك المنظمات ردود أفعال محلية ودولية، وعزمت الحكومة على التصدي للأزمة الإنسانية عبر العمل الوطني، وما يسمى بسودنة العمل الإنساني، الذي اتجهت فيه الحكومة إلى المنظمات الوطنية. وعلى خلفية طرد المنظمة الفرنسية من قبل ولاية جنوب دارفور؛ تباينت وجهات نظر أعضاء مجلس الولاية التشريعي حول وجود وعمل المنظمات الأجنبية بالولاية، فمنهم من أيده، ومنهم من اعتبره ثغرة للنيل من الأمن القومي السوداني عبر العمل الإنساني والأجندة الخفية للمنظمات، بينما تساءل البعض؛ محاولاً البحث عن أجوبة لتساؤلات ظلت لدى الكثير من مواطني الولاية، حول الآثار المترتبة على المتضررين جرّاء طرد المنظمات الأجنبية، ونبَّه عدد منهم إلى ضرورة أن يكون لسلطات الولاية المزيد من الوجود وسط معسكرات النازحين. ودعا رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني بالمجلس، حكومة الولاية إلى أن يكون للحكومة دور بارز في توفير العيش الكريم للنازحين، للحد من الآثار السلبية على أبناء النازحين، والإفساد الذي يحدث لأخلاقهم بسبب وجود المنظمات الأجنبية- على حد قوله. وأكد على حاجة الأوضاع إلى برامج قوية لتنفيذ برنامج العودة الطوعية للنازحين، فيما ساند رئيس كتلة نواب المؤتمر الشعبي؛ عبد الرحمن الدومة، وجود المنظمات الأجنبية بالسودان، لجهة أن المنظمات الوطنية هي أذرع للحكومة، التي قال إنها تسببت في هذا الوضع. واعتبر الخطط التي يتم وضعها لعودة النازحين إلى قراهم حرثاً في البحر، في ظل غياب ما سمّاه بالحل السياسي، وأضاف أن العمل الإنساني يجب أن ينفذ عبر الوكالات الأممية، وبرر ذلك بعدم خبرة المنظمات الوطنية، فضلاً عن أنها تمثل وسيطاً، ومن ثم المزيد من الصرف الإداري. وقطع عدد من الأعضاء بأن الأموال الطائلة التي صرفت في برنامج العودة الطوعية خلال الفترة الماضية، كافية لإعمار مخططات سكنية للنازحين بالمدن الرئيسية التي يقيمون فيها. فيما يرى عضو المجلس عن دائرة قريضة؛ عمر محمد إبراهيم، ضرورة إيقاف المنظمات الوطنية -التي أجمع عدد من أعضاء المجلس على ضعفها- للحد من تبديد الأموال التي تأتي لإعانة المتضررين، باعتبار أن تقرير وزارة الشؤون الإنسانية أمام المجلس، أشار إلى أن هناك (150) منظمة وطنية مسجلة بالولاية، بينما التي تعمل فعلياً فقط (80) منظمة. وقال عضو المجلس إدريس إبراهيم، إن الأدوات والمعينات الإغاثية التي تعرض للبيع بأسواق الولاية نتاج لممارسات المنظمات الوطنية، ودعا إلى تحجيم الاعتماد على المنظمات الوطنية، ووضع ضوابط صارمة لممارساتها. بينما يرى الوزير ضرورة الاعتماد على المنظمات الوطنية، على الرغم من قلة خبرتها؛ حفاظاً على الأمن القومي للبلاد، وقال إن هذه الفترة تعتبر تدريبية لها، وتكسبها خبرات في العمل الطوعي الإنساني. في ظل هذا الوضع أشار عضو المجلس محمد الأمين إسحاق، إلى ما سمَّاه بشبح نقص الغذاء، الذي قال إنه يطارد شعب الولاية، في وقت تتم فيه إبادة المواد الغذائية المخزنة لدى المنظمات بسبب التلف. وطالب الوزارة بالتركيز على توفير الغذاء ووضع يدها على تلك المواد، حتى يتم إيصالها إلى المواطنين. وأقرّ وزير الشؤون الإنسانية بوجود نقص في المواد الغذائية ببعض مناطق محليتي شعيرية وعديلة، أثبته مسح أجرته وزارة الزراعة بالولاية، بالتنسيق مع عدد من المنظمات الأممية. وكشف عن الموافقة المبدئية للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) على الإسهام في برامج العودة الطوعية، باعتبار أن هناك تغييراً إيجابياً طرأ على مهمتها بدارفور -على حد قوله. وقال سليمان إن طرد المنظمات يترك آثاره حتى على الوزارة، وزاد: «نحن الآن مطالبون ب(4) مليارات جنيه عبارة عن حقوق العاملين بالمنظمات التي تم طردها»، منوهاً إلى أن المستشار القانوني للوزارة «يومياً في المحكمة»، في إشارة إلى مقاضاة عمال المنظمات المطرودة للوزارة، مبيناً أن العربات التي تركتها المنظمات، البالغ عددها (251) عربة، لم تعرف الوزارة مكانها، مشيراً إلى أنها تم تسلمها من قبل أمانة حكومة الولاية، وتمت الاستفادة منها في فترة الانتخابات الماضية، إلا أن الوزارة لم تستطع استردادها حتى الآن، في وقت تفتقر فيه الوزارة إلى الإمكانيات ووسائل الحركة للقيام بالمهام الإنسانية الموكلة إليها. وأبان أن خطة وزارته التي وضعتها للتصدي للشأن الإنساني تتطلب تفهماً من قبل شركائهم المتمثلين في (برنامج الغذاء العالمي، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والصحة العالمية، اليونيسيف، والمنظمات الوطنية). وأضاف أن أولئك الشركاء إما أن يكونوا سبباً في إنجاح الخطة، أو فشلها، الأمر الذي يؤكد أهمية الدور الذي تلعبه تلك المنظمات في المجال الإنساني بالولاية.