يؤلمني كثيراً تيار من النقد معياره الأساسي يعتمد على مدى التوافق والاختلاف الأيدلوجي، فإذا وجد الناقد أن المبدع يسبح في عرض نهره الفكري أسبل عليه من الأوصاف والصفات ما يجعله في أعلى المقامات، والعكس تماماً في حالة الاختلاف المذهبي، والحق أن الصراع الايدولوجي «السياسي» والنزعات الشخصية من أخطر معوقات تقويم العمل والمبدع، كذلك يجب التفريق بين نقد الشخص ونقد إنتاجه الإبداعي. الموسيقار عبد اللطيف خضر ود الحاوي استمعت إلى ألحانه من مجموعة من الفنانين الشباب فكانت قمة في الروعة والجمال، ترى لماذا يتأخر هؤلاء الشباب في تقديم تلك الأغنيات وما أحوج المستمعين المتلهفين إلى الجديد الرائع من ود الحاوي. مابال أخانا محمد حاتم سليمان، فهو يبدو لنا يسير على خطى السابقين الذين لم يقدموا للتلفزيون شيئاً يتذكره الناس بهم، فالتلفزيون يحتاج لبرامج جديدة ومواكبة لروح العصر تتبعها خطط لكوادر مؤهلة لتنفيذها في استراتيجية العمل الإعلامي. هناك مطربون صنعوا الموسيقى وبعضهم صنعته الموسيقى ونوع ثالث صنعته شركات الكاسيت. أقول لشرحبيل أحمد نحن جيل نحترم من يترجم مشاعرنا بصدق لذا احترمنا كلمات أغنياتك والصدق الذي يصلنا من خلالها. أغنيات الرائع عثمان حسين فيها فكر وثقافة، وأكاد أشعر أنه حينما يغني يعزف على أوتار القلوب كعاشق تربطه بكل من يسمعه قصة حب. مبارك حسن بركات خلاصة روعة الدعاش في سهول البطانة زمن الخريف، وصوت لا تهزه أصوات انسياب مياه النيل عند الأصيل. أتمنى أن اشاهد في التلفزيون القومي بعضاً من أعمال الأستاذ المخضرم حمدي بدر الدين، هذا المبدع الأصيل الذي كان يدهشنا ويبهرنا ببرامجه التلفزيونية كاسحة النجاح. هل من الذوق واللباقة أن نقدم للمستمع صباحاً أغنية (باكي فاقد)؟ سؤال يجيب عليه الإخوة في الإذاعة السودانية. سلمى سيد.. من أين تستمدين هذا الحضور والتمكن؟ لك الأمنيات وأنت في خطوات واثقات نحو آفاق لا تُطال. الأستاذ السموأل خلف الله وزير الثقافة الاتحادي قامة فكرية رفيعة لا يطولها الأقزام. صعب جداً أن تنفق إدارة الدراما على الدراما السودانية حتى تجتاز عقبات التمويل التي أقعدتها ردحاً.. وسهل جداً أن تستورد الدراما المصرية بأغلى الأثمان في مشهد مؤسف لا ينتمي لفكرة. نادية أحمد بابكر وسمية عبد اللطيف وناهد حسن وبلقيس عوض ومحمد شريف علي ومكي سنادة والشبلي والهادي الصديق، جميعها أسماء تطمئن على مستقبل الدراما ببلادنا برغم العثرات والعقبات وشح الإمكانيات. هناك عدد من المبدعين الذين رحلوا في صمت، والغالبية من أهل السودان لم يتعرفوا على إنتاجهم الأدبي.. ومن هؤلاء الشاعر الراحل د. حسن عباس صبحي، فقد كان شاعراً عملاقاً ولكن ضعف حركة التوثيق أضاعت صوتاً شعرياً مميزاً، وقد فعل كابلي حسناً باختياره بعض كلماته ليقدمها للمستمع.