لم أرَ الوجيه منيب عبد ربه عارف السواكني على الطبيعة إلا مرتين في عام 1974م بكوستي، ففي المرة الأولى رأيته في بيت صاحبنا مصطفى حسن جميل وكان هذا البيت ملاذاً جميلاً ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وكانت لنا فيه مساءات ومساءات. وكان منيب عبد ربه في ذلك الوقت اسماً متداولاً في صفحات الرياضة كل يوم تقريباً وكان اسمه يُذكر دواماً مسبوقاً بلقب (الوجيه)، وكان وقتها ثرياً يجري المال بين يديه وينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، وكان هواه المريخ العظيم وما أكثر ما قدمه لنادي المريخ ومنه مثلاً تكفلُّه باستئجار طائرة خاصة أقلت فريق المريخ إلى إحدى العواصم الإفريقية، وأعادته إلى الخرطوم في إحدى المسابقات الإفريقية التي خاضها المريخ، وكان المريخ وفياً يعرف أقدار الذين يحبونه بالمواقف وليس بالكلمات وحدها، ولذلك فإنه في السبعينيات أيضاً أقام في إستاده بأم درمان تكريماً مشهوداً للوجيه منيب نقلته الإذاعة السودانية. ولم تقتصر نفحات الوجيه منيب على المريخ لكنها شملت كوستي التي حقّق فيها الشُّهرة والثراء. فقد أسس فيها مدرسة تخرّج فيها الألوف، وكان يملك داراً للسينما أي أنه كان له باع في التثقيف والتنوير والترفيه..والخ. ثم دارت الأيام، ومرت الأيام وإذا بهذا الوجيه لا يملك سوى نفسه. إن المريخ العظيم مطالب مرة ثانية برد الجميل، وأيضاً كوستي وقد أسعدني تماماً أن أعرف من اللواء السر حسن إبراهيم أن كوستي ممثلة بابنها ومعتمدها أبوعبيدة العرافي قررت أن تتصدى لواجب الوقوف مع الوجيه منيب عبد ربه في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به، وفي نفس الوقت فإنني أثق أن المريخ العظيم لن يقصِّر. وكانت المرة الثانية التي رأيت فيها الوجيه منيب على الطبيعة في بيته بحي النصر بمدينة كوستي عام 1974م، فقد دعانا لعشاء وكانت دعوة عباسية فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر! ويقولون إنه كانت للوجيه منيب رحلات صيد جنوبكوستي أكثر عباسية من عشاء حي النصر. وأعتذر إن كان في هذا الكلام ما يمس كبرياء الوجيه منيب، وهو لم يطلب مني أن أكتب، وأنا لست من أصحابه ولست حتى من معارفه، فقد رأيته فقط مرتين، لكنني سمعت بالظرف الدقيق الذي يعيشه الآن وإذا بي أكتب عنه رغم أن كل الأضواء مركزة هذه الأيام على الموقف في ليبيا وعلى (عمايل) ملك ملوك إفريقيا، القائد الأممي، العقيد معمر القذافي الذي هو من وجهة نظره ليس رئيساً لكنه يحكم ليبيا حكماً ديكتاتورياً عائلياً فظاً. ولن يندم الوجيه منيب على ما قدمه لكوستي الجميلة، وللمريخ العظيم.