{ أروع ما فيه أنه ابن بلد، لم يخرج من البلد رغم أنه كان متخفياً في أيام الإنقاذ الأولى، إبّان الصراع القوي ما بين النقيضين، فسنوات الصراع الطويلة بين الشيوعيين والإسلاميين كانت حاجزاً دون الالتقاء، فهذا لا يمنع أن نعطي الرجل حقه أبداً، فمحمد إبراهيم نقد رجل أصيل، فبرغم اختلافي معه أيديولوجياً، إلا أني أحترمه جداً، فهو موسوعة بقدر امتداد البلد، وفي زمن صار فيه أمثاله قلة جداً تحسب على أصابع اليد الواحدة. { بيد أني لم أحظَ برؤيته قط في حياتي، لكني كم تمنيت أن أراه، فهو عنصر من أركان هذا البلد العملاق، فليس جديراً به أن يغرد خارج السرب. فليجتمع زعماؤنا في مائدة مستديرة للحوار، وما دام أن الرفيق نقد لم يكن ليعارض تطبيق الشريعة، فإنه فقط يعارض الأشخاص الذين يطبقونها، حسب إفاداته في الحوار الذي أجرته «الأهرام اليوم» في اليومين الماضيين، لأنهم نفعيون طفيليون. فاجتماع الزعماء المستدير في المائدة من أجل محاربة النفعية والطفيلية وما شابه ذلك. { ومادام أن الرئيس البشير قد أعلن قيام مفوضية لمحاربة الفساد، فلماذا لا تكون هذه المفوضية في عضويتها أستاذنا الكريم نقد، حتى نضمن النزاهة ونظافة اليد، ومن باب أولى محاربة النفعية والطفيلية، فأروع ما في الرجل رغم أن عمره قد تجاوز الثمانين، أنه بسيط وواضح، بل وبكل شجاعة أنه وصل إلى ميدان (التحرير)، في حين غاب عنه الآخرون، إنه حضر ولم يجدهم، ما أروع الشعب السوداني، فيه من قياداته مثل قامة نُقُد، ودولة لا تستخدم القوة ضد أفراد المعارضة هي دولة محترمة، خاصةً فيهم مثل نُقُد. { معروف تاريخياً أن نُقُد، لم يكن وزيراً أو حاكماً، فقط أنه دخل البرلمان عدة مرات، آخرها مع صاحبه عز الدين علي عامر - رحمه الله، في آخر ديمقراطية، ربما كان أصدر سياسات وزرائه من الشيوعيين في حقب فائتة، لكن صاحبنا لم يتبوأ منصباً رفيعاً قط، فلماذا لا يصير مستشاراً للرئيس، حتى تجتمع عافية جسد هذا البلد المنهك. نعلم جيداً اختلاف الأيديولوجيا بين الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني، لكن هذا لا يمنع أبداً الإجماع الوطني في بعض القضايا، خاصةً المصيرية والكبيرة منها. { ولا أعرف تفسيراً واحداً بالضبط، في كيفية تعامل المؤتمر الوطني هنا في السودان، مع الحزب الشيوعي الصيني، والشيوعي السوداني بعيد عن هذه الأضواء! رغم أن الشيوعي السوداني حزب عجوز قديم في القارة السمراء، وليس في السودان وشمال شرق أفريقيا فحسب، لهذا فليكن للشيوعي دور في الارتقاء بهذا البلد، لا سيما وأن لمحمد إبراهيم نُقُد من الخبرة والفهم الذي يجعله صاحب رأي في الكثير من الأمور، لا سيما التخطيطية والإستراتيجية، والإسلام قد استفاد من الكافر، دعك من مسلم ولو كان شيوعياً. { «نُقُد»، رمز سوداني أصيل، لا يعرفه الكثيرون ويجهله أغلبنا، ف«نُقُد» يحتاج للتوثيق، ولو في برنامج «أسماء في حياتنا»، ليتنا نتعرف على قامة هذا العملاق، فهو مدرسة متكاملة ولو اختلفنا معه. لم أكن من أنصاره يوماً، لكني أحترم فيه شخصه الكريم، وكم تمنيت أن يدخل القصر، ليس منفرداً ليجلس على كرسي الرئاسة، بل بجانب الرئيس البشير، فيكفي أن «نُقُد» ليس أمثال أولئك الذين دخلوا القصر ثم خرجوا إلى الغابة أو الفنادق المعارضة بدول الجوار. { «نُقُد» شخص أقرب إلى أهل الإيمان، فهو لا يشبه الماركسيين الذين يقولون إن الدين أفيون الشعوب. وليكن الحوار مفتوحاً من أجل صالح هذا المجتمع الكريم الأجواد، وليكن محمد إبراهيم نُقُد أحد أعمدة أركان هذا المجتمع الكريم، حتى نخرج من دوامة عدم الاستقرار هذه، الى بلد آمن مطمئن مستقر. { أطال الله عمر «نُقُد» ونفع به البلاد والعباد.. آمين.