عيادة الباطنية - د. مصطفى سليمان النخيلة المعدة بيت الداْء، كما يتردد عند كثير من الناس.. وهي المحطة الثانية التي تستقبل الطعام عن طريق المريء الذي ينقله من الفم إليها، وهناك صمام للمعدة ذو اتجاه واحد يتحكم في مرور الطعام وإفراز المعدة الحامضي في اتجاه الأمعاء الدقيقة، وتقوم المعدة بإعداد الطعام وخلطه جيداً وقتل الباكتيريا بفعل الحامض الذي تفرزه مع بعض الإنزيمات الهاضمة، ومن ثم تدفعه إلى (الاثني عشر). قد تصاب المعدة كغيرها من أجزاء الجسم بالالتهابات الحادة أو المزمنة، وكذلك الأورام، الحميدة منها والخبيثة. نتناول هنا - أعزائي القراء - الأورام الخبيثة أو ما يُعرف بالسرطان، وهو توالد وتكاثر في الخلايا بصورة كبيرة تفقد الخلايا وظيفتها الأساسية وتقوم بمهاجمة باقي أجزاء الجسم مسببة مشاكل عدة وخللاً في الوظائف. يعتبر سرطان المعدة ثاني أكثر السرطانات - بعد سرطان الرئة - انتشاراً في العالم، ويصيب ويؤدي إلى وفاة أكثر من مليون شخص سنوياً، ووُجد أن بلدان آسيا، مثل اليابان وكوريا والصين، من أكثر الدول إصابة، وبلدان القارة السمراء هي الأقل إصابة، ويرجع ذلك إلى الغذاء والأطعمة التي يتناولها الآسيون، فهم يأكلون الأسماك المملوحة واللحوم والمواد المعلبة والمحفوظة بالملح، ووجد أن هذه اللحوم تحتوي على نترات ونتريد، وتعمل مع باكتيريا حلزونية بالمعدة على سرطنة خلايا المعدة، ولا يتعاطى سكان تلك الدول الفواكه والخضروات كثيراً، علماً بأن هذه الأغذية تحتوي على ألياف كثيرة وفيتامينات (ج) و(أ)، وهي مضادات للأكسدة وتحمي المعدة من السرطان. من الأسباب الأخرى، التي اكتُشف بالدراسات أنها ترفع نسبة الإصابة بسرطان المعدة: التدخين، وتناول الكحول المفرط، أو حتى تناولها بكميات معقولة وعلى مدى طويل، وتوجد بالمعدة باكتيريا حلزونية تسمى (هيلوباكتر بايلوراي)، وهي تزيد نسبة الحموضة في المعدة وتصيب أكثر من 80% من حامليها بالالتهاب المزمن للمعدة، ووجد أن حامليها هم أكثر احتمالاً للإصابة بسرطان المعدة. تناول الأدوية المضادة للحموضة لمدة طويلة كانت مثار جدل في احتمال وجود سرطان بالمعدة، ولكن الدراسات طويلة الأجل نفت تلك النظرية. العوامل الجينية والوراثية أثبتت أن بعض الأسر تحمل قابلية هذا المرض، ووجد أن المرض تزيد نسبته في الرجال اكثر من النساء. للمعدة ثلاثة أجزاء، الجزء العلوي وهو الفؤاد، والجزء الاكبر والأوسط ويسمى الجسم (The body)، والجزء البعيد ويسمى البواب، وهو يصل المعدة بالاثني عشر، وهذه الأجزاء لها صفات نسيجية متميزة، فمنطقة الفؤاد تفرز مخاطاً وتحتوي على خلايا نسيجية، بينما تتكون منطقة البواب من خلايا منتجة للمخاط وخلايا صماء، ويتكون جدار المعدة من أربع طبقات ضمن تجويف المعدة للخارج، تشمل الطبقة المخاطية، والطبقة تحت المخاطية، والطبقة العضلية، والطبقة الصليّة. { أماكن الإصابة لسرطان المعدة حوالي 50% من سرطان المعدة يحدث في الجزء الأسفل، وحوالي 25% يحدث بمنطقة الانحناء الأصغر، وحوالي 10% بمنطقة الفؤاد و10% بمنطقة قاع المعدة وحوالي 3 5% بمنطقة الانحناءة الكبرى. { الأعراض غالباً ما يزور المريض الطبيب متأخراً، لأن الأعراض تبدأ وكأنها أعراض التهاب بالمعدة، أو تماثل أعراض القرحة، فالأعراض المبكرة تكون في شكل عسر للهضم وحموضة وفقدان للشهية، خاصة لأكل اللحوم، وهذه الأعراض قد تؤخر التشخيص وينتشر المرض، وتظهر الأعراض المتأخرة: ألم شديد في أعلى البطن وقيء وإسهال ونقص في الوزن ونزيف بالمعدة يؤدي إلى قيء للدم وخروج دم بالمستقيم في شكل فسحة سوداء لتغيُّر الدم بالأكسدة، مما يؤدي إلى فقر دم حاد ونحول للجسم. { التشخيص: أولاً: فحوصات عامة للدم مع وظائف الكبد والكلى. ثانياً: المنظار للمعدة وأخذ عينة للأنسجة والخلايا وفحصها وتحديد نوعية المرض ودرجته. ثالثاً: الموجات الصوتية للبطن لاكتشاف أي انتشار للخلايا. رابعاً: مسح بالأشعة للجسم لمعرفة إذا كان هناك خلايا منتشرة أم لا. { العلاج: الجراحة هي العلاج الأمثل، وبعد التشخيص الصحيح والتأكد من عدم انتشار المرض يقوم الجراح باستئصال جزئي أو كلي للمعدة مع بعض الأنسجة المحيطة إذا لم ينتشر المرض. أما إذا انتشر المرض فهنا تدخل مرحلة العلاج الكيماوي، ويتعرض المريض لمضاعفات كثيرة، ويكون المرض غير مسيطر عليه، وهناك علاج بالأشعة والعلاج البيولوجي. بعد العلاج الجراحي يمكن للمريض أن يعيش لمدة (5) أعوام وهذا بالنسبة ل 30 50% بالمرحلة الثانية وحوالي 10 25% للمرحلة الثالثة من المرض.