كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدارس الخاصة.. مرة أخرى
نشر في الأهرام اليوم يوم 05 - 04 - 2011

{ زارني أمس عدد من أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد المدارس (الخاصة)، وقد طال بيننا النقاش واختلفنا واتفقنا حول الكثير من النقاط، في ما يلي تعقيبهم على مقالاتنا حول المدارس الخاصة، سأعقب عليه «غداً» إن شاء الله:
{ في وقت ينشغل فيه الإعلام بثورات المصليين في تونس ومصر وليبيا.. «بيت بيت وزنقة زنقة»، نجدكم تفردون مساحتكم اليومية لموضوع مهم من مواضيع التعليم، التي هي جزء أصيل مما يحدث اليوم في العالم العربي الذي تخلف في هذا المجال بسبب ضعف السياسات التعليمية وفشلها في ترجمة الأهداف والقيم إلى سلوك حضاري يمارسه الحاكم والمحكوم.
لا شك أن التعليم قضية عامة، مهمة وخطيرة، ويحتاج إلى مزيد من الرأي والرأي الآخر وعلى كافة المستويات، لا سيما ونحن بين يدي مؤتمر سياسات التعليم الذي يؤطر للعقد أو العقدين القادمين.
{ حول ما أصابنا نحن أصحاب المدارس الخاصة من نقد في مقالكم بتاريخ 28/2/2011م تحت عنوان: (المدارس «الخاصة».. خففوا معاناة الشعب).. فيجب أن نعترف أن الخطأ والصواب عمليتان تلازمان الإنسان على مر العصور والأجيال، والعاقل من ينتقل من خطأ كثيف إلى خطأ لطيف هو صواب عند البعض، فإذا ادعينا أن التعليم الخاص خطأ مطلق نكون قد جافينا الواقع، وإذا ادعينا أنه صواب مطلق نكون قد تجنّينا على الواقع.. والواقع أن التعليم الخاص في حراك مستمر من الخطأ إلى الصواب، والدليل على ذلك ما ذكرته في مقدمة مقالك، وإلا فكيف ينمو التعليم الخاص من (128) مدرسة في العام 1997م إلى (1500) مدرسة في العام 2011م، إلا إذا كان مرغوباً فيه!!
{ إن التصديق الذي يتحصل عليه صاحب المدرسة الخاصة، وبعد مصادقة سبع جهات رسمية، لا يعني شيئاً إذا لم يمنح المجتمع صاحب هذه المدرسة تصديقاً عملياً بالدفع بأبنائه إليها.. وكما أن بعض الأطباء لا يجدون مريضاً في عياداتهم وبعض المحامين لا يجدون موكلاً وبعض الصحف كتابها أكثر من قرائها، فإن بعض المدارس الخاصة لا تجد فيها طلاباً لأن المجتمع صاحب التصديق الأصيل رفض قيامها.. والعكس صحيح!!
{ إن وجود مدرسة خاصة لا يعني أن الدولة خصخصت التعليم الحكومي، فالواقع لم يشهد أبداً تحويل أو بيع مدرسة حكومية للقطاع الخاص، بل العكس تماماً، فإن أعداد المدارس الحكومية في ازدياد مواكب لزيادة السكان في ولاية الخرطوم، وإذا أضفنا زيادة الوعي الذي زاد عدد الأسر التي أصبحت تهتم بتعليم أبنائها نجد ما يفسر الزيادة الكبيرة في الكثافة الفصلية في المدارس الحكومية، الذي هو عيب مع عدة عيوب أخرى تؤدي إلى تدهور العملية التعليمية، حيث نجد أن التعليم الخاص نجح إلى درجة كبيرة في تحقيق قاعدة ربط (25) - (30) طالباً في الفصل.
{ إن الشيوعية انهارت لأنها خالفت الفطرة السليمة وأعدمت الخيارات، فالسوق سوق الدولة، وكذلك أجهزة الإعلام والصحف والملاهي والمدارس والجامعات، كل هذا ملك الدولة، حتى الإنسان، فهو مجرد ترس في دولاب الدولة.. فإن كنا ننادي بالديمقراطية، الديمقراطية التي تنسجم مع الفطرة السليمة، ديمقراطية «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ»، فيجب أن نعلم أن الديمقراطية لا تعني فقط الذهاب إلى صناديق الاقتراع، بل هي سلوك يومي يجب أن نمارسه داخل أحزابنا وأماكن عملنا، في نوادينا وبيوتنا، ونعلمه لأبنائنا في مدارسنا، لأنه من المخجل أن نتشدق بالديمقراطية على المستوى السياسي ولا نحتملها في المستويات الأخرى.
{ من الجيد أن تختار الأسرة ويختار الطالب أي مدرسة يريد أن يلتحق بها حسب مقدرته، فالمدارس الخاصة خيارات متعددة وتختلف رسومها باختلاف الوسط الذي توجد فيه ومستوى الخدمة التي تقدمها، ومن يتطاول ويمد رجليه أطول من لحافه يجب أن ننصحه ليترك (البوبار) والتفاخر الاجتماعي، ومع ذلك فإن في المدارس الخاصة مساحات واسعة لأبناء الشهداء والفقراء والأيتام.
{ إن قيام مدرسة هو مشروع إستراتيجي لا يقل أهمية من (سد مروي) أو النهضة الزراعية، ولحمة وسداة هذه المدرسة المعلم الكفء الذي افتقدناه في فترة الثمانينيات وحتى بداية التسعينيات بسبب الهجرة إلى الخليج، لأن مستوى دخل المعلم كان طارداً من المهنة في ذلك الوقت.. والآن التعليم الخاص يقدم فرصاً جيدة للمعلمين لتحسين أوضاعهم داخل السودان وبين أهلهم، وحتى من سبق وهاجر في تلك الفترة يعود ليجد وظيفة لائقة في التعليم الخاص ويستفيد الوطن من علمه وخبرته، لذلك نجد أن التعليم الخاص يعمل به الآن خمسة عشر ألف معلم ثابت Full time وسبعة آلاف معلم متعاون Part time بالاضافة إلى سبعة آلاف من العاملين، مما يعني أن التعليم الخاص يوفر حوالي (29) ألف فرصة عمل، في وقت يضج فيه العالم من حولنا بسبب البطالة ويحرق البوعزيزي نفسه.
{ كما يوفر التعليم الخاص مئتي ألف مقعد لطلاب وتلاميذ التعليم العام، مما يعني أنه يوفر أكثر من (94) مليار جنيه بالقديم للدولة.
إن من أول شروط قيام مدرسة خاصة، حسب لائحة التعليم الخاص، أن يكون مدير المدرسة (تربوياً) لا تقل سنوات خبرته عن عشر سنوات، ومع أن المجتمع السوداني مازال وسيظل - إن شاء الله - بخير، إلا أن بعض السلوكيات الشاذة تتسرب إلينا عن طريق العولمة، ومن أخطر أجهزة العولمة هذه الموبايل متعدد الخدمات، ولمّا كان طلابنا في التعليم العام في سن المراهقة فهم في خطر كبير لما في هذه الأجهزة من أفلام فاضحة مما يعرضهم للانحراف، وهذا خطر من المستحيل أن تتصدى له المدرسة وحدها، ما لم تشاركها الأسر والإعلام والمجتمع بأسره في دفعه.
فكيف يشتري الأب أو الأم موبايل لأحد الأبناء ثم يقولون له إياك إياك أن تبتل بالماء!! ثم تُلام المدرسة!!
{ أستاذتنا الجليلة «نفيسة المليك» صفحة مضيئة في تاريخ السودان كرائدة من رواد التعليم ورائدة من رائدات الحركة النسائية، وإن ما أصاب مدرستها فهو بسبب أن مدارس أم درمان كانت قبلة لطلاب أمبدة والثورات وجنوب أم درمان، تلك المناطق التي لم تكن بها مدارس ثانوية حكومية حتى التسعينيات، والآن في أمبدة وحدها أكثر من أربعين مدرسة ثانوية حكومية، وكذلك بقية المناطق، وما أصاب مدارس «المليك» أصاب مدارس أم درمان الحكومية، حتى أن المدرسة الأهلية ذهب أكثر من نصف مساحتها لجامعة الزعيم الأزهري.
{ إن تاريخ أم درمان لم يتوقف في عصرها الذهبي، حيث كان سكانها جميعاً يتعارفون ويتزاورون في الأفراح والأتراح، فأمدرمان الألفية الثالثة من الصعب فيها أن يتواصل الجار مع ثلاثة من جيرانه، فلأستاذتنا نفيسة المليك ورفاقها الأجلاء «فؤاد التوم»، والسراج» و«معروف»، لهم جميعاً الحب والود والعتبى حتى يرضوا.
{ إن التعليم الخاص لم ولن يصفي التعليم الحكومي، لكنه في ظل الخيارات الديمقراطية والمنافسة الشريفة سيظل مهمازاً لحفز العملية التعليمية في مضمار الترقي وتجويد الوسائل والأدوات لترجمة القيم والأهداف إلى سلوك، ويستفيد المواطن الذي يسعى الجميع إلى إرضائه وإقناعه في إيجاد خدمة تعليمية تليق به وبإرثه الثقافي والاجتماعي.
حسن أحمد علي طه
رئيس اتحاد المدارس الخاصة - الخرطوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.