يبدو أن مشروع الجزيرة والمناقل قد كُتِب له عدم الانطلاق بالرغم من البرنامج الإسعافي الذي وُضِع للأعوام (2011 2013) والذي ركز على مشروع الجزيرة ودوره في سد النقص الخاص بالإيرادات وسياسة الإحلال للإيرادات البديلة .. هذا البرنامج كان أهم مرتكزاته الجزيرة .. ولكن للأسف الشديد لا أظن أن هذا المشروع سيُحقِّق ذلك بل (سيخذل) وزارة المالية والجهات التي وضعت البرنامج الإسعافي لأن المشاكل التي تُحيط به من كل الاتجاهات ستُقْعده وتشُلّه عن العمل الزراعي (ليندلق) إلى اتجاه حل المشاكل ليجد أن الموسم قد تجاوزه وأن الزراعة التي تعتبر (مواقيت) قد انتهى وقتها وذلك بالرغم من الفرحة التي أطلّت على جميع مُحبي المشروع بعد أن وضعت خطة تأشيرية أُعلنت عبر مؤتمر صحافي في مكتب الجزيرة بالخرطوم (2) وخرج الجميع فرحين بأن المشروع سيخرج من كبوته وستعود إليه سيرته الأولى. ولكن يبدو أن الدعوات عليه من قِبل مُلاّك الأرض قد أرجعته للوراء لأن الظلم ظُلمات يوم القيامة. الآن الموسم الصيفي (2011 2012) على الأبواب فبدلاً من الاستعداد القوي له، نجد الصراعات تحده ليخرج مدير المشروع المهندس صديق عيسى بعد أن بشَّر بخطته التأشيرية والتي استهدفت التوسُّع في زراعة محصول القطن وإدخال عائد سنوي للمزارع في حدود (30) ألف جنيه في العام وتحقيق دخل قومي في حدود (700) مليون دولار والمساهمة في الأمن الغذائي وسوق العمالة والاستثمار بمبلغ (1.6) مليار جنيه سوداني والمساهمة في الأمن الغذائي من الحبوب بعدد (675) ألف طن ذرة و(472) ألف طن قمح و(328) ألف طن بذرة قطن و(400) ألف طن فول سوداني. هذه الخطة جاءت وفقاً لتوجيهات رئيس الجمهورية باهتمام الدولة بمشروع الجزيرة حتى يصبح مشروعاً إنتاجياً. فالسؤال الذي يفرض نفسه ما هي المصلحة وراء تدمير مشروع الجزيرة ونحن نعاني (ويلات) خروج النفط من دعم الإيرادات ونعوِّل كثيراً على الزراعة وهذا المشروع (العملاق)؟ هل هو قانون مشروع الجزيرة للعام (2005)؟ فهذا القانون قد أعطى الحق لمجلس إدارة المشروع أن يختار المدير العام كما أعطاه الحق في الاستغناء عن خدماته إذا رأى ذلك حتى وإن كان الموسم على الأبواب.. فلايهم طالما أن المجلس قد قرّر الاستغناء عنه. فالقانون هو الذي أقعد المشروع وتحوّلت في عهده الأراضي المزروعة إلى محاصيل هامشية (لاتُسمن ولاتُغني من جوع) وذلك في ظل الحرية المطلقة للمزارع في اختياره التركيبة المحصولية. أعطاه الحق في زراعة (الكبكبي) و(العدسية) و(الطماطم) و(البصل) وتنازل المشروع كرهاً عن زراعة المحاصيل الإستراتيجية ذات العائد الكبير المجزي (لنتسوّل) بعد أن تحررنا من (التسوُّل) .. نعم نتسوّل ونستورد القمح بعد انخفاض الإنتاجية. وانخفاضها جعل المخابز ترفع أسعار الخبز في ظل الارتفاع العالي لأسعار القمح .. فنحن لم نستفد من الارتفاع العالمي في أسعار القمح والقطن لأن إنتاجنا كان (صفراً) .. فلم نستفد من فرص نقص الغذاء العالمي لندخل الأسواق العالمية بقوة، ولم نتحسّب للأسعار العالمية المرتفعة ونزيد من الرقعة الزراعية.. فدكتور عابدين محمد مدير الأقطان يُبشِّر مزارعي الجزيرة ويقول لو زرعنا موسم (2011 2012) (350) ألف فدان قطن سنحصل على (400) مليون دولار فقط من مشروع الجزيرة بالسعر المتوقع عالمياً بالإضافة إلى توفير (40) ألف طن زيت بذرة قطن والتي تُعادل ثلث الاحتياج من الزيوت. فالخطة التي وُضعت ستتلاشى في ظل الصراعات فعلى الدولة التدخل الفوري السريع لإنقاذ المشروع وحل مجلس الإدارة وتعديل قانون مشروع الجزيرة أو إلغائه نهائياً لأن التجربة الماثلة أمامنا الآن والتي تسبب فيها القانون ومجلس الإدارة بطريقة أو بأخرى هي التي أقعدت بالمشروع وحوّلته من مسيرته الزراعية الإنتاجية إلى (مسار) آخر لم نعرف له مسمى. أنقذوه سادتي.. قبل بداية الموسم ليدخل الموسم بثوب جديد وحُلّة زاهية بعد أن نُرجع الحق لأهله ونُعيد للمُلاّك حقهم فربما يكون دعاؤهم كما أشرنا هو السبب في كل ما يحدث له!!