ثار عدد من الشعراء بأم درمان الثلاثاء الماضي وكادوا يخرجون في مسيرة سلمية، وذهب البعض منهم للمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية والشرر يتطاير من أعينهم، بعد أن سرت شائعات قوية ومؤكدة ومسنودة بأن لجنة تعديل قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة قد أضافت فقرة في القانون ليصبح للمطرب «الفنان» حق أصيل عوضاً عن الحق المجاور الذي يتمتع به الآن، وقال الشعراء اسحق الحلنقي، أبو قرون عبدالله أبو قرون، جلال حمدون، سعادة عبدالرحمن، صلاح شلقامي، محمد الخير الشامي، والطيب أبو عوة بأن إعطاء المطرب حقا أصيلا يعتبر تعديلاً ظالماً ومجحفاً يمهد للاحتكارية التي لا يمكن فكها إلا بعد مضي خمسين عاماً من موته، وهو في الأصل لم يكتب النص ولم يلحنه، فبأي حق يصبح صاحب حق أصيل؟ وأضافوا: لن نرضي بهذا أبداً. فيما ذهب رئيس اتحاد شعراء الأغنية محمد يوسف موسى وقابل الأمين العام للمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية لاستجلاء الأمر، وذكر مصدر ل «الأهرام اليوم» أن ملابسات الأمر الذي سماه الشعراء من بعد ب «كذبة أبريل» تعود الى جلسة من جلسات تعديل القانون، حين قال مطرب كبير للجنة: «من المحزن أن يرحل المطربون ويتركون أسرهم وورثتهم دون معين بعد أن قدموا بأصواتهم العذبة روائع الغناء السوداني»، ووضع الراحل الجابري مثالاً وطالب بأن ينالوا الحق الأصيل بدلاً عن الحق المجاور حتى يتوالى دخول «الدراهم» إلى بيوت أهاليهم عقب رحيلهم. ولكن أحد القانونيين باللجنة أقنعه بصعوبة التعديل إن لم يكن مستحيلاً. «الأهرام اليوم» دخلت مكتب الأمين العام للمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية الأستاذة هالة قاسم علي لاستجلاء الأمر، فقالت: بعد أن انضم السودان لاتفاقية بيرن عام 2000م وأصبح بموجبها عضواً بالاتحاد الدولي لحماية الأعمال الأدبية والفنية، أوفدت المنظمة العالمية للملكية الفكرية في عام 2003م وفداً رفيع المستوى زار السودان وأوصى بأن يعدل قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة 1996م ليتماشى مع اتفاقية «بيرن» واتفاقية «كربس»، وهي أحد ملاحق اتفاقية التجارة الدولية وتعنى بالملكية الفكرية والعديد من الاتفاقيات التي سينضم اليها السودان لاحقاً في مجال حقوق التأليف. كما رأى الوفد بأن هناك ثغرات في قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة ولابد من تعديلها. وبعد رجوع الوفد أرسلت المنظمة الدكتور فيكتور نبهان الخبير في مجال الإصلاح التشريعي بالمنظمة وكونت لجنة بوزارة الثقافة ضمن خبراء منهم الأستاذ بابكر حنين، أمين أحمد السيد، عثمان عبدالرحمن وخبراء من وزارة العدل، وقامت هذه اللجنة التي ضمت الخبير «حكيم توصار» بإعداد مسودة لمشروع قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة المعدل. ومشروع القانون ضمَّ فصلاً خاصاً بحماية الفلكلور وآخر بإنشاء جمعيات الإدارة الجماعية للحقوق وفصلاً خاصاً بالتحكيم وتسوية النزاعات وآخر بحق التتبع، وهذا بالنسبة للوحات التشكيلية، وعالج الثغرات القانونية. فأصبح بعد التعديل هو مشروع القانون الذي تتم مناقشته الآن في اجتماعات القطاع بمجلس الوزراء وسيعرض على رئيس وأعضاء مجلس المصنفات الأدبية وعلى كافة أصحاب الحقوق والحقوق المجاورة والمهتمين قبل اعتماده بشكل نهائي. عليه ليس هناك مبرر لهذا الخوف والثورة التي انتظمت معاقل الشعراء. وأضافت: ما يدور ما هو إلا محض إشاعات لا ندري من أطلقها. وبمراجعة القانون بمجلس الوزراء عبر لجنة قانونية لا يوجد فيه ما ينص صراحة أو تلميحاً بأن أصحاب الحقوق المجاورة سيصبحون أصحاب حق أصيل بعد إجازة القانون.. هذا لن يحدث أبداً.