حمّل القيادي السياسي المنحدر من قبيلة المسيرية؛ عبد الرسول النور، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مسؤولية كل صراع أبيي، واعتبر أن قانون استفتاء أبيي المجاز من البرلمان مؤامرة دبرها الشريكان لاستهداف المسيرية وتمرير الانتخابات. وقال إن «الوطني» خدعته «الحركة» بإظهارها روح الوقوف مع الوحدة فوافق على بروتوكول أبيي، وعاب النور على الحكومة تعاملها مع قضية أبيي على أنها شأن يخص المسيرية فقط. وقال: (عند الحديث عن المشاكل يقولون مشاكل المسيرية، وعند الحديث عن بترول أبيي يقولون بترول السودان!). وقال: (هل نتركهم يأكلون عسل أبيي ويتركون لنا النحل يلدغنا؟)، وأشار إلى غضب وعتب المسيرية على ذلك، واستنجد بالسودان الشمالي لمساندة المسيرية وحماية حزام التماس.. تفاصيل حديث عبد الرسول تجدها في هذا الحوار، الذي بدأ في مفتتحه محبطاً وهو يقول: «تحدثنا عن أبيي كثيراً وقلنا كل شيء..»!! { الوضع الآن في أبيي كيف هو؟ أنا قبل أن أجيب على هذا السؤال أقول: في سنة 1958م عندما أرادت مصر أن تضم حلايب، السودانيون زحفوا من دارفور ومن كردفان ومن كسلا، و..... ومن الجنوب... و... إلخ، (كل واحد شايل فأسه أو فراره ماشي حلايب). في هذه المرة بعدما أخذ المصريون حلايب هل هناك (واحد اتكلّم؟).. تركوا البشاريين وناس الشرق فقط! هذه الحكومات قتلت الروح الوطنية عند الناس.. (زمان، آباؤنا كل زول ركب حماره وركب حصانه وحمل زوادته وذهب إلى حلايب، من الجنينة والمجلد ومن كسلا والقضارف والروصيرص و... إلخ، كلهم ذاهبون إلى حلايب. (زمان تقول حلايب السودان كله يقيف.. اليوم تقول حلايب ناس بورتسودان إمكن ما يقوموا معاك)..! ما الذي قتل الروح الوطنية؟! (الكتل الروح الوطنية شنو؟!). { هذا سؤال كبير.. هذا سؤال كبير.. أنا أعتقد أنه على صحيفة «الأهرام اليوم» أن تتحدث عنه، السودانيون الآن لا يشعرون بما يجري في دارفور، يعتبرون أن ما يجري في دارفور شأن يخص أهل دارفور، وأن ما يجري في الشرق يخص أهل الشرق وما يجري في حزام التماس يخص ناس التماس، كيف نحوّل الإحساس من إحساس قبلي إلى إحساس قومي؟ والناس يأتون إلينا من حلفا يقعدوا معنا في الحزام هنا، لأن هذه هي حدود السودان، من الذي يحمي حدود السودان؟ هذا هو السؤال. { الوضع الآن في أبيي..؟ والله الوضع كالآتي: الإدارة الموجودة في أبيي برئاسة دينق أروب كوال منحازة للحركة الشعبية (1000%). { هيكلة الإدارة؟ مكونة من الرئيس وهو من الحركة الشعبية، ونائبه من المؤتمر الوطني، المؤتمر الوطني حصته (40%) قسمها بين المسيرية والدينكا الأعضاء في المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية حصتها (60%) أعطتها كلها للدينكا، (ولم تُعيّن ولا مسيري وحد)! هذه هي الإدارة، إدارة منحازة، قوات الحركة الشعبية لم تدخل أبيي ولم تتجاوز بحر العرب شمالاً إلا بعد اتفاقية السلام، دخلت وهي الآن تخلق مشاكل مع الرعاة وتمنعهم من الوصول إلى الماء والمرعى في موارد المياه في الرقبة الزرقاء وفي غيرها من المواقع، وتتحرش بالرعاة وبمواشيهم، وحدثت الكثير من الاحتكاكات، منذ شهر أكتوبر وحتى الآن حدث ما لا يقل عن (6) أو (7) احتكاكات رئيسية، مات فيها عدد كبير من الناس، هذه الاحتكاكات حدثت بين رعاة المسيرية والجيش الشعبي وهذا أيضاً أعطى الانطباع بأن قبيلة المسيرية مسؤولة عن حماية أراضيها ومواطنيها، وهذا غير صحيح. { في تقديرك.. انتخابات جنوب كردفان هل ستُحدث انفراجاً في أزمة أبيي أم ستزيدها تأزُّماً؟ أنا كنت أرى أن الانتخابات كان يجب ألا تؤجّل عن الانتخابات العامة، وبعدما تمّ تأجيلها وحدث الانفصال. كنت أرى أن لا تُجرى انتخابات بل يتم توافق في هذه المنطقة بين الشريكين إلى نهاية الفترة الانتقالية. الآن الانتخابات جرت في أجواء استقطابية بمعنى أن الحركة تشعر بأنه في يوم (8/7) سيُعلن الاستقلال الكامل لدولتهم، وبالتالي وطالما جرت انتخابات هم يريدون أن يحققوا أكبر نجاح لهم في جنوب كردفان ليكسبوها مثلما كسبوا ولاية النيل الأزرق في الانتخابات، والوالي أصبح من الحركة الشعبية. هم يريدون أن يكون والي جنوب كردفان أيضاً منهم لتكون هذه خطوة ثانية. الخطوات مُخططة وهم يريدون أن يساندوا مسلحي دارفور ويساندوا أي تحركات في هاتين الولايتين؛ ولاية النيل الأزرق وولاية جنوب كردفان، ويحاولون فرض أمر واقع على أبيي، وبالتالي يكونون قد أضافوا مساحة من الشمال تساوي نصف مساحة الجنوب كله. { هذا في حال أن «الحركة» كسبت الانتخابات.. هذا سواء أكسبتها أم لم تكسبها، الآن حسب ما ذكرت الأخبار في الصحف هم أدخلوا عدداً كبيراً جداً من المسلحين. { إذن، الانتخابات لن تُحدث انفراجاً في أزمة هذه المناطق؟ لا، أبداً.. أنا أعتقد أنها ستعقّد الأمور، الانتخابات كانت قراراً غير موفّق ونأمل ألا تتسبب في تعقيد المشكلات التي هي أساساً معقدة. { بالرغم من الكلام الكثير الذي بذلتموه، الحركة الشعبية مُصرة على موقفها، وآخر خطوة لها كانت إيرادها في الدستور أن أبيي جنوبية. طبعاً هذا كان قراراً غير موفق، لأنه أساساً الجنوب لم يأخذ استقلاله بالقوة، أخذه بالاتفاقية، وإذا هم خرقوا الاتفاقية فمعنى ذلك أن الناس لن يعترفوا باستقلال الجنوب، ونحن في حزام الحدود عدم اعترافنا باستقلال الجنوب واعتبارنا أن المنطقة منطقة محتلة... { مقاطعة: يعني ستعود الحرب...؟ هي ستعتبر منطقة محتلة بالقوة، إذا جرى استفتاء سنعترف بنتيجة الاستفتاء مثلما اعترفنا بنتيجة استفتاء الجنوب. وإذا تمّ ضمها بالقوة خارج إطار إعلان مبادئ إيقاد وبروتوكول مشاكوس الإطاري وبروتوكول أبيي الذي حدّد أنها شمالية إلى أن يقرر أهلها أين تكون، إذا ضموها بالقوة نحن سنعتبر أن هذا احتلال، وطالما هو احتلال الناس يشوفوا كل الوسائل الممكنة لتحرير المناطق المحتلة. { هذا ليس حلاً.. هذه مشكلة جديدة. مشكلة جديدة نعم، طيّب، أليس في إمكان السودان الشمالي أن يقول في دستوره إن الرنك وراجا شماليتان؟ { أتيم قرنق قال لماذا الاعتراض على ضم أبيي للجنوب في الدستور، من الممكن للسودان الشمالي أن يقول في دستوره إن أبيي شمالية.. وخلاص! رد بسرعة قال: لا.. لا..لا.. هو أساساً (ما كل زول بقول وخلاص).. هناك بروتوكول يحكم، البروتوكول ماذا يقول؟ البروتوكول يقول إن أبيي منطقة شمالية تتبع لرئاسة الجمهورية إلى أن يحدد أهلها في استفتاء حر هل هي مع الشمال أم مع الجنوب. هذا هو البروتوكول، إذا هو قرر أن يلغي البروتوكول ممكن نلغي البروتوكولات كُلها..! { في تقديرك.. هل أبيي ستكون سبباً في عودة الحرب؟ أنا لا أعتقد أن أبيي ستكون سبباً في عودة الحرب، لأنه من الأشياء التي يجب علينا أن نشيد بها أن الأحزاب الجنوبية اعترضت على إيراد منطقة أبيي في دستور الجنوب، الأحزاب الجنوبية كلها ما عدا الحركة الشعبية.. وهذه الأحزاب قوى مهمة، صحيح الحركة الشعبية قوة مسلحة وعندها أموال لكن هذه الأحزاب الجنوبية أحزاب عريقة ولها رأي، ونحن نحترمه فيها جداً ونحيي هذا الموقف الذي وقفته هذه الأحزاب الجنوبية. { لكن أنا قرأت لها تصريحاً في الصحف قبل فترة قد يصيبك بالإحباط.. هذه الأحزاب قالت نحن معترضون على تضمين أبيي في الدستور لكن لو «الحركة» أصرت على موقفها سنقبل بالأمر الواقع.. «لا.. ما هو الأمر الواقع دا..» هذه بعضها.. وهذا كله تحت ضغوط أبناء دينكا نقوك الذين يقودون الجنوب الآن، فإذا لم يرد في الدستور أن أبيي جنوبية كل هؤلاء القيادات سيجدون أنفسهم شماليين يتبعون لأبيي، وحتى الرئيس البشير نفسه قال إن نواب أبيي في البرلمان لن تسقط عضويتهم باعتبارهم شماليين حسب بروتوكول أبيي. { أين الحل في تقديرك؟ الحل أن نعتمد حدود 1/1/1956م، سداً للذرائع. حدود 1/1 كما جاء في مبادئ إيقاد وفي بروتوكول مشاكوس الإطاري، وتُحل مطالب دينكا نقوك داخل الدولة الشمالية. { ويُلغى بروتوكول أبيي؟ (بروتوكول أبيي لازم نلغيهو طبعاً.. لأنه في يوم 9/7 الاتفاقية ستكون انتهت).