يؤكد الكثيرون أن معدل الجمال لدى فتياتنا السودانيات قد ارتفع، لا سيما أولئك المغتربين الذين يعودون إلى البلاد بعد فترات غياب طويلة ليجدوا أن الكثير من الأشياء قد تحول وتغير، فهم يشعرون بالفروقات التي تطرأ على المباني والمعاني والشوارع والقيم أكثر منا نحن، أهل الداخل، الذين نعايش التفاصيل ولكننا لا نستشعر الأبعاد، كونها تمر فوق رؤوسنا. أما كيف ولماذا ارتفع معدل الجمال السوداني، فهذا قطعاً بسبب الانفتاح الإعلامي والاقتصادي والغزو الإلكتروني الذي اجتاح كل العالم، والمراقب سيكتشف أن معدل الجمال، أو إن شئتم الدقة التجمل، قد ارتفع في معظم دول العالم النامية والمتحضرة، فقد ساهمت الفضائيات في تعليم البنات كيفية التأنق والتبرج ومتابعة تفاصيل الموضة والتعرف على مستحضرات التجميل وآخر موديلات الأزياء وتصفيف الشعر، وكل ما يحسبنه يعمل على تحسين مظهرهن ويجعله جاذباً وجميلاً، ملفتاً ومثيراً في أحايين كثيرة. ولكن يبقى كل ذلك للاستعمال الخارجي فقط، تماماً كتلك الكريمات والخلطات التي في الغالب لا يعرفن مصدرها ولا محتوياتها، وكل ما يعنيهن منها هو قدرتها على تفتيح لون البشرة أو تنعيمها، وبعضها يعمل على التنحيف والتخسيس والشد وغيرها من مصطلحات الجمال الخارجي الذي أصبح واقعاً معاشاً وتجارة رابحة وضرورة لكل البنات، تفرد له الميزانيات ويساهم أولياء الأمور في دعمهن لأجل زينتهن وجمالهن، عساهن يظفرن بعريس عاجل فيريح آباءهن من همهن ومعدل صرفهن الزائد في بند الجمال هذا. فهل بإمكان شركات التجميل هذه مشكورة أن تركّب لنا مستحضراً للجمال الداخلي؟ بحيث تصبح فتياتنا أجمل روحاً وأرق طبعاً وأكثر احتراماً والتزاماً ومسؤولية؟! فبعض فتياتنا يعانين من (الفجور) الذي يبدو واضحاً في مظهرهن وجمالهن الصارخ المزعج للعين والخاطر.. وحتى لا أقع في مطب التعميم فإن الحقيقة تؤكد وجود العديد من النماذج المحتشمة من الفتيات اللائي يتسمن بالجمال الهادئ الوقور والمظهر المريح للعين الذي يسر القلب، وهذا لا يمنع أنهن يستخدمن تلك المستحضرات، ولكن في حدود المعقول، ونحن لا نطالب بمقاطعة مستحضرات وكريمات التجميل، فهذا سيكون ضرباً من السذاجة، فلم نعد كنساء نستغني عن تلك المستلزمات التجميلية، ولكننا نرجو أن يكون ذلك في إطار التجميل الملتزم بعيداً عن التشويه والصرعات والألوان البشعة وما يدخل في تغيير الخلقة الربانية التي جاءت في أحسن تقويم. ونعلم رغم كل الدراسات والإرشادات الطبية التي أشارت إلى أضرار العديد من تلك المستحضرات التي أعدت للاستعمال الخارجي فقط، أن التراجع عنها بات مستحيلاً، إذ أن بعضهن بلغن حد الإدمان، حتى أنهن يصرحن بمعاناتهن من ارتفاع أسعار تلك السلع، وأحسب أن التجار قد بدأوا في استغلال إدمان الفتيات وإقبالهن على تلك المستحضرات، حتى أن العديد من الأسماء قد أصبحت مشهورة في عالم التجميل بوصفات ما أنزل الله بها من سلطان، وما عاد الحديث عن التشوهات والسرطانات يجد أذناً صاغية، ولكننا نتمنى من الله أن ينعم على فتياتنا بالمزيد من الجمال الداخلي والخارجي، ويكفيهن شر الألوان العجيبة والأشكال الغريبة. { تلويح: سر جمالك.. في ابتسامتك وكلامك الطيب وتهذيبك.