{ زوجي يحب المطربة اللبنانية «أليسا»!، أو إن شئتم الدقة معجب بها، تستهويه أغانيها، ويتابع خصلاتها المتلفزة باهتمام. وقد روّضت نفسي على ألا أنزعج للأمر، فهو حتماً لن يتجاوز حدود المشاهدة التلفزيونية، لأن المنطق يؤكد استحالة أن يجمعهما جامع ما لم تكن صدفة سعيدة جداً منحها له القدر يوماً ما بالمشيئة الإلهية وبطريقة ما، فليحبها إذن كما يشاء وبلا أمل. { وهذا يقودي للحديث عن مأساة بعض الزوجات مع نجمات الفضائيات، فالمفارقة حتماً لا تأتي في صالحنا أبداً، من حيث الشكل ومعدلات الجمال والأناقة. أما المضمون فهو قد لا يعني أزواجنا كثيراً في اللحظة التي تطل فيها «هيفاء وهبي» أو «ليلى علوي» وأخيراً التركية «سمر» عبر الشاشة، لأن الواحد منهم يفقد حينها المنطق تماماً ويتوقف تفكيره فقط عند حدود حظه العاثر الذي ألقى به في هذه البلاد وكتب عليه هذه الزوجة، وبعدها ستلاحظين إما سيفرغ صدره من الهواء الساخن في تنهيدة حرى، أو أنه سيتمتم مستغفراً الله سائلاً إياه أن يجيره في محنته ويخلف له خيراً منها. وفي الحالتين «نحن ضائعات.. ضائعات». { والواحدة منا بالمقابل إما أن تكون حكيمة وتدعي اللامبالاة وهي تتلظى في غيظها، وإما أن تنفجر بفعل إحساسها غير المنطقي بالغيرة والدونية وتُشعل ثورة نسائية داخل بيتها غير محمودة العواقب، لا سيما أن الزوج يعتقد أن الأمر لا يستحق كل ذلك وأنه حق إنساني مكفول له لا يتعارض مع كونه زوجاً ولا يجوز لزوجته أن تحتج على إعجابه أو تفضيله لنجمة ما طالما لا زال هو ينعم عليها بإبقائها في ذمته ويحتمل كل الفوارق الجينية بينها وبينهن. هذه الفوارق نفسها تظل هاجساً لكل زوجة تعقد المقارنات بينها وبين نساء الفضائيات بمختلف مواهبهن ومؤهلاتهن. فهل هذه سذاجة منا أم أننا على صواب؟ { إن هذا الفضاء المفتوح وبالٌ على الحياة الزوجية، فهو إما يشغل النساء عن القيام بمهامهن المنزلية كما يجب، وإما يفجر مثل هذه الخلافات. والشاهد أن نساءنا في المنازل يضبطن ساعتهن البيلوجية والرقمية وفق ما يحرصن على متابعته على الشاشات. وبهذا تنقسم تفاصيلهن اليومية إلا ما قبل «العشق الممنوع» مثلاً وما بعده. ولهن مع هذا «المهند» أيضاً حكايات قد لا تسر أي زوج. وليس ببعيد ما كنا نسمعه من أزمات زوجية بفعله إبان عرض مسلسله الأشهر «نور»، أما الآن فربما اعتدنا نسبياً على وجوده معنا داخل بيوتنا، مثلما قبلنا أن نرضخ صاغرين لسطوة الأتراك الفضائية على عالمنا التي لو علم بها «الدفتردار» في زمانه لوفر على نفسه مشقة حملاته الانتقامية، فقد انتقم أحفاده منا كما يجب واتخذونا تبعاً لهم ومتابعين. { إذن، إن لم تكن لديكم القدرة كثنائي على استيعاب الفرق الجوهري بين ما نراه على الشاشة وما نحياه فعلياً، فمن الأفضل لكم أن تتخلصوا من جهازكم المرئي اللعين هذا أو تسدوا أبواب الريح تماماً. فواقعنا الاجتماعي والديني وحتى جيناتنا الوراثية تختلف عن هؤلاء الذين نلاحق وجوههم عبر الشاشات، والذين أرجو ألا تقحموهم في حياتكم أكثر من اللازم، فلا يموت أحدكم كمداً لأن زوجته لا تجيد التعامل معه مثلما تفعل السوريات مع أزواجهن، ولا تتحسر إحداكن لأن زوجها لا يحتمل طيشها ويصبر على دلالها كما فعل «عدنان ياكيل» في (العشق الممنوع)، فهؤلاء قد خلقوا لواقع غير واقعنا ونحن فينا أيضاً من المزايا ما لا نراه، غير أني بأي حال لا أتمنى أن يصبح زوجي يوماً مثل هذا «العدنان السجمان». { تلويح: (خد بالك عليّ.. دي مش معاملة تعاملني بيها)، إنها إحدى عبارات «أليسا» الشهيرة التي أستخدمها أحياناً للتأثير على... زوجي.