تورط بعض من الأجانب مؤخراً فى جرائم السرقة والنهب والتزوير وحتى الجرائم الجنائية فى السودان يفتح الباب واسعاً أمام ظاهرة توافدهم بهذه الكميات الكبيرة لأن الظاهرة صارت محيرة وبدأت تلفت انتباه المواطنين وتعطيهم إحساساً بعدم الطمأنينة لهذا التواجد المهول والجميع فى انتظار الجهات المسؤولة لتجيب على الأسئلة التى تدور فى مخيلتهم وتبرر لهم هذا الزحف غير المسبوق من قبل بعض الشعوب تجاه السودان. الأجانب الذين دخلوا إلى السودان بطرق شرعية وغير شرعية فى محاولة منهم لتحسين أوضاعهم بعد أن ضاقت بهم بلادهم وهذا أمر مفهوم إذا ما وضعنا فى الاعتبار هجرة السودانيين وغيرهم من الشعوب إلى معظم دول العالم ذات الاقتصاد المنتعش لنفس الأسباب وهو أمر مشروع، لكن ما يجعل الأمر مقلقاً فى السودان هو تزايد معدلات هذه الهجرة بكميات غير مسبوقة، خصوصاً إذا كنا متيقنين أن السودان ليس من تلك الدول التى تمتلك المقدرات كى تتحمل كل هؤلاء الوافدين من الجوار الإفريقي وغيره، مما يجعل هنالك صعوبة فى توفير فرص حقيقية لكل هذه الأاعداد التى أراهن على أنها تعتبر الأكبر فى تاريخ السودان. أحياء الخرطوم القاصية والدانية باتت تكتظ بكميات مهولة من المتكدسين داخل غرف ومنازل صغيرة وقد تجد فى بعض الأحيان العشرات داخل غرفة واحدة، بل إنهم اتجهوا أيضاً إلى الولايات. صارت الشوارع فى الخرطوم تمتلئ بهم والمواصلات العامة تكتظ بكميات كبيرة منهم والأسواق يتواجدون فيها بصورة مرعبة، بائعات الشاى صرن أجانب، والعاملات فى المطاعم كذلك، وعاملات المنازل وسائقو الركشات، عمال البنايات والسباكة، كل شيء من حول المواطنين بات بنكهة أجنبية، فهل الأمر يدفع من عجلة اقتصاد السودان ويجعله يقفز إلى مصاف الدول الكبرى؟! أم أن هذا الأمر يزيد من الأحوال الاقتصادية صعوبة؟ الوضع الاقتصادى أصلا متدهور ولا يمكن للمسألة أن تكون دليلاً على انتعاش الاقتصاد السودانى والبطالة من المواطنين منتشرون على قارعة الطرقات يتفرجون على الذين جاءوا من دولهم ليزاحموهم فى أعمالهم!! تغول الأجانب وتمكنهم من أمور كثيرة بقصد وبدون قصد وتعودهم على البلاد التى أعطتهم مطلق الحرية فى التنقل جعلت بعضهم يلجأون مؤخراً إلى الجريمة لزيادة دخلهم ومحاولة الهجرة إلى أوروبا فى وقت قصير، فالكثير منهم يعتبر السودان محطة مهمة لتحقيق أحلامهم بالهجرة إلى دول العالم الأول لذلك دخلوا إلى عالم الجريمة من أوسع أبوابها.. من يصدق أن الأجانب نافسوا بعض المواطنين في (اللصوصية)، فأضحى (زوّار الفجر) منهم!! هو أمر مدهش وجرأة مذهلة لا يحسدون عليها. ليس هذا فحسب فهنالك الكثير من القضايا التى نطالعها عبر الصحف ونراها فى الواقع ومؤخراً تخصص بعضهم فى سرقة السيارات والمحلات، وهذه الفئة بالرغم من أنها لا تمثل شعوبها المثابرة والمتسامحة، لكنها تزيد من مخاوف المواطن مع تزايدها وانتشارها بصورة كبيرة فى الآونة الأخيرة، خصوصاً فى الخرطوم. من المؤكد أن علاقات السودان مع دول الأشقاء الوافدين والمهاجرين (الشرعيين وغير الشرعيين) هى علاقات ممتدة منذ سنوات طويلة ذات جذور راسخة، لكن ما يحدث الآن هو أمر مرفوض تماماً لأنه بات يهدد المواطنين فى كثير من أمورهم المعيشية والأامنية، المد الأجنبي الذى يحدث الآن فى السودان هو قضية لا بد أن تجد من يتصدى لها من المسؤولين بمحاولة تنظيم هذه الهجرة بطريقة سليمة يكون شعارها الانحياز للمواطن قبل كل شيء، وعلى الرغم من أن هذه القضية تناولتها الكثير من المنابر والوسائط الإعلامية إلا أنها لم تجد من يهتم بها ودخلت كغيرها من القضايا فى دائرة القضايا المهملة والمنسية والمعلقة، فالتدفق لا يزال مستمراً إلى الآن، حتى القاصرين والأطفال ومن الجنسين يدخلون إلى السودان وبمفردهم بكميات لا حصر لها وهو أمر مستغرب، فكيف يمر هؤلاء حتى يصلون إلى قلب العاصمة؟ هذا يعنى أن هنالك ثغرات كبيرة فى النواحى التأمينية وهنالك فوضى ضاربة فى مكاتب الاستخدام التى لا تجد حسيباً أو رقيباً من الدولة وربما هناك تراخٍ فى الرقابة الحدودية التى يأتى عبرها المئات دون أن يجدوا من يتصدى لهم فى أغلب الحالات. نكن لجوارنا ولكل الشعوب الوافدة كل المشاعر الطيبة لكن هذا لا يعنى مطلقاً الفوضى التي تتهدد بموجبها سلامة بعضهم وأمن المواطنين ومزاحمتهم فى كل شيء و(المواطن أصلاً ما ناقص)..!!